مسيرة الحسين , ثورة في الاصلاح

في البداية , نريد ان نستذكر مقطعاً من حديث الكساء , عندما هبط الأمين جبرائيل , على سيد الخلق المرسلين , قال السلام عليك يا رسول الله العلي الأعلى يُقرئك السلام ، ويخصك بالتحية والإكرام , ويقول لك وعزتي وجلالي , أني ما خلقت سماءاً مبنية , ولا أرضاً مدحية , ولا قمراً منيراً ولا شمسا مضيئة ولا فلكا يدور ولا بحرا يجري ولا فلكا يسري إلا لأجلكم ومحبتكم ….
هذه المقولة من الله (عزوجل) , وعلى لسان الوحي على ماذا تدل؟؟
ولكن ما هي ردود الافعال تجاه هذه المقولة وعلاقتها بما يحصل اليوم ؟
هل نستذكر الذين خُلقنا لأجلهم أم ننكر ذلك الاستذكار .؟؟
هل نحيي ذكراهم , بكل ما تحمل كلمة الاحياء من معنى , أم العكس هو الحاصل في اخفاء ذكراهم ؟؟
وعندما نحيي تلك الذكرى هل نحييها بالشكل الصحيح والواجب لها أم لا ؟؟
فاليوم عندما نخرج في الاوساط الاجتماعية , في كل مكان , من مناطق , وطرقات , ومراكز , وجامعات وكافة الاوساط الثقافية , نجد أن هناك صنفان , متعاكسان , في النهج والفكرة والتطبيق , ولكن كلاهما يمتلكان , نفس الشخصية المتبعة , والنهج الموحد , قدسية اماماً كالحسين بشموخه وعظمته , ولكن لكل طرف , أسلوب وطريقة , وبرنامجاً معيناً
فالطرف الاول يحمل أفكار واخلاق ال البيت , ويمثلهم خير تمثيل , من خلال التعامل الاخلاقي داخل المجتمع , وبأسلوب تعامل واحترام غير منقطع النظير , فيحسن التعامل مع الاخرين ويبعث العطاء والمحبة في قلوبهم , فيعيش شخصية الحسين الاخلاقية بكل مضامينها , تلك الشخصية التي كانت رمز التواضع والعطاء , والبعض الاخر نجده يتخبط يميناً ويساراً , فما بين حمله لراية الحسين من جهة , وصوته الصادح بذكره وممارسة الشعائر من جهة اخرى , ولكنه لا يتسحق ان ينادي ولو بحرف من قيمة اسماً غير معالم التاريخ , والدين الاسلامي , لانه لا يمثل فكَر ولا اخلاق ولا ما خرج الحسين لاجله , فهذه النماذج تبعث لغة العبث في داخل المجتمع , فمن جهةً يرفع شعار الحسين من جهةً اخرى , وفي نفس الوقت تجده بعيداً كل البعد عن الحسين , وعن قضية الحسين الاخلاقية بكل ما تحمل من معنى , هل الحسين كان يخلق الصراعات بين الناس ؟؟ أم كان مصلحاً بينهم ؟ هل الحسين كان دين بلا تدين ؟؟ أم تدين بلا دين ؟ هل كان سيد شباب اهل الجنة , يمشي في الارض مرحاً , ويَهدم بالفكر الذي جاء به جده , أو ينتهك صورة الاسلام ؟
هل الحسين يريد فكراً جاهلاً ؟ او طيشاً وعبثاً , بدون أي توجه مجتمعي فعال ؟
الحسين فِكر قبل ان يكون جهل , الحسين عقيدة وايمان قبل ان يكون طيش وعداء , الحسين معنى الخلق والتخلق , وليس للقتال والتمرد , والسرقة والعبث في المجتمع , ولا نخص بذلك , فئة معينة , أو مجتمع معين
فلنستذكر شيء واحداً, وهو مقولة سيد الشهداء , ( لم اخرج اشراً ولا بطراً ولكن خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي)
أي اصلاح , نجده اليوم فينا يا مولاي , اي أمة تلك التي خرجت لها يا سيدي , فنحن اليوم نتخبط يميناً ويساراً , بدون نهجاً صحيح , ولا برنامج أصلاح فعال , ولا أمكانيات قادرة على طلب ذلك الاصلاح الذي خرجت لاجله , وأن وجدت , فهي كأصلاحك يا سيدي , محاربٌ بشتى الطرق ,
أن اكبر فاجعة , واعظم لحظة في تاريخك , عند سقوط جسدك الطاهر على الارض , وانت تنادي بكل روحً وهمةً عالية , هل من ناصر ينصرنا , ولا تجد من ينصرك , الا البعض القليل , وانت بين 70 الف كافر وجائر , فنحن اليوم نمر بنفس الوضع , فنحن 70 شخصاً بين 70 الف عدو , ولكن هل ستكون شهادتنا كشهادتك , ام هل سيكون العكس , هل سنتكاتف ام هل سنعادي بعضنا البعض , هل سيكون لزينب كفلاء , ولك ناصرين , ولابيك موالين ولجدك امة , ولربك مسلمين , ام سنكون للعدوان خاضعين ,
(الحسين يريدنا تلك الامة التي خرج لطلب الاصلاح فيها وليست تلك الامة التي تقاتل بعضها ولا تقف متماسكة اليد في اليد لتصلح حالها ) …
حسين نعمة الكرعاوي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here