بارزاني: الاستفتاء ليس ورقة ضغط للحصول على مكاسب سياسيّة

أكد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أمس الجمعة، أن قرار الاستفتاء جاء بعد قناعة بانعدام الشراكة مع بغداد، متهماً حكومات ما بعد ٢٠٠٣ بعدم إنصاف “شعب كردستان”.
ونفى بارزاني أن تكون ورقة الاستفتاء “وسيلة ضغط” على حكومة بغداد للحصول على مكاسب سياسية، مؤكداً أن الإجراء يمثِّل رغبة الكرد وليس إرادة تمثلها الأحزاب الكردستانية.
وقال رئيس إقليم كردستان، خلال مهرجان أقيم في ملعب فرانسو حريري في أربيل لدعم الاستفتاء وحضره الآلاف، وتابعته (المدى)، “نحن إذ نجتمع في عاصمة كردستان لكي نعبّر باسم شعب كردستان بنعم للاستقلال الذي طالبنا به منذ عدة سنوات”. واضاف “إننا توصلنا الى قناعة بأننا لن نستطيع العيش مع بغداد بعد محاولتنا معهم لحل المشاكل عبر الدستور لكن حكومة بغداد لم تلتزم بذلك”.
ولفت بارزاني إلى أن “إعلان الاستفتاء لم يأت لترسيم الحدود أو لفرض الأمر الواقع بل ليقول الشعب الكردي إنني موجود”، لافتاً الى ان “هناك من يقول إن الاستفتاء مجازفة، ونحن أيضا. ولكن أن يقرر شخص آخر مصيرك هو أكبر مجازفة بل الموت بعينه”. وشدد بالقول إن “دولة كردستان ستكون لجميع المكونات والحكم فيها سيكون فيدرالياً ديمقراطياً تعددياً بمشاركة الجميع”.
وأضاف رئيس الإقليم “كنا نعتقد أن مافعله صدام في الأنفال وحلبجة وجرائمه جميعها، أن يدفع ذلك بغداد لتعويض هؤلاء بعد مدة قصيرة ،لكن تبين لنا أن الكثير ممن يمسك السلطة لديهم عقلية الأنفال والكيماوي”. وأكد أنّ “حكومة بغداد لم تقدم المساعدات للبيشمركة، وقطع ميزانية الإقليم هو نوع من الانفال تجاه الكرد”.
وتابع بارزاني بالقول “منذ عام 2003، بعد ان كُتب الدستور من جميع العراقيين وعلى الرغم من انه يعاني من نواقص كثيرة، لكن بغداد لم تلتزم بالمشاركة ولا بالدستور بما فيه المادة 140 التي لم تنفذ حتى الآن”، لافتا الى أن “شعب كردستان صوّت على الدستور واحترمه، لكنّ بغداد لم تحترمه”.
وأكد رئيس إقليم كردستان “قلنا لجميع الاطراف خذوا هذا الامر بجديّة إنه أمر جدي نحن تعبنا ولم نعد نستطيع التواصل معكم في بغداد، لكن الكثير منهم كانوا يظنون أنه نوع من الضغط أو أنه خروج أو هروب من المشاكل التي يعاني منها الإقليم في الداخل.. لم يحترموا الأمر ولم يأخذوه بجدية”.
وفي إشارة الى المسؤولين في الحكومة المركزية، قال بارزاني “هم لم يأتوا ليسألونا لماذا قررنا الاستفتاء، وهل هناك طريقة اخرى لحل المشاكل”. واستدرك “لكنني أقول إن الاستفتاء ليس بيدي او بيد الاحزاب الكردية وإنما هو بيد الجماهير”.
وبشأن الممانعة الدولية لقرار إجراء الاستفتاء، أوضح رئيس إقليم كردستان ان “الاطراف الدولية لم تقل انها ضد الاستفتاء لكنها تقول ان وقته غير مناسب ولا أعلم متى الوقت المناسب”، مضيفا “نحن ننتظر منذ 100 عام واصبحت مسألة الاستفتاء مسألة جماهيرية”، داعياً الدول المجاورة إلى “الجلوس الى طاولة الحوار لمناقشة ما يثير مخاوفهم من انفصال إقليم كردستان، بدلاً من استخدام أسلوب التهديد.”
ويواجه قرار استفتاء إقليم كردستان ممانعة إقليمية ودولية، فضلاً عن رفض حكومي على مستوى الداخل العراقي.
وفي هذا السياق، أكد مجلس الامن الدولي، في بيان صدر بإجماع أعضائه الـ١٥، إنه “يعبر عن تمسكه المستمر بسيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه ويدعون الى حل أي مشكلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في إطار الدستور العراقي عبر حوار منظّم وحلول توافقية يدعمها المجتمع الدولي”. وعبّر مجلس الامن عن “قلقه إزاء التأثيرات المزعزعة للاستقرار التي قد تنجم عن مشروع حكومة إقليم كردستان إجراء استفتاء بصورة أحادية الجانب الاسبوع المقبل”، مبيناً أن “الاستفتاء المزمع إجراؤه الإثنين المقبل، مقرر في وقت لا تزال فيه جارية العمليات ضد تنظيم داعش والتي تؤدي القوات الكردية فيها دورا رئيسيا”.
وحذر مجلس الامن من أنّ “إجراء الاستفتاء يهدد ايضا بإعاقة الجهود الرامية لضمان عودة طوعية وآمنة لأكثر من ثلاثة ملايين نازح ولاجئ الى ديارهم”.
بدوره حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قيادة إقليم كردستان على تأجيل الاستفتاء. وأشاد ماكرون في اتصال أجراه مع بارزاني، الخميس، بـ”دور كردستان في محاربة داعش وإيواء النازحين”.
كما جدد الرئيس الفرنسي موقف باريس الداعم لوحدة الأراضي العراقية وحقوق الشعب الكردستاني في إطار الدستور العراقي، مطالباً بـ”تأجيل الاستفتاء”.
وكان المجلس الأعلى للاستفتاء قد جدد، خلال اجتماع عقده الخميس برئاسة بارزاني، التأكيد على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد في حال عدم تقديم الحكومة الاتحادية الضمانات الكافية الى الكرد.
وتضمن الاجتماع، الذي عقد في مصيف صلاح الدين، عدداً من القرارات، بينها إرسال وفد تفاوضي رفيع المستوى إلى العاصمة بغداد، لغرض توضيح المواقف بشأن الأمر ذاته.
وقال المجلس، في بيان عقب انتهاء اجتماعه الذي عقده في مصيف صلاح الدين وحصلت (المدى) على نسخة منه، إنه “ناقش آخر المستجدات السياسية وأجرى تقييماً لموقف العراق والمجتمع الدولي من الاستفتاء، وقد اتخذ عدداً من القرارات”.
وقرر المجتمعون، بحسب البيان، أن “تصدر سكرتارية المجلس الأعلى، مشروعي حقوق المكونات وإعلان المبادئ العامة لدولة كردستان المستقلة، قبل موعد إجراء الاستفتاء”.
وأشار البيان الى انه “تم الاتفاق على إرسال وفد مفاوض للمجلس الأعلى للاستفتاء إلى بغداد يوم السبت، لتوضيح الموقف الأخير”، مؤكداً في الوقت ذاته انه “بسبب عدم تلقي بديل يحل محل الاستفتاء حتى الآن وعدم وجود وقتٍ كافٍ، فإن الاستفتاء سيجرى في موعده المقرر، في حال عدم منح ضمانات كاملة لاستقلال كردستان”.
وخلص الاجتماع الى “إبقاء باب الحوار مفتوحاً مع بغداد بجميع الأشكال، ومنح الوقت اللازم لذلك”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here