ما بين عمامة الحكيم وعمامة الصدر صراع أضاع العراق…!

إنتصار رأفت العلي

لست ممن يشكك بنوايا العمامتين، ولكن؛ تحشيد الجماهير والشارع العراقي بين تلك العمامة وتلك، أفقدنا الكثير فأضعنا الأكثر! أفقدنا الألفة والقرابة, والتواصل ألإجتماعي, والأحترام والتزاور, والمحبة فيما بيننا، فأضعنا روح الإسلام, وجوهر الدين, ومبدأ التعايش والشعور بالمواطنة, وثوابت الإنسانية والمجتمع, وكل ما يمت الى الأخلاق الحميدة بصلة ..! إبتداءً من تاسوعاء الحكيم, والأول من رجب يوم الشهيد، إلى الرابع من ذي القعدة إستشهاد الصدر، وتجمعات أتباعه, وإستعراضاتهم الخارجة عن أطر وقانون الدولة, وتحشيدهم لمظاهرات وإعتصامات سياسية عابثة بالممتلكات العامة, لا يفقهون خطواتها إلا من حيث الولاء والصنمية..! وهذا ما جعلنا نفقد العراق أيضاً..!

ماذا قدمت لنا تلك التظاهرات والإعتصامات؟ وذلك التصعيد الجماهيري؟ وتلك الجماهير التي تصرخ:( لبيك لبيك .. تركنا الاحزاب وأتينا إليك)..! ومن المضحك المبكي أن جُل ما يتظاهر عليه هولاء هو مطالب سياسية، تخدم الأحزاب وديمومة بقاءها وتشبثها بالسلطة، اما من حيث اقالة المفوضية لتجييرها باتجاههم, او المطالبة بقانون يشرعن الاحزاب ويحميها! في الوقت الذي تزدحم فيه المركبات والمارثونات البشرية، بالوصول الى مواقع التجمعات المحددة لهم، لعدم وجود الشوارع والطرق وسعتها، والإختناق المروري بسبب نقص الخدمات، فيهتف المحتشدون لتلكم الاحزاب، ومن المضحك أيضا أن أغلب وزراء الحكومة والمسؤولين عن توفير الخدمات، من رحم تلكم الجهات! ومن داخل احزابها وكتلها! فتجد المحتشد المسكين، يُذل ويُهان حتى يصل الى تجمعاتهم ليهتف لهم ومعهم:( هيهات منا الذلة)..!

إذن نصل الى نتيجة تقول: أن ما يعانيه الشارع العراقي وجماهيره اليوم، من أزمة أخلاقية ومجتمعية وسياسية، سببها الأول والأخير هو صراع جماهيري بين عمامتين! عمامة “عمار الحكيم” وعمامة “مقتدى الصدر”! وهما هنا بُعدين متداخلين فيما بينهما بأتجاهين متعاكسين تتخذ من المولاة عكازا تلقي عليه ثقلها، فتجد من هتف للحكيم سيهتف للصدر! والعكس صحيح! وفي كل مرة يُلعن الطرف الآخر، فتحاول كل عمامة على حده، أن تثبت أحقيتها، على حساب الجماهير والمجتمع والتجمعات البشرية، وبذلك تحول الصراع من أطر الشخصنة المحدود، الى الفضاء الأوسع، حيث الجماهير والمجتمعات المحتشدة، والمجيرة ما بين الهوى والعاطفة أو الفكر والعقل! وراح كل حزب بما لديهم فرحون…!

لسنا ذلك الشخص المتباكي على الصحابي “حجرٍ إبن عدي”، بعدما قتله “معاوية”، فيقول: أبكي سيدي “حجراً” لأن سيدي “معاوية” قتله، بجريرة إتباعه لسيدي “علي”.! ولسنا ممن يتحدث بلغة الشمولية التي تُذهب التفكر والعقل، ومادام للعمامتين خطان متعاكسان، في فهم وتطبيق إصول الدين ومباني السياسة، فلابد أن نمييز بينها لنعرف الحق قبالة الباطل، ولا نذهب في مهب ريح السذاجة والجهل والغفلة التي تشتم علي ومعاوية بنفس الشتيمة! لان السياسة جعلتهما في نفس دائرة الفشل! فتكون الجماهير هنا هي المسؤول الاول في تشخيص ذلك، وبالتالي لابد من استقراء الواقع من قبل الجماهير، مابين عمامة علي وعمامة معاوية، لتشخيص ايهما أحق في قيادة الامة أو البلد، وتطبيق الأسس التي يراد بها تفعيل دور الجماهير، نحو منشأ دولة عراقية خالية من أزمة الصراع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here