الحولة على خطى مضايا.. نزوح وحصار يتخللهما القصف

حمص- أسامة أبو زيد

لا تغيب مدينة الحولة عن الأحاديث السورية، وعن المعاناة السورية، ويبدو أنها سائرة على خطى مضايا، إذ إنها بدأت تعد العدة للموت من الجوع والحصار.

والحولة مدينة تابعة لحمص وأتت شهرتها لدى السوريين، لأنها كانت ضحية لأبشع مجزرة ارتكبها النظام، حيث مذبحة الأطفال في 25-5-2012، التي راح ضحيتها 108 قتلى، بينهم 80 طفلا 46 منهم من أسرة واحدة، إضافة لمجزرة معمل المحارم ومجازر الطيران والقصف.

13 حاجزاً

تتعرض المدينة لقصف شبه يومي من حوالي 13 حاجزا، وتقصف المنطقة بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والقصف البعيد. الأمر الذي جعل نحو 60‎%‎ من مساحات الأراضي الزراعية تكون تحت مرمى نيران قوات النظام، وما بقي منها معرض للقصف في أي وقت، مما أثر على العمل الزراعي فيها حيث معظم سكانها من الفئة المزارعين.

وترافق هذا مع وضع إنساني سيئ جدا، نتيجة لتوقف الأعمال واستمرار الحصار والفقر الشديد الذي بدأ يظهر على أهلها وسكانها.

الحولة

حصار خانق..

7 آلاف إنسان عدد القاطنين اليوم في مدينة الحولة الحمصية، واستقبلت نازحين من الكثير من المناطق، كأحياء حمص القديمة في المدينة سابقاً، بعد تدمير النظام الممنهج لها، ليلحق بهم نازحون من مناطق جوالك وسنيسل وتيرمعلة بعد الحملة الروسية الجوية مع قوات النظام، لاقتحام هذه المناطق وفشلهم بذلك.

يفيد مركز حماة الإعلامي أن النظام يحاول بمساعدة الطيران الروسي اقتحام مناطق في ريف حماة الجنوبي، منذ ما يزيد عن 20 يوماً كحرب نفسه ودير الفرديس وغيرهما، محاولا فصل ريف حمص الشمالي عن ريف حماة الجنوبي.

بينما يؤكد مراسل مركز حمص الإعلامي في مدينة الحولة حسين أبو محمد أن نحو 8000 شخص وصلوا إلى الحولة من ريف حماة الجنوبي، وزعوا على مدن وقرى الحولة، حسب ما تستطيع من الاستيعاب، فكفرلاها استقبلت 250 عائلة وتلدو 325 عائلة وتلدهب 300 عائلة وتجمع البرج 270 عائلة، يضافون إلى أعداد النازحين السابقين.

يلاحظ أن معظم عوائل النازحين من النساء والأطفال الذين قد عانوا الكثير حتى وصلوا إلى المدينة عن طريق صعب شاق وطريق من الطين، يبلغ نحو 10 كم استغرق البعض لاجتيازه نحو 10 ساعات، هذا غير البرد والضباب وسقوط بعض القذائف، الأمر الذي جعل بعضهم يضل الطريق ويفقد من معه ولا يستطيع إيجادهم إلا بعد أيام.

أحد الأطفال فقد أهله أثناء معاناة الطريق فتاه عنهم ووصل لقرية غرناطة شرق الحولة بحوالي 10 كيلومترات، والتي قد وصل لها أهله.

يسكن الآن هؤلاء النازحون مساكن إيواء جماعية أو بعض المنازل، حيث إن بعض المنازل تضم أكثر من 50 نسمة في منزل لا تتجاوز مساحته المئة متر، إضافة للمدارس والملاجئ.

في غياب تام للأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والكثير من اللجان الحقوقية عن المناطق المحاصرة تعمل الجمعيات الصغيرة، بما تملك من مدخرات وقدمتها لهم كإغاثة عاجلة لإغاثة هؤلاء النازحين من أغطية وألبسة ومواد غذائية، وبسبب النقص الحاد وعدد النازحين الكبير تم جمع الأغطية من منازل الأهالي وتقديمها للنازحين، هناك أسر الآن من النازحين أو من الأهالي على حد سواء لا يملكون أغطية مع انعدام لوسائل التدفئة، بسبب الحصار المفروض وانقطاع الكهرباء المستمر وأزمة المياه الموجودة مسبقاً.

كارثة إنسانية

سامر الحمصي، ناشط إغاثي وإعلامي، أفاد أن الوضع داخل مدينة الحولة قد أصبح كارثيا بكل ما تعنيه الكلمة وهناك افتقار شديد للكثير من المواد وحليب الأطفال وأغذية الأطفال قد انعدمت بالكامل وغلاء الأسعار قد بلغ ذروته فأسعار المحروقات باتت مرتفعة جداً، ولتر المازوت الأسود المستخدم بالتدفئة وصل 350 ل.س وهو غير موجود… الأخضر المستخدم للسيارات وتشغيل الآبار 550 وهذا شكل أزمة في مياه الشرب، فالحولة بحاجة لحولي 20 ألف لتر من المازوت لتشغيل آبار الضخ وهذا غير ممكن حاليا لغلاء المادة، وحتى بالنسبة للصهاريج أصبح سعر المتر المكعب من المياه 900 ليرة سورية البنزين 550 ل.س.

 

أما المواد الغذائية فقد أصبح سعر كيلو السكر 300 ليرة والطحين 200 وربطة الخبز وصلت 250 مع شح في وجودها.

وأضاف سامر أن سعر هذه المواد يزداد يوماً بعد يوم، ونقص الطحين والمحروقات واستهلاك مخزون المدينة من المواد والمحروقات سيسبب كارثة إنسانية حقيقية.

المجلس المحلي الثوري في الحولة والكثير من النشطاء والجهات الإغاثية قاموا بتوجيه نداءات استغاثة من أجل إنقاذ مئات آلاف المدنيين داخل الحولة منتظرين تحركا دوليا أمميا، لمد يد العون لهذه المنطقة التي بات همها تأمين مكان ينام فيه النازحون.

ويواجه النازحون في مدينة الحولة مصير الجوع والبرد الذي يشتد عليهم يوماً بعد يوم، كان بالنسبة لهم أشد قسوة من الموت الذي كان ينتظرهم في ريف حماة الجنوبي.

يذكر أن مدينة الحولة في ريف حمص الشمالي تشكلها مجموعة من القرى والبلدات الكبيرة كتلدو وكفرلاها وتلدهب والطيبة الغربية والبرج والسمعليل وكيسين لتشكل معها مدينة الحولة.

تحاصر قوات النظام مدينة الحولة منذ أكثر من عامين، متبعة ضدها سياسة التجويع والحرمان، كما باقي المناطق المحاصرة بطوق يفرضه عليها من خلال 23 حاجزا.

رابط التقرير على العربية: http://ara.tv/2jj46

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close