الأكراد يختارون الاستقلال والمُغامرة والعراق وجواره على… فوهة بركان

رغم عاصفة التحذيرات العربية والدولية والتهديدات العراقية والتركية والإيرانية، قرر الأكراد المضي في «مغامرتهم الاستقلالية» بإجراء استفتاء الانفصال عن العراق، كما هو مقرر اليوم، بعد نعيهم الشراكة مع بغداد، مع ما لذلك من تبعات كبرى على المنطقة.

ففي مؤتمر صحافي عقده مساء أمس في أربيل، وصف رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الاستفتاء بأنه «خطوة أولى نحو تقرير المصير ولا يعني ترسيم الحدود مباشرة»، معلناً أن «الشراكة مع بغداد انتهت» وانه «يجب الآن مناقشة كيفية بناء علاقة جديدة على أساس حسن الجوار».

وقال «كان لدينا أمل في العام 2003 بتأسيس عراق جديد على أساس الفيديرالية والتعددية، لكن ممارسات بغداد دفعتنا لاتخاذ قرار الاستفتاء»، معتبراً أن الحكومات العراقية المتعاقبة كانت «مذهبية».

واضاف ان «العراق الآن دولة طائفية وليس دولة ديموقراطية»، وان «الأكراد سيسعون لإجراء محادثات مفتوحة مع بغداد لتنفيذ نتيجة الاستفتاء»، مشيراً إلى أن هناك «عملية طويلة الأمد بعد الاستفتاء وسنجري حواراً مع بغداد أياً كان الوقت الذي سيستغرقه سواء سنة أو سنتين».

وقال «سنحاول تغيير أي نظرة سلبية للاستفتاء، ونود الحفاظ على العلاقة الجيدة بين البيشمركة (قوات الاقليم) والجيش العراقي ولن نسمح بنشوب صراع بين الشعبين» العراقي والكردي.

واعتبر بارزاني أن الموقف الدولي الرافض للاستفتاء كان «مفاجئاً»، مضيفاً «لا نرغب بالتصعيد مع إيران أو تركيا والمجتمع الدولي سيتعامل مع الأمر الواقع».

وإذ أشار إلى ان قوات البيشمركة ستواصل التعاون مع الجيش العراقي والتحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، أكد بارزاني أن الأكراد لا يتوقعون نزاعاً مسلحاً مع بغداد ولا يفكّرون في ذلك.

وتزامناً مع المؤتمر الصحافي لبارزاني، عقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مؤتمراً صحافياً في بغداد، أعلن فيه أن الحكومة العراقية «لن تتعامل مع الاستفتاء ونتائجه»، و«ستكون لنا خطوات لاحقاً لمواجهته وللحفاظ على وحدة العراق»، مؤكداً أن الحكومة لن تتخلى عن المواطنين الأكراد.

وإذ لفت إلى أن معظم مشاكل اقليم كردستان داخلية، دعا العبادي المواطنين في إقليم كردستان إلى سؤال قادتهم عن عوائد النفط، متسائلاً «أين تذهب عوائد النفط ولماذا لا يدفعون رواتب موظفي الاقليم»؟، قبل أن يؤكد أن «واردات النفط في كردستان لا تدخل في الميزانية».

ومع تصاعد الخلاف، طلبت الحكومة العراقية من حكومة كردستان، مساء أمس، تسليم المواقع الحدودية والمطارات، ودعت الدول الأجنبية إلى وقف تجارة النفط مع الإقليم.

وفضلاً عن أن الاستفتاء مرفوض بالمبدأ من قبل بغداد وأنقرة وطهران والدول العربية والمجتمع الدولي، فإن مشاركة مناطق متنازع عليها بين الأكراد والعرب، سيزيد الطين بلة، إذ لا يشمل التصويت فقط محافظات الإقليم الثلاث، وهي أربيل ودهوك والسليمانية، بل أيضاً المناطق المتنازع عليها، وهي: كامل محافظة كركوك، ومناطق في محافظة ديالى.

ومع تشبث الأكراد بموقفهم، انتقلت الدول الإقليمية إلى مرحلة تنفيذ تهديداتها، مع إعلان مجلس الأمن القومي الإيراني، أمس، عن إغلاق المجال الجوي مع إقليم كردستان بطلب من حكومة بغداد.

وتزامناً، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني عن إجراء مناورات برية شمال غربي البلاد في منطقة أشنوية بالقرب من إقليم كردستان والحدود التركية – الإيرانية – العراقية.

وانطلقت المناورات الإيرانية فيما يواصل الجيش التركي مناوراته العسكرية في قضاء سبلوبي بولاية شرناق الحدودية مع إقليم كردستان العراق، وذلك لليوم السابع على التوالي.

وفي مؤشر على المخاطر المحتملة، حذرت الولايات المتحدة مواطنيها في العراق من اضطرابات قد تصاحب إجراء الاستفتاء، ودعتهم إلى تجنب السفر من وإلى المناطق المتنازع عليها بين الحكومتين المركزية في بغداد والكردية في أربيل.

ووسط الأجواء المشحونة المترافقة مع احتقان وتوتر خاصة في المناطق المتنازع عليها، أغلقت قوات البيشمركة، أمس، الحدود المدنية الفاصلة بين مدينتي أربيل والموصل مركز محافظة نينوى.

وقال الرائد في الجيش العراقي مقداد عبد الخالق إن «قوات البيشمركة تلقت أوامر من قياداتها العليا تقضي بإغلاق الطريق البرية الرابطة بين أربيل والموصل، بالتزامن مع إجراء الاستفتاء»، مشيراً إلى أن «الطريق البرية الرابطة بين بغداد وأربيل ما زالت سالكة أمام المسافرين».
متابعة صوت العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here