بغداد/ وائل نعمة
سارت عملية الاستفتاء في إقليم كردستان، التي يطمح بعدها الإقليم إلى فتح حوار مع بغداد لرسم العلاقة المقبلة بين الطرفين، بشكل يسير، ولم تسجل أي حوادث أمنية.وكانت توقعات، قد سبقت يوم الاستفتاء، قد حذرت من حدوث احتكاكات بين فصائل تابعة للحشد الشعبي والبيشمركة، خاصة في المناطق المتنازع عليها، أو من عمليات عسكرية تركية وإيرانية.
وصوّت المقترعون في محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة، وكذلك في كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها، منذ ساعات الصباح الاولى ليوم أمس الإثنين في 12 ألف صندوق اقتراع موزعة على 2000 مركز، وافادت مفوضية الانتخابات في الإقليم بان عدد من يحق لهم التصويت يزيد على 5 ملايين نسمة.
ودفعت “إشاعات” في كركوك عن وجود تظاهرات مناهضة للاستفتاء الى عزوف بعض المصوتين عن الذهاب الى مراكز الاقتراع في الساعات الاولى بعد فتح الصناديق.
وتزايد عدد المصوتين في منتصف النهار في عموم المناطق المشمولة بالاستفتاء، فيما أكد مسؤول كردي في نينوى قيام فصيل “تابع للحشد الشعبي” بمنع الكرد من التوجه الى الصناديق في إحدى مناطق سهل نينوى.
في المقابل تراجعت ناحيتا مندلي والسعدية في ديالى عن قرار سابق بالمشاركة في الاستفتاء، واقتصر الامر في محافظة ديالى على قضائي خانقين وجلولاء.
ووصف نواب عن الاقليم ماحدث أمس بانه “عرس” وبأن أغلب الشعب الكردي لم ينم عشية الاستفتاء.
ويتوقع المسؤولون هناك، ان يكون شكل الدولة المقبلة في شمال العراق “اتحادية” و”ديمقراطية” وبعيدة عن القومية والطائفية. وانتقد بعض هؤلاء المسؤولين “تصعيد” مسؤولين في بغداد حيال قرار الاستفتاء، كما اتهم نائب كردي، رئيسي الحكومة والبرلمان بـ”الخيانة” لتهديد الاقليم و”الاستقواء بالخارج”، واعتبر أعضاء في مجلس النواب من الاقليم، غابوا عن جلسة المجلس في بغداد أمس، أن الاستفتاء يعكس إرادة شعب يبحث عن “الخلاص من ظلم استمر 100 عام”، وأكدوا أنهم ذهبوا الى صناديق للاقتراع وليس لـ “الاحتراب”، وبأنهم لم يهددوا اي دولة جارة.
صبيحة الاستفتاء
وتوافد الناخبون منذ الصباح على مراكز الاقتراع في أربيل والسليمانية ودهوك، لكن عصمت رجب، المسؤول الكردي في نينوى، قال ان “اللواء 41 التابع للحشد الشعبي منع المصوتين في الحمدانية من التوجه الى صناديق الاقتراع”.
وتنتشر في مناطق نينوى التي تحررت قبل أقل من شهرين، فصائل مسلحة متعددة من الحشدين الشعبي والعشائري، بالاضافة الى قوات عسكرية مختلفة.
وكشف رجب، وهو مسؤول الفرع الـ14 للحزب الديمقراطي في اتصال هاتفي مع (المدى) عن “فتح 141 مركز اقتراع في المناطق المشمولة بالاستفتاء في نينوى”.
وفتحت مراكز الاقتراع في مناطق سهل نينوى، سنجار، ربيعة، زمار، وانة، برطلة وتلكيف. ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت في سهل نينوى 750 ألفاً، بحسب مفوضية كردستان.
وقال رجب إن “اللواء 31 أغلق بعض السيطرات الامنية لمنع المصوتين للوصول الى مراكز الاقتراع”.
ووصف المسؤول المحلي إقبال المصوتين بانه “جيد”، كما قال ان “سكاناً من الشبك والعرب شاركوا ايضا في الاستفتاء الذي يحظى بمراقبة دولية ومحلية”.
مراقبة دوليّة
وأفادت النائبة الكردية نجيبة نجيب بأن هناك 400 مراقب دولي و136 من مراسلي وسائل الإعلام ووكالات الانباء العالمية بالاضافة الى 3 آلاف مراقب محلي يشاركون في متابعة وتغطية أحداث الاستفتاء.وأضافت نجيب التي تحدثت مع (المدى) أمس، من دهوك ان “المدينة في احتفال وعرس، وان أغلب السكان لم يناموا عشية الاستفتاء”.
وأشادت النائبة بالوضع الامني وحماية مراكز الاقتراع في المدينة، فيما أكدت ان عدد الذين يسمح لهم بالتصويت في دهوك بلغ “700 ألف” شخص.
وقالت نجيب ان “الاستفتاء تعبير عن إرادة الكرد وحق دستوري”، ورأت ان الاستفتاء “ناجح” قبل ان تظهر النتائج الاولية.
وارتفع عدد المصوتين في مناطق الإقليم، خاصة بعدما تراجعت بعض الاطراف الكردية مثل “حركة التغيير” و”الجماعة الإسلامية” عن مواقفها الرافضة لإجراء الاستفتاء.
وقالت نجيب :”لايوجد كردي ضد الاستفتاء.
إشاعات
في كركوك، جرت عملية الاستفتاء في ظروف طبيعية، بحسب مسؤول محلي في المدينة.
وقال أحمد العسكري، العضو الكردي في مجلس المحافظة لـ(المدى) ان “كركوك لم تفرض حظر تجوال، لكنها لم تسمح لسيارات الحمل بالدخول”.
وتولت قوات من “الاسايش” الكردية والشرطة المحلية والاتحادية مهمة حماية مراكز الاقتراع.
وأكد العسكري انه “في ساعات الصباح الاولى كان الإقبال قليلا بسبب إشاعات عن وجود تظاهرات منددة بالاستفتاء داخل المحافظة”، وبعدما اكتشف السكان “كذب” تلك الانباء، زادت وتيره المصوتين عند الظهيرة، بحسب المسؤول المحلي.
وفتح في المحافظة التي تعتبر من المناطق المتنازع عليها 240 مركز اقتراع.وفي تطور لاحق أعلنت الشرطة فرض حظر تجوال على المركبات الى إشعار آخر، فيما ترددت اخبار عن وجود اشتباكات مسلحة، لم يتسن لـ(المدى) التأكد من صحتها.
وفي أربيل أدلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بصوته في ساعة مبكرة من الصباح، وبدا مبتسماً وهو يرتدي الزي الكردي. وقال سيروان عبدالله، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان الاتحادي، إن “الكرد صوتوا للتخلص من ظلم استمرا قرناً من الزمن”.
وأضاف عبدالله الذي تحدث مع (المدى) من أربيل، بان “جميع القوى الكردية شاركت في الاستفتاء، وخاطبت جماهيرها وحثتهم على التصويت”.
ويصل عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في أربيل إلى نحو مليون و100 ألف.واعتبر النائب الكردي ان الاستفتاء “لن يضر بأي جهة عراقية او دولية”، مضيفا:”سنبقى جيراناً داعمين وساندين للعراق كما كنا منذ الإطاحة بالنظام السابق”.
الحوار مع بغداد
ومن المفترض أن يعقب الاستفتاء، إجراء حوارات معمقة مع الحكومة والقوى السياسية في بغداد، لتوضيح شكل العلاقة المقبلة بين الطرفين.
ويقول النائب سيروان عبدالله “بعد الاستفتاء ستعود الحياة كما كانت، وسنبدأ الحوار مع بغداد لإيجاد صيغة ترضي الطرفين”.
وكان رئيس الإقليم قد أعلن أن الاستفتاء لن يؤدي الى إعلان تلقائي للاستقلال، لكنه سيشكل نقطة انطلاق “لمفاوضات جدية مع بغداد” حول هذه المسألة.
بدوره، يقول عادل نوري، النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردي في البرلمان العراقي، انه “لن تحدث متغيرات في شهر او شهرين. سنتفق مع بغداد على وضع اللمسات القانونية للمرحلة المقبلة”.
ويؤكد نوري الذي تحدث مع (المدى) أمس من أحد مراكز الاقتراع في السليمانية، بأن “عدد المصوتين كبير جدا، متوقعا ان يفوق الـ90%” .
ويحق لـمليون و200 ألف شخص في السليمانية الإدلاء بأصواتهم.
ويقول نوري ان “المصوتين ذهبوا الى صناديق الاقتراع وليس الاحتراب، وهو مالم تفهمه بعض الاطراف في بغداد”.
وانتقد النائب الكردي، تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي الاخيره، وإرسال قائد الأركان إلى تركيا، معتبراً ذلك “استقواء بالاجنبي وخيانة للشعب العراقي”.
كما انتقد نوري، رئيس البرلمان سليم الجبوري، بعد قرار البرلمان رفض استفتاء كردستان.