هل حقق الإستفتاء أهدافه ؟

لا يخفى للمتتبع الحاذق الحصيف إن الإستفتاء كان محصلة تصرفات بغداد تجاه الإقليم غير العادلة ،
على مرّ أكثرمن عقد ، وخاصة في عهد المالكي المشؤوم ، حيث فتّت العراق إلى مناطق نفوذ وتكتلات
مذهبية ، وحارب الكرد والسّنة وهمّشهما وقطع رواتب موظفي كردستان والبيشمه ركة ، وتصّرف
كرئيس وزراء شيعة العراق وليس لكل العراقيين ، وبلغ السيل الزبا من ميوعة العبادي وقلة حيلته أمام
جبل الفساد وهدر المال العام من قبل المالكي وعصابته ، ولم يكن بمقدوره تقديم أحداً من حيتان الفساد
للمحاكمة ، ولم ينصف الإقليم ، ولم يعطِ حصته ال 17% من الميزانية المتفق عليها ، رغم الزيارات
المتكررة من قبل مسؤولي الإقليم لبغداد وتعهد الأخيرة بحل المسائل العالقة ، وقاتلت كردستان داعش
جنباً إلى جنب القوات المسلحة العراقية ، فسطرت بطولات قلّ مثيلها حتى هزمتها في كل المناطق التي
إحتلتها في عهد المالكي في سنجار وكركوك وسهل نينوى وغيرها .
وقد جرى الإستفتاء ، لكنه ليس ملزماً كما قال رئيس الإقليم مسعود البارزاني ، فلماذا جنّ جنون بغداد
وتركيا وإيران ؟ فأين حقوق الإنسان وحق تقرير المصير التي يتشدقون بها ، لماذا يقفوا حجر عثرة
أمام طموحات شعب ؟ لو كانت هناك عدالة إجتماعية وحرية وديمقراطية ، في تركيا وإيران والعراق
وسوريا وعوم الشرق الأوسط عموماً ، لما حدث ما يسمى بالربيع العربي ، ولما قام حزب العمال في
تركيا بالتصدي المسلح ، ولما قام شعب مصر وتونس وليبيا بتغيير الأنظمة ، ولما حدثت الثورة السورية
ولما إحتل داعش واخواتها ثلت العراق وأكثر من نصف سوريا ، ولما قامت منظمة مجاهدي خلق وعرب
الاهواز والبلوش والأقليات الأخرى المهمّشة بالتصدي لنظام ملالي إيران ، ولما قامت الثورة في اليمن
السعيد الذي لم يعد سعيداً بتدخل إيران وسعي علي عبدالله صالح العودة إلى الحكم ، ولا زالت المآساة .
إن فرض الحصار الإقتصادي والأمني وربما التصدي العسكري لغزو كردستان ، لا يكون لصالح
الجميع ، فالدعوة لإحتواء الأزمة من قبل العراقيين الأصلاء منعاً لتدخل دول الجوار الباحثين قطعاً عن
مصالحهم ، والخاسر الوحيد هو العراق ، فندعو إلى الحوار البناء ثم الحوار ثمّ الحوار بين العراقيين
للخروج من هذا المنعطف الخطير ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والتاريخ القريب يخبرنا بهول
المصائب التي حلت على العراقيين عرباً وأكراداً وبقية المكونات ، نتيجة حرب الشمال لمدة عقود
راح ضحيتها مئات الالاف ، فهل خلا العراق من الحكماء والعقلاء ؟ نريد الركون إلى العقل
والمنطق ، وليس لقرقعة السلاح ، يكفينا من الشهداء والأيتام والأرامل ولا نريد المزيد ؟
منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here