هجوم الرمادي نفّذه 80 مسلّحاً قطعوا الصحراء برتل كبير

بغداد/ وائل نعمة

فاجأ العشرات من عناصر داعش، أمس، القوات الأمنية في الرمادي بسيطرتهم على مبان في أحياء تقع جنوب المدينة وغربها. وبقي المهاجمون حوالي 10 ساعات يسيطرون على منطقتين قبل أن تتمكن القوات الأمنية بمساعدة الأهالي من إحباط الهجوم.
ونفّذ المسلحون عمليات إعدام بشعة بحق رهائن احتجزوهم خلال الهجوم الذي شنّ في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الأربعاء، وقطعوا خلالها رؤوس مدنيين وعسكريين.
وقُدّر عدد المهاجمين بنحو 80 مسلحاً، أغلبهم من الانتحاريين، جاءوا في نحو 10 عجلات قاطعين طريقاً صحراوياً يربط الانبار بكربلاء.
واحتلت القوة المهاجمة أثناء الحادث عدداً من المنازل، كما تحصنت في مجمع سكني كان التنظيم قد اعتمده كمقر قتال خلال سيطرته على الرمادي في 2015.
وكشف مسؤولون في الرمادي عن وجود معلومات قبل أيام أفادت بهجوم محتمل على المدينة، فيما يرجح وجود متعاونين من الداخل ساعدوا المسلحين باقتحام الأحياء السكنية.

الهجوم الأعنف
واعتبر مصدر قريب من مسرح الأحداث هذا الهجوم بانه “الأعنف” منذ تحرير المدينة قبل عامين.
وكانت القوات الأمنية قد تمكنت نهاية 2015 من إعادة السيطرة على الرمادي. وظهر التنظيم لأول مرة في الانبار حين سيطر على مدينة الفلوجة نهاية عام 2013، قبل أن يهاجم الرمادي في نيسان 2015.
وخلال العامين الماضيين، تعرضت المدينة لنحو 40 هجوما بالسيارات المفخخة، كما كانت تحدث عمليات تسلل بين حين وآخر من مناطق شمال الرمادي التي تحررت بعد ذلك.
وقال راجع العيساوي، نائب رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة الانبار، ان “داعش هاجم مناطق الطاش والـ7 كيلو الواقعتين جنوب الرمادي وغربها في الساعة الخامسة فجراً”.
وأضاف العيساوي إن “المسلحين هاجموا السيطرة الرئيسية في الطاش وقتلوا المتواجدين فيها، قبل ان يقتحموا الاحياء السكنية ومنازل المدنيين”.
وتتولى الشرطة المحلية وقوات من الحشد العشائري مسؤولية نقطة التفتيش الرئيسية.
وقدر مصدر مطلع بالرمادي، في اتصال عبر الهاتف مع (المدى) عدد المهاجمين على المدينة بنحو 80 مسلحا، وقال ان “القوات الامنية والعشائر قتلت نحو 70 مسلحاً في الهجوم أغلبهم انتحاريون”، مرجحاً وجود “معتقلين” آخرين من المسلحين.
وعرضت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صور العشرات من الجثث، وقالت إنهم قتلى الهجوم الاخير على الرمادي.
وقال راجع العيساوي إن “20 مسلحاً تم قتلهم في منطقة الطاش لوحدها”. فيما اكد ان “عناصر التنظيم حاولوا اقتحام جامعة الانبار لكنهم فشلوا”.
وكانت القوات الامنية قد حررت “الطاش” وجامعة الانبار، في تموز من عام 2015.
ونفى العيساوي وجود قتلى من المدنيين، مبيناً ان الهجوم أسفر عن جرح عدد من السكان والقوات الأمنية، لكن المصدر القريب من الاحداث، وهو ينحدر من أكبر قبائل الرمادي، قال ان “هناك 13 شهيدا فقط من عشيرتي، أغلبهم من ضباط الشرطة”.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً تعزّي عوائل ضباط برتبة نقيب ورائد، أكدت أنهم قتلوا في هجوم الرمادي.

قطع رؤوس
وكان التنظيم قد نشر عدداً من القناصة بين الدور وفوق عمارات سكنية في منطقة الـ7 كيلو، غرب الرمادي.
وأفاد المصدر المطلع بأن “داعش أخذ رهائن من المجمعات السكنية التي يقطنها منتسبون في الأجهزة الأمنية الذين فجّر التنظيم منازلهم أثناء احتلاله للرمادي”.
وقام داعش أثناء الهجوم الاخير، بحسب المصدر، بـ”قطع رؤوس بعض الرهائن”، انتقاماً من القوات الامنية التي واجهت التنظيم في الرمادي اثناء عملية التحرير.
وعرضت مواقع إخبارية من داخل الانبار، صوراً لضابط برتبة رائد أثناء تلقيه العلاج في أحد مستشفيات الرمادي، وقد بترت يده اليسرى في الهجوم.
وبعد معركة دامت نحو 10 ساعات، استطاعت القوات الامنية وأبناء العشائر من إعادة السيطرة على المنطقتين التي اقتحمهما المسلحون.
وأقام السكان بعد ذلك احتفالات واسعة في المناطق المحررة، وصفها مسؤولون، بأنها “أكبر من الاحتفالات بتحرير الرمادي قبل عامين”.
واحتفل رئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم مع الاهالي، فيما رقص السكان رقصة “الجوبي” الشهيرة في الرمادي.
وأعلن قائد شرطة محافظة الانبار اللواء هادي رزيج كسار، أمس، أن “القوات الأمنية والعشائر استعادت السيطرة على منطقتي الطاش والمجر جنوب الرمادي، ومنطقة الـ7 كيلو غربا (…) وتمكنت من قتل جميع عناصر داعش المتسللين”.

متسلّلون عبر الصحراء
وفي سياق متصل كشف غسان العيثاوي، أحد قيادات الحشد العشائري في الرمادي، عن ان “المسلحين جاءوا من الصحراء الرابطة بين الانبار وكربلاء”.
وتربط المحافظتين صحراء شاسعة، كانت قد شهدت في الاشهر الماضية، عددا من الحوادث الامنية وعمليات اختطاف سائقي شاحنات.
وقال العيثاوي في تصريح لـ(المدى) ان “داعش لديه خلايا تتنقل عبر الصحراء لشن هجمات على الرمادي”.
وترتبط منطقة الـ7 كيلو بصحراء تصل الى الرطبة والى الحدود العراقية مع سوريا والأردن.
وكانت القوات العراقية قد أعلنت قبل شهر تأمين الطريق الذي يبلغ طوله نحو 360 كم، على الرغم من أن مسؤولين أكدوا في وقت سابق وجود ثغرات ومناطق غير آمنة في الطريق الدولي.
من جهته، أفاد المصدر المطلع في الرمادي بأن “أطرافاً في المحافظة تلقت معلومات قبل 3 أيام من الهجوم عن نية داعش تنفيذ عملية إرهابية في المدينة”.
وأضاف المصدر أن “المعلومات لم يتم الاهتمام بها”، مستغربا كيف لم يرصد الطيران سير عدد كبير من العجلات في الصحراء ذاهبة باتجاه الرمادي.
وقدر المصدر استخدام داعش لنحو 10 سيارات في عملية الاقتحام الاخيرة.
واتهمت أطراف في المدينة، “عوائل داعش” بمساعدة المسلحين على اقتحام “الطاش” والـ”7 كيلو”، حيث مازال بعض ذوي المسلحين يعيشون في المدينة رغم معارضة الأهالي.
بالمقابل قالت مصادر في الانبار إن إحدى جثث المسلحين الذين قتلوا في الهجوم تعود الى احد المحتجزين السابقين لدى القوات الامنية بعد تحرير الرمادي.
وكان مسؤولون في الانبار، قد حذروا منذ أشهر من “صفقات” ورشاوى مقابل إطلاق سراح متهمين بالانتماء الى داعش.
من جهته اعتبر فيصل العسافي، عضو مجلس عشائر الانبار المنتفضة ضد داعش في الانبار، ان “الهجوم كان وراءه جهات – لم يسمها- سعت الى إسقاط الرمادي”.
ورجح العسافي وهو من سكان جنوب الرمادي، في اتصال هاتفي مع (المدى) ان “تكون هناك خلايا نائمة في المدينة ساعدت المسلحين على دخول الأحياء السكنية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here