آخر رحلة دولية تغادر كردستان مع فرض العراق حظرا جويا

غادرت آخر رحلة جوية دولية مطار أربيل في إقليم كردستان العراق يوم الجمعة بعدما فرضت حكومة بغداد حظرا جويا على الإقليم ردا على استفتاء على الاستقلال واجه معارضة واسعة من قوى أجنبية.

وأيدت أغلبية ساحقة من أكراد العراق الاستقلال في استفتاء يوم الاثنين في تحد لدول الجوار التي تخشى أن يؤدي التصويت إلى تجدد الصراع في المنطقة. وقالت الولايات المتحدة إنها لا تعترف بالاستفتاء.

وعلقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى مطاري أربيل والسليمانية استجابة لإخطار من حكومة بغداد التي تسيطر على المجال الجوي للبلاد.

وكان مطار أربيل أكثر زحاما من المعتاد مع مسارعة الركاب للحاق بآخر الرحلات المغادرة للإقليم قبل الحظر الذي بدأ الساعة السادسة مساء الجمعة بالتوقيت المحلي (1500 بتوقيت جرينتش).

ولا يسري الحظر على الرحلات الداخلية من كردستان وإليها لذا من المتوقع أن يصل المسافرون إلى هناك عبر التوقف في الغالب بمطار بغداد الذي سيواجه ضغوطا بسبب الرحلات الإضافية.

والقيود على الرحلات الدولية ستقلل على الأرجح قدوم رجال الأعمال والمغتربين الأكراد وستؤثر على صناعات متعددة منها الفندقة والخدمات المالية والنقل والعقارات.

وقال تلفزيون رووداو الذي مقره أربيل إن أكثر من 400 شركة سفر وسياحة كردية تأثرت بشكل مباشر بحظر السفر الذي يهدد أيضا سبعة آلاف وظيفة بالقطاع.

ورفضت حكومة الإقليم الاستجابة لطلب العراق وإيران وتركيا تسليم السيطرة على المعابر الحدودية للحكومة العراقية.

وقالت وزارة الدفاع العراقية في بيان يوم الجمعة إن العراق يعتزم السيطرة على المنافذ الحدودية مع إقليم كردستان ”بالتنسيق“ مع إيران وتركيا.

ولم يقدم البيان تفاصيل أخرى ولم يوضح هل تخطط القوات العراقية للتحرك صوب المواقع الحدودية الخارجية الخاضعة لحكومة الإقليم على الجانبين الإيراني والتركي.

وتدخل المرجع الأعلى لشيعة العراق آية الله علي السيستاني ليعارض انفصال إقليم كردستان ويزيد الضغط على الأكراد في أول خطبة تتناول شأنا سياسيا منذ أوائل العام الماضي.

وقال أحمد الصافي الذي كان يلقي خطبة الجمعة نيابة عن السيستاني في مدينة كربلاء جنوبي بغداد إن المرجع الأعلى دعا حكومة إقليم كردستان ”إلى الرجوع للمسار الدستوري“ في سعيها لتقرير مصير الشعب الكردي.

وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إن الولايات المتحدة لا تعترف بالاستفتاء.

وأوضح قائلا في بيان ”التصويت والنتائج يفتقدان إلى الشرعية وسنواصل دعم عراق موحد واتحادي وديمقراطي ومزدهر“.

وأضاف ”ندعو للهدوء ووقف تبادل الاتهامات والتهديدات بإجراءات متبادلة“.

وعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة المساعدة في تهدئة التوتر بين بغداد وحكومة إقليم كردستان.

وفي بيان عقب اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال ماكرون إنه دعا العبادي إلى زيارة باريس في الخامس من أكتوبر تشرين الأول لبحث القضية لكنه حث الجانبين على البقاء متحدين في أولويتهما المتمثلة في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وإرساء الاستقرار في العراق.

وقال ماكرون في البيان ”ينبغي تجنب أي تصعيد“.

وقال مصدر بمكتب ماكرون إن العبادي قبل الدعوة لزيارة باريس في الخامس من أكتوبر تشرين الأول.

وواصلت تركيا معارضتها للاستفتاء. كانت أنقرة توعدت بالفعل بعقوبات اقتصادية ورد عسكري في مواجهة أي تحديات أمنية تفرضها نتيجة الاستفتاء في شمال العراق.

وبعد محادثات في أنقرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الاستفتاء غير شرعي وإن روسيا وتركيا اتفقتا على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية.

وتربط تركيا وروسيا علاقات تجارية قوية مع إقليم كردستان العراق شبه المستقل. لكن الاستفتاء أثار قلق أنقرة التي تواجه تمردا انفصاليا من أقليتها الكردية الكبيرة.

* النفط شريان الحياة

وهددت تركيا بإغلاق خط الأنابيب الناقل لصادرات النفط الكردية والذي يمر بالأراضي التركية لكنها لم تتخذ حتى الآن إجراءات محددة ضد إقليم كردستان.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن إجراءات تركيا للرد على الاستفتاء لن تستهدف إلا من قرروا إجراءه لأن أنقرة لن تجعل المدنيين الذين يعيشون في شمال العراق يدفعون ثمن الاستفتاء.

ومنعت إيران شركاتها من نقل منتجات النفط المكرر من وإلى كردستان العراق.

ورغم ذلك، قال مسؤول بالبنك الدولي لرويترز إن كردستان ستتمكن من مقاومة الحصار الاقتصادي.

وقال المسؤول ”إنه مكتف ذاتيا في الكهرباء والوقود لأن لديه حقول النفط والغاز ومعامل التكرير ومحطات الكهرباء“.

وقال ”لديه أيضا الأرض وموارد المياه للحفاظ على المعايش الأساسية حتى إذا أغلقت الحدود بالكامل“.

وقالت وزارة الخارجية العراقية يوم الخميس بعد اجتماع بين يان كوبيتش ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ووزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إن الأمم المتحدة عرضت المساعدة في حل المشكلة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.

وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت أن الولايات المتحدة تعتزم المساعدة في تيسير المحادثات لمحاولة تخفيف التوتر بين الجانبين إذا طلب منها ذلك.

ويمثل إقليم كردستان العراق شبه المستقل أقرب فرصة لإقامة دولة للأكراد في العصر الحديث. وازدهر الإقليم أثناء الحرب الأهلية العراقية لكنه ربما يواجه مصاعب في الحفاظ على الاستثمارات إذا تعرض لحصار اقتصادي.

وتعارض الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى وتركيا وإيران الاستفتاء وترى أنه مزعزع للاستقرار في وقت لا تزال فيه جميع الأطراف تحارب تنظيم الدولة الإسلامية.

* فقدان التركيز

قال متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إن هناك حالة فقدان للتركيز على قتال الدولة الإسلامية منذ الاستفتاء.

وكثفت بغداد الضغط على الأكراد وطالبتهم بإلغاء نتيجة الاستفتاء بينما دعا البرلمان العراقي إلى إرسال قوات لاستعادة السيطرة على حقول النفط الخاضعة لسيطرة القوات الكردية.

وطالبت بغداد أيضا الحكومات الأجنبية بإغلاق بعثاتها الدبلوماسية في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

ويعتبر الأكراد استفتاء يوم الاثنين خطوة تاريخية لتحقيق حلم الدولة المستقلة الذي راود أجيالا بينما يعتبره العراق إجراء غير دستوري.

كان رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني قال إن الاستفتاء غير ملزم لكن الهدف منه هو الحصول على تفويض للتفاوض مع بغداد والدول المجاورة على انفصال الإقليم سلميا. ورفضت بغداد إجراء محادثات.

وظل الأكراد بلا دولة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية قبل نحو 100 عام. وظل حوالي 30 مليون كردي بالمنطقة منتشرين في أربع دول هي العراق وتركيا وسوريا وإيران.

ويقول الأكراد إن الاستفتاء يقر بمساهمتهم في مواجهة الدولة الإسلامية بعد أن انهار الجيش العراقي أمامها.

إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here