تقرير أميركي يتحدث عن الحقائق الصعبة أمام استقلال إقليمي كردستان وكتالونيا

تطرقت صحيفة “نيويورك تايمز”، إلى بعض الحقائق التي أثارها بعض الباحثين والمحللين السياسيين عن الجماعات والكيانات الراغبة بالانفصال وتشكيل دولة خاصة بها، حيث وصفوا تلك الحقائق بـ “المرة”، في إشارة إلى استفتاء استقلال كردستان الذي أجري في الخامس والعشرين من شهر أيلول الجاري.

ونشرت الصحيفة الأميركية، في تقرير لها يوم أمس الجمعة ( 29 أيلول 2017) أشارت فيه إلى ما تواجهه الجماعات والمكونات العرقية الراغبة بالانفصال وتشكيل دولة خاصة بها، وطرحت تساؤلا بشأن ذلك وهو “متى يتعين على حركة انفصالية أن تشكل دولتها لعقود؟”، مبينة ان “هناك مجموعة من القواعد غير المعلنة لكن المعروفة جيداً، كي تتم الإجابة على هذا السؤال”.

وأضاف التقرير أن هذه القواعد تتضمن عددا من المتناقضات، وبالتالي تخلق تحديات تجعل من انفصال أية فئة أمرا في غاية الصعوبة، كما يحدث حاليا مع الكاتالونيين في إسبانيا، والكرد في إقليم كردستان الراغبين في الانفصال وإقامة دولتهم الخاصة، حيث أكد أن “الحقيقة المرة” للراغبين في الانفصال، تأتي من كونه لا يوجد في القانون الدولي وغالباً القانون الداخلي حق قانوني للانفصال.

ونقلت الصحيفة عن ماكس فيشر، الصحفي الأميركي المهتم بالشؤون الدولية، وأماندا تاوب وهي محامية حقوقية سابقة، قولهما إنه من الضروري من أجل إعلان دولة مستقلة والانفصال الحصول على رضى القوى الكبرى وعلى الأقل الولايات المتحدة، وذلك من أجل إجبار أو إكراه أو رشوة الحكومة التي يحاولون الانفصال عنها منذ فترة طويلة.

وأكدا بانه “إذا لم يكن الانفصال متبادلاً، فمن المستحيل تقريباً أن يتم الحل بسلام، ولذا من الأفضل أن يتظاهر الطرفان بأنَّهما يرغبان به، حيث سيكون الراغبون في الانفصال أمام تحد أكبر إذا ما قرروا الانفصال عن حاكم أو حكومة يمتلكان عددا كبيراً من الأصدقاء، وما إذا السكان من بقية مناطق البلاد يرغبون في الحفاظ على أراضيهم وحدودها كما هي”، وقد بررا رأيهما هذا بالقول “لأن ذلك سيكشف أن أي استفتاء يستبعد الكثير من الناس المتأثرين بنتائجه”.

أما الباحث الذي يدرس حركة الانفصال الكردية، مورغان كابلان، فقد أوضح أن القادة الكرد يعون تماماً أن السياسة الواقعية، وليست المثل هي ما ستحدد نجاح محاولتهم للاستقلال من عدمه، وأضاف أنّه “من وجهة النظر الكردية، كان الاستفتاء يُفترض به أن يكون الخطوة الأولى في عملية تفاوضية مع بغداد وكانت الفكرة هي أنّ التماس المعايير الدولية قد يجذب الولايات المتحدة والقوى الأجنبية الأخرى لدعم الاستقلال، وأن تساعد بدورها، في الضغط على بغداد للموافقة على الانفصال”، وأضاف ” بدلاً من ذلك، دفع الاستفتاء واشنطن وبغداد للمعارضة، موضحاً ما أسماه محللون بـ”معضلة الانفصاليين”، المتمثِّلة في فشل قواعد الانفصال غير المعلنة أو حتى ارتدادها عكسياً”.

وتابع تقرير الصحيفة الأميركية، أن “الشعارات والمبادئ السامية التي يرفعها الراغبون بالانفصال ليست كافية لتحقيق حلمهم، فالكاتولونيون على سبيل المثال بنوا حركتهم على المُثل السامية التي يفترض أن تقود عملية الانفصال، فنظموا أنفسهم دون عنف، ودعوا لاستفتاء شفاف، لكن المشكلة أن الكاتالونيين ليس لديهم دعم دولي يذكر ويواجهون معارضةً كبيرة، تماماً ككرد العراق، الأمر الذي يضع كليهما في مسار صدامي مع القوى العالمية”.

وأشار إلى أن إسبانيا لم توافق على استقلال الكاتالونيين، كما لم يوافق العراق على استقلال الكرد وبدون تلك الموافقة تصبح الأوضاع صعبة، موضحا أن “بسبب ما يفترض أنها مبادئ مقدسة لتقرير المصير، ستتصادم الديمقراطية والسيادة بشكل ما في كل حالة تقريباً، وتقريباً في كل مرة ستكون لدى القوى الكبرى طريقةٌ لتبرير موقفها.

وبالنسبة للتحديات الأخرى بينت الصحيفة أن الكرد في الإقليم يسعون إلى الانفصال وتحقيق حلمهم بدولتهم المستقلة، وتظهر أمامهم تحديات بعيدة عن إرادة الدول والنظام والقانون الدوليين، ومن أبرزها ان “أمام كرد العراق خيارات ضئيلة في القدرة على الاستمرار، بعد أن ركزت بغداد وجيران كردستان الغاضبون الآخرون على أضعف نقاطها، ألا وهو الاقتصاد”.

وأشارت الصحيفة إلى أن “كثيراً من المحللين يذهبون إلى أن تركيز الكرد على الانفصال السياسي قد يأتي على حساب استقلالهم الاقتصادي، وقالوا إن الإقليم الذي تضرَّر بشدة عقب انهيار سوق النفط الخام بعد أن كان يطلق عليه دبي القادمة قد يكون هو من سيدفع الثمن”.

ونقلت الصحيفة عن بلال وهاب، المحلل بمركز واشنطن البحثي قوله “إنَّ أخطر طريقة للإضرار بحكومة كردستان العراق هي الاقتصاد، هل يمكن لحكومة كردستان أن تكون قابلة للاستمرار اقتصادياً؟”، حيث أكد آراس خوشناو، أحد المستشارين الاقتصاديين لدى حكومة إقليم كردستان، ان حكومة الإقليم مدينة بحوالي 5 مليارات دولار لشركات النفط، وقد دفعت لبعض هذه الشركات عبر قروض بنكية.

يشار إلى أن حكومة إقليم كردستان تستورد من 80 إلى 90% من البضائع والخدمات من الخارج، وقد أصبحت مثقلةً بالديون منذ انهيار أسعار النفط عام 2014، وصارت تكافح لدفع رواتب القطاع العام المتضخم لديها، وإلى جانب الضغوط الاقتصادية، ازدادت عزلة الإقليم من دخول الحظر الجوي الذي فرضته بغداد وأنقرة على أربيل حيز التنفيذ مساء أمس الجمعة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here