حكم قضائي متوازن يتناسب مع مستوى الفعل الإجرامي

حكم قضائي متوازن يتناسب مع مستوى الفعل الإجرامي

كتبتُ في صحيفة ” صوت العراق ” ضمن عمودي اليومي ــ مقالات عديدة عن عدم استقلالية جهاز القضاء العراقي و خضوعه لضغوط و تدخلات وأهواء سياسية وحزبية ، و لازلت عند رأيي هذا حتى هذه اللحظة ، هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى فكل هذا لايعني قطعا عدم إصدارإحكام عادلة أومتوازنة من قبل جهاز القضاء العراقي يتناسب مع حجم ومستوى جريمة أوجنحة ما ، أخذا بنظر الاعتبارمجمل الأمورالقانونية المتعلقة وجوانبها الإنسانية إثناء إصدار الحكم ..
فمثلا أن الحكم الصادر بحق جواد الشيهلي ــ إذا صح الخبر ــ كمتضلع في عملية تهريب سجين ، يعتبرحسب اعتقادي وخبرتي ــ بحكم عملي في المحاكم لمدة خمسة و عشرين عاما ــ حكما يتناسب وحجم الفعل الإجرامي الذي أُدين به ، وهو حبس لمدة سنة مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات ..
إذ أن المحكمة عندما تحكم على شخص ما ـــ طبعا بعد توفرأدلة قاطعة لا يطالها أي شك ــ فتأخذ بنظر الاعتبار مجموعة أمور ـــ كظروف مخففة ـــ يتضمنها قرار الحكم ، ولعل أهمها عدم وجود سوابق جرمية يكون قد حُكم بها المدان سابقا ، إضافة إلى اعترافه بارتكاب الجرم المنسوب إليه بأدلة قاطعة ، فضلا عن إبداء استعداده للتعاون الطوعي ــ و ليس الإجباري أو القسري ــ مع السلطات التحقيقية لكشف ذيول الجريمة ، و من ثم تعبيره الصادق عن ندمه لارتكابه جريمة أو جنحة ذات طابع جنائي ، والخ والخ ، فكل هذاه الأمور تعتبر ظروفا مخففة تأخذها المحكمة بنظر الاعتبار أثناء إصدار قرار الحكم .
فغاية المحاكم في النهاية ـــ والقضاء عموما ــ على صعيد الردع العقابي تقوم أصلا وأساسا على محاولات إصلاح الفرد الجانح و إعادة تأهيله ، لإعطاء فرصة للتغييرنحو الأفضل ، ليكون المُدان في المستقبل عضوا نافعا للمجتمع بدلا من أن يبقى عضوا مضرا وصاحب سوابق إجرام متراكمة ومتواصلة طيلة الحياة يسبب أضرارا مادية و معنوية ضد المجتمع و ضد نفسه أيضا .
فيبدو لي إن حكما مخففا من هذا القبيل ـــ أن صح الخبر الخبر الوارد بهذا الخصوص ــ قد صدر في حالة المُدان جواد الشهيلي أيضا والذي يُعد حكما عادلا ومتوازنا إلى حد ما ، ضمن الأنظمة و القواعد والأحكام والمقاييس القانونية المعمولة بها في معظم أجهزة القضاء في العالم .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here