الولايات المتحدة ودول الخليج تعرقل تسوية الأزمة الليبية

انتهت يوم 25 سبتمبر اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي افتتحت 12 سبتمبر في مقر المنظمة بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. خلال هذه الجلسة أعطيت الأولوية لمسائل الأمن العالمي ومكافحة الإرهاب الدولي وتسوية الأزمة في ليبيا أيضا.

خلال الجلسة المغلقة للجمعية العامة اقترح المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة يوم 20 سبتمبر خطة العمل الخاصة بليبيا. وقال سلامة للصحفيين إن الخطة وضعت على ما يبدو مع مراعاة مصالح الليبيين اللذين يريدون وضع حد لحالة عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بالأمو.

وتنطوي خطة للخروج من الأزمة في هذا البلد على تعديل الاتفاق السياسي الليبي، فيما بينها تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي إلى ثلاثة أعضاء وتشكيل حكومة انتقالية جديدة وإجراء استفتاء دستوري وانتخابات برلمانية ورئاسية.

ولا تزال ليبيا دولة مجزأة بعد اندلاع الأعمال العدائية وهي التدخل العسكري من قبل دول الناتو في عام 2011 والحرب الأهلية الجارية. سقطت الجماهيرية الليبية للزعيم معمر القذافي، ولم تنشأ فيها الديمقراطية التي وعدت بها بلدان الغرب.

وفي الوقت نفسه، يوجد في ليبيا مركزان رئيسيان للسلطة هما حكومة الوحدة الوطنية برئاسة فايز السراج في طرابلس ومجلس النواب، مقره في طبرق ويدعمه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وانطلاقا من تصرفات الدول الغربية بشأن ليبيا، لا يوجد ضمان أن خطة العمل ستركز على احتياجات الشعب الليبي حقا، وستغير الوضع في البلاد نحو الأفضل جذريا.

ومن المعروف أن تحاول واشنطن مشاركة في مصير البلد المزدهرة سابقا بشكل مزعوم فقط. وقالت الناطقة الرسمية باسم الإدارة الأمريكية هيذر ناورت إن الولايات المتحدة ترحب بإعلان الأمم المتحدة في 20 سبتمبر عن خطة عمل للنهوض بالمصالحة السياسية في ليبيا ومساعدة الشعب الليبي على تحقيق السلام والأمن الدائمين. ومن الواضح أن هذه الخطة تتوافق مع المصالح المالية الأمريكية. وعلاوة على ذلك، تهتم أمريكا وحلفاؤها إلا في إقامة السيطرة الكاملة على موارد الطاقة الطبيعية المتوفرة في ليبيا.

في الواقع، اعتبر التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا بداية الحملة العسكرية المربحة لواشنطن بهدف الاستيلاء على الذهب الأسود. وفقا لما ذكرته إدارة معلومات الطاقة (EIA)، أن بعد بدء الأعمال العدائية زادت الواردات الأمريكية للنفط من ليبيا بنحو ستة أضعاف: من 3 آلاف برميل في عام2011 إلى 20 آلاف برميل في عام 2012. وتعتبر هذه الأرقام الرسمية تقريبية فقط، لكن مع ذلك، ستظل كمية النفط الرخيص التي تحصل عليها الولايات المتحدة لغزا.

وبالإضافة إلى ذلك، انعكس الموقف الحقيقي للسلطات الأمريكية تجاه الشعب الليبي في مرسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي حظر في يونيو الماضي دخول مواطني ليبيا وخمسة بلدان أخرى في الشرق الأوسط الذين يفرون من الأعمال القتالية والفوضى.

وبالإضافة إلى بلدان الغرب، تتورط دول الخليج بما في ذلك دولة قطر في زعزعة استقرار الوضع في ليبيا. عرض العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي في يونيو الماضي أدلة ووثائق بالصوت والصورة تؤكد تورط دولة قطر رسميا في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية. واتهمت القيادة العسكرية الليبية علي السلبي زعيم إحدى الميليشيات المتمردة بعلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين والعائلة المالكة في قطر.

كما قدم العقيد أحمد المسماري وثيقة تورط مسؤولين قطريين في نشر قوات عسكرية قطرية على الأراضي الليبية في عام 2014 بهدف السيطرة على عدة مناطق أبرزها معتيقة ومصراتة. وفي الوقت نفسه، دولة قطر استخدمت ليبيا كنقطة عبور للطائرات العسكرية القطرية التي وصّلت الأسلحة والذخائر إلى تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية في سوريا.

من الواضح أن الولايات المتحدة وحلفائها تواصل بذل جهودها لتأجيل التسوية السياسية للأزمة في ليبيا. فبدلا من اتخاذ إجراءات وقرارات ملموسة، تبحث واشنطن عن فرص لإضفاء الشرعية على نشاطها غير القانونية والاستيلاء على الموارد الطبيعية للجماهيرية الليبية السابقة. وعلى الرغم من كل مكائد الغرب فالشعب الليبي قادر على مقاومة أي تهديد خارجي بنفسه.
عادل كريم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here