باحث: البغدادي أعاد هيكلة داعش في تسجيله الأخير و يقود حرب استنزاف

قال الخبير في شؤوون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، إن الكلمة الصوتية الأخيرة لزعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، لم تحظ بتغطية كبيرة حتى أن دول التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة لم تعلق عليها، حيث تضمنت إعادة هيكلة التنظيم على الصعيدين الإيديولوجي والاستراتيجي العسكري وذلك بالاتجاه نحو حرب الاستنزاف وتكتيك حرب العصابات.

وأوضح أبو هنية، في تحليل له لكلمة زعيم داعش، ان التسجيل الأخير للبغدادي الذي بثّته مؤسسة “الفرقان” التابعة لتنظيم داعش مساء الخميس الماضي، بعنوان “وكفى بربك هاديا ونصيرًا”، جاء في ظروف حرجة يمر بها التنظيم على صعيد الهيكلي التنظيمي الداخلي بعد ظهور خلافات حادة حول بنيته الإيديولوجية العقدية والفقهية وطبيعة النهج الاستراتيجي العسكري الأمثل بعد خسارة داعش لمناطق سيطرته في المدن الرئيسية بالعراق وسوريا وليبيا.

وأضاف ان البغدادي قام بحسم الخلافات العقدية والفقهية داخل التنظيم بعد أن تفاقمت الجدالات حول المنهج بين التيار التاريخي والتيار الأشد راديكالية الذي يطلق عليه “الحازمي” الذي يتبع تأصيلات الشيخ السعودي أحمد بن عمر الحازمي المعتقل في السعودية، حيث أصدر البغدادي في وقت سابق، أوامر صارمة تقضي باستئصال “الحازميين” من خلال سجنهم وطردهم أو قتلهم.

وأوضح أبو هيبة أن البغدادي أكد في تسجيله الصوتي أن “التنظيم يمثل درعا واقيا للسنة في مواجهة النزعة التوسعية الإيرانية وميليشياتها التي تنتهك حقوق السنة في العراق وسوريا وتحاربهم على أسس طائفية”، كما تطرق إلى الجانب الاستراتيجي والعسكري والوضع الدولي والإقليمي والمحلي وطبيعة الحرب ومكونات التحالفات في سبيل التأسيس لنمط من الحرب الجديدة التي ترتكز إلى مبدأ الاستنزاف وتكتيكات حرب العصابات إقرارا بنهاية الحرب الكلاسيكية مرحليا بعد خسارة المدن.

وبحسب تقييم البغدادي فأن هناك “إحباطا يلف تحالف أمم الكفر، وهم يواجهون ثبات وصمود جنود الخلافة، مما جعلهم يطلبون من بعضهم البعض، تأجيل الخلافات والتعاون وجمع الجهود كلها في خندق واحد لقتال دولة الإسلام”.

وأشار أبو هنية إلى أن البغدادي تطرق في كلمته أيضا إلى جملة من التحديات التي تعصف بالمنطقة، كاستفتاء كردستان وآثاره، حيث بين أن “الحكومة التركية تعيش مخاوف كبيرة، من تمدد الكرد على حدودها مما يدفعها إلى قتالهم حتى لا يطمع كرد تركيا في الاستقلال أيضا، ولكنها لا تقدم على محاربتهم خشية من غضب أسيادها الأميركان والأوربيين، فهي في توقعاتهم معركة حتمية إلا أنها مؤجلة”.

أما بخصوص الصراع السعودي الإيراني، فقد وصف البغدادي آل سعود بأنهم “طواغيت الجزيرة” الذين أعلنوا كثيرا تخوفهم من إيران، الطامعة في احتلال مكة وابتلاع النفط الخليجي، صارت تمد حبال الدعم بأمر الأميركان، لإنقاذ حكومة بغداد من الإفلاس والسقوط مع أن هذا الدعم يصب في مصلحة إيران.

وأفاد بأن البغدادي “بات يدرك اختلال الوضع الإقليمي وانحدار مكانة السنة، ولذلك يشدد على مسألة الهوية السنية باعتبار تنظيم الدولة درع للسنة، ولم يقتصر خطابه على إعادة هيكلة تنظيم داعش، لكنه وسع من استهدافه ودعا إلى مهاجمة المراكز الإعلامية والبحثية والعلماء ممن يناهض التنظيم.

وختم الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية تقريره، بأن الخطاب الأخير للبغدادي تزامن مع عودة حرب الاستنزاف وتكتيكات حرب العصابات لدى التنظيم، حيث شن داعش هجوما واسعا في مدينة الرقة شرقي سوريا على أحياء عدة واستعادها من قبضة قوات سوريا الديمقراطية، كما شن خلال الأسبوع الماضي عدة هجمات كبيرة في عدة محافظات عراقية، حيث أسفرت عن مقتل عدد من القوات الأمنية في محافظة الأنبار.

الجدير بالذكر ان الخطاب الأخير للبغدادي، جاء بعد غياب طويل نسبيا، فقد اختفى بعد شهر من انطلاق معركة الموصل عقب كلمة صوتية بثت في 3 تشرين ثاني/ 2016 ، ومنذ ذلك الوقت انتشرت أنباء تتحدث عن مقتله، وكان أشهرها وأكثرها شيوعا إعلان وزارة الدفاع الروسية في 16 حزيران 2017، بأن ثمة معلومات تدل على مقتل أبو بكر البغدادي بإحدى غارات القوات الجوية الروسية على الرقة السورية في 28 أيار 2017.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here