هل اﻹستفتاء الخطوة الأولى نحو تحقيق مشروع بايدن

دكتور/ علي الخالدي
لقد كان المرحوم أناو شيروان مصطفى من أكثر السياسيين الكورد تحمسا ﻹقامة ثلاث كيانات في العراق ، وهو ما عبرعنه لصحيفة فرنسية عام 1987 ، حُسب في حينه عامل مشجع للتفكير في المستقيل بتقسيم العراق ، كحل لمشاكله المذهبية والقومية . وقد أفصح عنه بشكل صريح بعد إسقاط النظام الدكتاتوري ، من قبل الويلايات المتحدة وحلفاءها ، وإحتلالها العراق في عام 2003 . ومنذ ذلك الوقت بدأء التردد والتحفظ بالمطالبة بفكرة تقسيم العراق يسود فكر اﻷحزاب اﻹسلامية والكردية على حد سواء ، وليس من باب الصدفة أن تشغل فكرة إقامة الآقاليم عند بعض اﻷحزاب اﻹسلامية . مع تلازم ذلك بما أستجد من تصاعد أزمات أمنية وإقتصادية ، إرتبطت عمليا بموازين قوى داخلية وخارجية . إﻻ أن ما ضُمن من حصول قيادات الكتل واﻷحزاب اﻹسلامية وبصورة خاصة الكردية ، مواقع سياسية عليا في إدارة البلد والسيطرة على مسارالعملية السياسية ، وخاصة عند تبنيهم لنهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية المقيت ، الذي سوى عملية تقاسم السلطة وثروات البلاد فيما بينهم ، مما ألزمهم إلتزام الصمت والسكوت ، عن عدم تحديد مسؤولية أي طرف منهم عن الفشل والفساد وسرقة المال العام ، تطبيقا ﻹسلوب شيلني وأشيلك ، وعن حرف العملية السياسية عن سكتها الحقيقية ، مكتفين بماحققه قادة اﻷحزاب و الكتل الحاكمة من مصالح ذاتية وحزبية ، كانت وراء ذلك السكوت والصمت المطبق عن ما فات ذكره .
ومع إهمال دوافع الصمت والسكوت عن ضياع ثروات البلد بمشاريع وهمية ، وبصورة خاصة محاسبة من وقف وراء كارثة تدنيس ثلث أرض الوطن من قبل داعش . وما جرى من لفلفة الموضوع ، بإتباع إسلوب لوي اﻷذرع وفرض اﻹرادات ، وإستعمال القوة المفرطة بحق من تسول له نفسه المطالبة بالتغيير واﻹصلاح من حاملي الهم العراقي ومنظمات المجتمع المدني ، ومما زاد الطين بلة ترافق ذلك ، اﻹصرار الجمعي لتواصل ما تبنوه من نهج طائفي إثني ، ﻵ زال واقفا وراء ما وصلنا اليه من مآسي وويلات ، إكتنفت حياة المواطنين و لبدت سماء الوطن خلال 13 عام
لقد وضع متبني المحاصصة مطاليب الشعب بتعديل الدستور و تطبيق ما جاء في بعض مواده ، وخصوصا المادة 140 وتحريك إصدار قوانين تنصف الشعب والوطن ، كقانون النفط والغاز ، وقانون منصف للإنتخابات وهيأة اﻹشراف عليها ، بدل من وضعها على الرف ، لكان من شأن ذلك، أن يشكل بشكل واضح إستجابة تصب بإتجاه مصالح الشعب والوطن العليا ، بعكس ذلك رفعوا من سقف ممارساتهم بهضم حقوق فقراء الناس واﻹساءة لوحدة مكونات شعبنا ، وأخيرا ما أنيط اللثام عنه على لسان الرئيس البرزاني المنتهية وﻻيته ، للقيام بإستفتاء الشعب الكوردي حول إنفصاله عن وطن اﻷم العراق ، رغم معرفة الجميع أن وراء ذلك تكمن مواصلة حكمه والتغطية على مصادرة الحريات الديمقراطية وشل البرلمان الكوردي .ناهيك عن الفساد والمحسوبية التي سادت حكم اﻹقليم
لم يعد خافيا على أحد أن إقامة اﻹستفتاء، جاء كإسلوب ضغط لمقايضة الكتل اﻹسلامية في بغداد بتقديم تنازﻻت ، مما أثار إحتجاجات شعبية داخلية ودولية ، مطعمة بأساليب تهديدية وتعنتية من قبل بعض الميليشيات السائبة وأطراف نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية المقيت ، مما يدل بشكل قاطع على أن النهج الذي أتفقوا عليه لتسيير دفة سطوتهم ، جاء ليكفل توزيع المغانم ، بما يتماهى وتحقيق المصالح الذاتية لقادة الكتل واﻷحزاب التي تبنت النهج المحاصصاتي المقيت ، وأهملت تحقيق ما كان تصبوا إليه الجماهيربعد إسقاط الصنم ، وبهذا يكون الكل يتحمل مسؤولية ما وصل اليه الشعب والوطن من مآسي وويلات ﻻزمت حياته اليومية طيلة 14 عاما من حكمهم ، ماعينين باﻹبتعاد عن تحقيق مطاليب حاملي الهم العراقي ومنظمات المجتمع المدني بالتغيير واﻹصلاح ، ونبذ والتراشق الكلامي وكيل اﻹتهامات عن مسؤولية فشلهم بإجراء حوار يفضي إلى التفاهم ومعالجة اﻹشكالات الراهنة . لكن المتحاصصون تجاهلوا تلك الدعوات وأنكروا مساويء نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، ولم ينصاعوا لمنطق العقل والحكمة، الذي يدور في خلد الحرصين على وحدة العراق من منظمات مدنية ونقابية في كل أجزاء العراق بما فيها كردستانه ، في تقديم تنازﻻت وهجر التعنت في المواقف لحيلولة دون لجوء أي طرف من اﻷطراف الذي لم يستبعد تقسيم العراق قسمة ضيزى ، وأن يتحلوا بمنطق التفاهم على الحقوق والواجبات لكل مكونات شعبنا القومية بشكل عادل مضمون . والعمل بجدية من أجل عراق ديمقراطي فدرالي موحد في الظرف الحالي ، مع العمل على كل ما من شأنه إزالة اﻹحتقان الذي يريد البعض بقاءه مشحونا حتى يتواصل تحقيق أجنداتهم ، والذين يتربصون ﻹقتناص الفرصة ويجهزوا على كل ما تبقى من إمكانيات كفيله بمواصلة شعار شعبنا ببناء الدولة المدنية الديمقراطية ، التي تضع في مقدمة أهدافها بناء العدالة اﻹجتماعية التي بها ستتحقق الحياة الحرة الكريمة لكل مكونات شعبنا القومية ، وعندها فحسب تختفي جميع اﻹشكالات بينها
لقد أجمع المغرضون على تحويل اﻹستفتاء إلى إنفصال ، دون إجراء حوار بناء حول مختلف كل الملفات والقضايا السلبية التي رافقت سكوت أطراف شيلني واشيلك ، من متبني نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية المقيت ، والتي إرتهنت على ما سيفرضه أﻷمر الواقع ، دون اللجوء إلى تطبيق الدستور، الذي ديس على الكثير من مواده الضامنه لحقوق الجماهير الفكرية واﻹنسانية ، بسعيهم للإنفراد بالسلطة ، مما أدى إلى خنق العملية السياسية، وفتح الباب على مصرعيها لمشاريع تقسيم العراق ، وفي مقدمتها مشروع بايدن . ومن يدري أن تعلن أطراف أخرى رغبتها بإعلان أستفتاء لتحقيق مصيرها ، تماشيا مع ما يريده الطامعون بإنشاء الأقاليم ، والله يسترعراقنا من ما كان يخطط له أمريكيا وإقليميا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here