أفول أخر الرجال المحترمين في كردستان

صادق القيم

جلال الطلباني الرئيس السادس لجمهورية العراق، حكم العراق من “٢٠٠٥-٢٠١٤” وكذلك حكم العراق في مجلس الحكم، وهو أول رئيس جمهورية للعراق من قومية كردية، له تاريخ نضالي كبير في الدفاع عن القومية الكردية، وهو أحد قادة الأكراد البارزين ويعتبر من الجيل القديم المعاصر لمصطفى البرزاني ومحمود الحفيد، ويعرف عند الأكراد بأسم “مام جلال” أي العم جلال.

أنضم الطلباني الى الحزب الديمقراطي في أواخر أربعينات القرن المنصرم، وكان قائد لجبهة سليمانية وكركوك، عندما أنتفض الأكراد على حكومة عبدالكريم قاسم في الستينات، حيث حدث أنشقاق في الحزب الديمقراطي، وكان هو عضو في الهيئه السياسية أنذاك، وانفصل عن مصطفى البرزاني، وفي السبعينيات أسس هو ومجموعة من المثقفين حزب الأتحاد الكردستاني.

عرف الطلباني سياسيا محنكا ودبلوماسيا من الطراز الأول، فضلا عن كونه محاربا يعد من مقاتلي الجبل الذي دافع عن الديمقراطية وحقوق الأكراد، في حكم قاسم وحكم صدام، حتى شنت القوات العراقية عملياتها ضد الحركة الكردية، التي سميت بعمليات الأنفال وسحقت الأكراد تماما..

كثيرا من المؤتمرات السياسية التي عقدتها المعارضة العراقية أبان حكم المقبور صدام، كانت بحضور الطلباني، وكثيرا من الأزمات بين سياسيين كافة لا الاكراد حصرا، كانت تجد كلمة الفصل مع المرحوم مام جلال، حيث كان يمتلك مقبولية كردية واحترام واسع بين أوساط شعب كردستان ومسؤوليها، وأيضا كان يمتلك أحتراما وتقديرا كبير من القيادات الشيعية.

عندما أنتكست حالته الصحية أنتكست معها الدبلوماسية الكردية داخل الأقليم وخارجة، حيث تنازع الفرقاء على الكثير من الأمور ومنها منصب رئيس الجمهورية، الذي هو من حصة الأكراد، ولم يصل الى حل حتى حضر رغم سوء حالته، وكانت كلمته الفصل في أختيار معصوم رئيس للجمهورية من بعدة.

أمتلك جلال علاقات طيبة جدا ذات أمتداد تأريخي مع قادة الشيعة، المتمثلة بالسيدين الراحلين محمد باقر الحكيم و عبد العزيز الحكيم، حيث كان تعتبر هذه العلاقة حلفا سترتيجيا، كان هذا الحلف نتيجة أحترام وتقدير الطلباني لموقف زعيم الطائفة الشيعي السيد محسن الحكيم “قدس”، الذي أمتنع عن أصدار فتوى تقتضي بقتل ومحاربة الأكراد.

أستغل البرزاني غياب مام جلال عن الساحة السياسية، وقام ببسط نفوذة داخل الاقليم مهمش الشركاء من الأتحاد والتغير، وتوسع في سياستة القبلية ودمر ما بناه الراحل من علاقة طيبة مع حكومة بغداد، معتمدا بذلك على غياب منافس قوي وصلب يستطيع حلحلة الأمور.

رحيل الطلباني يعني غياب الحكمة والتروي في قرارات الاقليم، وبقاء الأمر بيد من لا يريد للعراق خيرا،كما في المثل الشعبي”ضل البيت لمطيرة وطارت بي فرد طيرة”، وهنا نستطيع أن نعلن فقداننا أخر رجل طيب وحكيم في كردستان، وليس لنا ألا طلب الرحمة والغفران للفقيد الراحل، ونتمنى ظهور شخصية كردية وطنية تحمل لواء الراحل وتمسك زمام الامور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here