الرمادي تستعين بالطيران الأميركي لصدّ هجماتٍ “إرهابيّة” استمرّت أُسبوعاً

بغداد / وائل نعمة

نقل أغلب زعماء قبائل الرمادي مجالسهم الى خطوط الصدّ لدعم المقاتلين الذين يراقبون عن كثب الحدود المطلة على صحراء المحافظة. ويتعاون الجميع على جبهات الصدّ لمنع تكرار ما حدث قبل أسبوع، عندما فاجأ عشرات المسلحين سكان مدينة الرمادي بالهجوم على بعض مناطقها.وحتى بعد مرور أسبوع كامل على الهجوم الذي نفذه داعش على مناطق تقع جنوب الرمادي وغربيها، بقي مقاتلوه يحاولون تنفيذ هجوم جديد على المدينة.
ومؤخراً، نجحت غارة جوية استهدفت اجتماعاً للتنظيم قرب منطقة الطاش الواقعة جنوب الرمادي بقتل أكثر من 100 من المسلّحين على الأقل.
وشنّ التنظيم نهاية الشهر الماضي أعنف هجوم على الرمادي منذ تحريرها، وخسر خلاله نحو 70 مسلحاً.
وأعلن قائد شرطة محافظة الأنبار اللواء هادي رزيج كسار الأربعاء الماضي، أنّ “القوات الأمنية والعشائر استعادت السيطرة على منطقتي الطاش والمجر جنوب الرمادي، ومنطقة الـ7 كيلو غرباً (…) وتمكنت من قتل جميع عناصر داعش المتسللين”.

البحث عن ثغرة
لكنّ عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع العيساوي، يقول إن “تنظيم داعش واصل محاولاته لإحداث خرق أمني آخر في الرمادي، حتى قبل أول من أمس”.
ونفّذ المسلحون خلال الهجوم الأخير على الطاش والـ7 كيلو التابعتين للرمادي، عمليات إعدام بشعة بحق رهائن احتجزوهم، وقطعوا رؤوس مدنيين وعسكريين.
ويضيف العيساوي لـ(المدى): “بعد ذلك الهجوم حاول المسلحون اقتحام مناطق أخرى في الرمادي، وهاجموا هيت وكبيسة في غرب الانبار”.
ونقلاً عن مصادر رسمية، يقول المسؤول المحلي ان “250 مسلحاً قتل خلال الهجمات الأخيرة”، فيما أكد أن هناك “ضربات جوية” استهدفت مسلحين آخرين في الصحراء.
وكانت مصادر عسكرية قد كشفت في وقت سابق، عن مقتل أكثر من مئة عنصر من تنظيم داعش في قصف نفذه طيران التحالف الدولي في صحراء الرمادي.
وقالت تلك المصادر في تصريحات صحفية، إنّ “التحالف الدولي” قصف منتصف ليل الأحد/ الإثنين الماضي، معسكراً كبيراً اجتمع فيه العشرات من عناصر التنظيم ويحوي كمية كبيرة من الأسلحة والمتفجرات في صحراء الرمادي المحاذية لمنطقة الطاش بمسافة تقدر بسبعين كيلومتراً جنوب المدينة.
وأضافت إن “الغارة نفذت خلال تجمع عناصر التنظيم في المعسكر لعقد اجتماع مع القيادات الميدانية، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 من الإرهابيين وتفجير مستودع الأسلحة عقب القصف”، مؤكدة أن “الغارة تعدّ الأقوى في المحافظة منذ استعادة الجيش العراقي لأغلب مدن الأنبار أواخر 2015”.
وفي هجوم الرمادي الأخير، قُدّر عدد المهاجمين بنحو 80 مسلحاً أغلبهم من الانتحاريين، نفذوا الهجوم بالاعتماد على 10 عجلات وقطعوا طريقاً صحراوياً يربط الانبار بكربلاء.
ويقول راجع العيساوي، المسؤول الامني في مجلس الانبار، إنه “بعد الهجمات الأخيرة كثّف الطيران العراقي والأميركي طلعاته”.
من جهته، شكك قيادي في الحشد العشائري متواجد عند خطوط الصد في جنوب الرمادي، بالأرقام الرسمية التي ذكرت عن عدد قتلى “داعش” بالهجمات الأخيرة.
وقال القيادي الذي طلب عدم نشر اسمه خلال لقاء هاتفي مع (المدى) أمس، إن “العشائر والقوات الأمنية قتلت على الاقل 400 مسلح في غضون أسبوع” وفجرت 5 سيارات ملغمة، بالإضافة إلى تدمير 49 عجلة عسكرية وأخرى نوع (بيك آب) تحمل أحاديات.
ويقدر المسؤول العشائري وجود “4 آلاف” عنصر من داعش مايزالون في الصحراء.
وكانت القوات الأمنية قد تمكنت نهاية 2015 من إعادة السيطرة على الرمادي. وظهر التنظيم لأول مرة في الانبار حين سيطر على مدينة الفلوجة نهاية عام 2013.
وخلال العامين الماضيين، تعرضت المدينة لنحو 40 هجوما بالسيارات المفخخة، كما كانت تحدث عمليات تسلل بين حين وآخر من مناطق شمال الرمادي التي تحررت بعد ذلك.

“حوران” من جديد
ويعتقد عضو مجلس العشائر المناهضة لـ”داعش” في الأنبار فيصل العسافي ، أن الهجمات الاخيرة على الرمادي “محاولة من المسلحين لفك الضغط عن الحويجة والقائم”.
ويقول العسافي لـ(المدى) إن “الدواعش مايزالون في الصحراء الواسعة حيث يصعب العثور عليهم بسبب وعورة تلك المناطق”. وتضم المنطقة الصحراوية الواسعة، ودياناً كبيرة مثل حوران وشلابات، بالإضافة إلى مناطق وعرة مثل “الكعرة” و”النعجة” في غرب الانبار.
ويقول العسافي إن “هناك 220 كم من الصحراء في مفرق الطريق المؤدي إلى الحدود العراقية السعودية والأردنية، كما أن هناك 270 كم أخرى بين ذلك المفرق إلى منطقة النخيب القريبة من كربلاء”.
ويضيف عضو مجلس العشائر المناهضة لداعش، إنّ “في تلك المناطق كهوف طبيعية يمكن ان تكون مخابئ للمسلحين”.
ويعتقد أن “داعش” كان قد انطلق لمهاجمة الرمادي في نيسان 2015، من وادي حوارن.
وكانت العشائر في الرمادي، قد قاومت 18 شهراً قبل أن تسقط المدينة بيد التنظيم.
ويقول العسافي: “هذه المرة لن نسمح بسقوط المدينة مرة أخرى”، مضيفا انه “منذ الهجوم الأخير على الرمادي يتواجد زعماء العشائر يومياً على جبهات الصد لدعم المقاتلين”.

الهجوم الحاسم
وفي سياق متصل، مازالت القوات المشتركة تقوم بتحصين المناطق التي تحرّرت في غرب الانبار، خوفاً من تسلل المسلحين من الصحراء. ويقول قطري العبيدي، القيادي في حشد غرب الانبار، لـ(المدى)، “نقوم بتأمين الطريق بين عانة وحديثة الذي يمتد لمسافة 70 كم”. وكانت القوات العراقية مع فصائل الحشد العشائري، قد استعادت في 21 من أيلول الفائت مدينة عانة، التي بقيت تحت سيطرة “داعش” 3 سنوات.
بالمقابل، أكدت مصادر عسكرية مطلعة لـ(المدى) أن “القوات اعتقلت 150 مشتبهاً به في عانة، أغلبهم لم يثبت عليهم شيء، لكن لم يطلق سراحهم حتى الآن”.
وأضافت المصادر أن “التحقيقات مستمرة الآن مع 23 مشتبهاً آخرين”. وكانت نحو 1000 عائلة موجودة في “عانة” عندما شنت القوات العراقية هجوماً على القضاء، تم تدقيق هوياتهم في أحد الملاعب الشعبية.
وتتوقع المصادر أن تبدأ العملية الحاسمة لاستعادة قضاءي راوة والقائم من قبضة المسلحين في الأسبوعين المقبلين، فيما أكدت قرب وصول 4 أفواج من مكافحة الإرهاب ولواء من الفرقة 8 /جيش”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here