المطالبة بالإقليم السني , زوبعة في فنجان

محمد رضا عباس
لن يتحقق هذ الإقليم , لان المطالبة به جاءت من ناس معروفون بتوجهاتهم الطائفية , في وقت غير مناسب , وتوجه مرفوض داخليا وخارجيا. الإقليم السني الذي يحلم به بعض الساسة والذي حسب ما يزعمون سيتكون من ستة محافظات (الانبار , نينوى, صلاح الدين, ديالى , كركوك , و بغداد , نعم بغداد) سوف لن يتشكل وللأسباب الاتية:
1. ان تصرفات إقليم كردستان مع حكومة بغداد والتي كانت أساسها الهيمنة والاستحواذ وعدم الانصياع الى قرارات الحكومة الفدرالية سوف لن يشجعها بتأسيس فدرالية أخرى سواء في الجنوب او الوسط او الغرب على وزن فدرالية كردستان. بالحقيقة , ان تصرفات قادة الإقليم مع قرارات بغداد ضر كثيرا بطموحات الأقليات الكردية التي تعيش في المنطقة (ايران, تركيا, سوريا) وسوف لن يسمح لهم بالمطالبة بتحقيق ابسط مطالبها.
2. اجراء إقليم كردستان استفتاء الانفصال زاد الطين بلة , حيث ان علاقة الأقليات في الدول المجاورة مع حكوماتها أصبحت اكثر تأزم , وهذا يفسر سبب الاهتمام البالغ الذي اظهرته تركيا وايران تجاه الاستفتاء. كلا من إيران وتركيا اتفقتا بان يعملوا سوية لقمع أي انفصال يجري في العراق عسكريا. خلال أسبوع واحد قامت تركيا بإعلان مناورات عسكرية بمشاركة الجيش العراقي , , وبعد ثلاثة أيام تبعها مناورات عسكرية أخرى مشتركة بين الجيش العراقي والجيش الإيراني على بعد 250 متر من حدود كردستان العراق.
3. ان دعوة تأسيس إقليم سني في العراق جاءت من اطراف اما بضد من العملية السياسية او من اطراف مطلوبة للقضاء العراقي بتهمة الإرهاب متخذين عمان واربيل واستنبول وكرا لهم . هؤلاء الذين يطالبون بتأسيس الإقليم السني رجال دين , رؤساء عشائر , ورجال اعمال ليس لهم انصار بين المكون السني, بل انهم متهمون بمسؤوليتهم عما جرى من قتل وتدمير للمناطق السنية وما جرى لهذا المكون من تهجير وفقر.
4. ان أيدولوجيات المطالبون بالإقليم السني هم بالضد من الدستور العراقي والذي بني على مفاهيم الحرية والديمقراطية. المطالبين بالإقليم السني مجموعة من الطائفين وبقايا من حزب البعث ومن المتعاونين مع داعش. ان قيادة هؤلاء للإقليم السني سوف لن ينتج منه الا الاضطرابات الأمنية والسياسية بسبب ايدولوجياتهم التي قاعدتها الدكتاتورية ومصادرة اراء الاخرين. ابنا المنطقة الغربية لا يختلفون عن أبناء الشمال والوسط في توجهاتهم نحو الديمقراطية واحترام راي الاخرين.
5. ان هؤلاء المطالبين بالإقليم السني لا يمثلون المكون السني على الاطلاق. بعظهم رؤساء افخاذ صغيرة ضمن المكون السني , بعضهم خسر مواقعه في النظام الجديد ,و بعضهم اتخذ من الطائفية مرتكزا لتوجهاته. بالحقيقة , ان استفتاء إقليم كردستان كشف عمالتهم و عداوتهم للعراق الواحد , وانهم ليس الا مرتزقة للسيد البرزاني , تماما عندما كان النظام البائد يستخدم بعض ضعاف النفوس من الاكراد لقتل أولاد جلدتهم والوقوف ضد تطلعات الشعب الكردي المشروعة. وهذا ما أكده النائب عن اتحاد القوى العراقية عبد الرحيم الشمري والذي اعتبر , ان ” الداعين من السنة لأنشاء إقليم سني لا يمثلون السنة , وفي الحقيقة لهم علاقات استراتيجية و مصالح مع حكومة إقليم كردستان”.
6. ان العراق استطاع كسب عطف وصداقة الدول العربية والدول المجاورة له واصبح لهم واضحا ان العراق موحد وقوي بكل مكوناته , وبذلك سيكون من الصعب على أصحاب توجهات تأسيس الإقليم اقناع قادة الدول بدعمهم . لقد عرف العالم ان دعوة التهميش والإقصاء كانت مؤامرة على العراق وعلى المكون السني والتي كانت إحدى أسباب دخول داعش المناطق السنية وتدمير مدنهم. لا يمكن لأي سياسي عراقي يطالب بدعم عربي او إسلامي يدعم تأسيس إقليم سني بدعوة الاقصاء والتهميش بعد ان اثبتت الحكومة للعالم ان لا يوجد تهميش واقصاء لأي مكون في العراق.
7. ان تأسيس أقاليم و فدراليات ودول على أساس الدين او المذهب او القومية أصبحت بضاعة لا تشترى , في عالم بدء بتشجيع التعايش السلمي بين المختلفين . العالم بدا ينظر الى حجم قيمة مشاركة المواطن في تطوير بلده , ولا ينظر الى جنس المواطن او لونه او دينه او مذهبه. أمريكا البيضاء انتخبت براك أوباما حسين الأسود ومن أصول إسلامية لان المواطن الأمريكي اقتنع ان هذا المرشح للراسة له المؤهلات الكافية لقيادة البلد من بين ما يقارب 20 من البيض المنافسين له.
8. ان الأصوات التي خرجت من بعض سياسيو السنة المطالبون بالإقليم كان أساسها مصالح حزبية , وهو فشلهم في تقديم خدمات ملموسة لمواطنيهم وخوفهم من خسارة مواقعهم في الانتخابات القادمة , وبذلك بدأوا يطلقون دعوات تأسيس الإقليم عسى ان يحافظوا على مواقعهم.
9. ان الإقليم السني وان كان يقع على مساحة ارض واسعة ونفوس تتجاوز 13 مليون نسمة , الا ان الإقليم سوف يعاني مشكلة اقتصادية كبيرة , ان الإقليم ينقصه الثروات ورأسمال , وحتى لو ادعى قادة هذا الاتجاه ان هناك ثروات فوق وتحت ارض الإقليم , الا ان هذه الثروات لم تستغل وتحتاج الى سنيين طويلة من اجل انتاجها و تصديراها الى الأسواق الخارجية. كما وان عدم وجود حدود مائية لهذا الإقليم يجعل من الصعب عليه مقاومة أي مقاطعة اقتصادية ضده.
10. ان توقيت الدعوة الى تأسيس إقليم سني جاءت تماما مع توقيت دعوة إقليم كردستان الى الانفصال. كلاهما حاول استغلال انشغال الحكومة المركزية في حربها مع داعش . بالحقيقة , ان دعوة تأسيس إقليم سني جاءت للاستفادة من التشنجات بين بغداد و أربيل حول الاستفتاء , وهذا ما جاء في تصريح ناجح الميزان , احد الداعين الى الإقليم السني , بالقول “بضرورة استغلال الحدث (استفتاء كردستان) والخروج من عباءة الحكومة بغداد”.
وأخيرا , ان المراهنين على اقلمة ستة محافظات هو مشروع ميت قبل ان يولد , خاصة اذا انضمت بغداد الى الاستفتاء . سوف لن أكون مغاليا ان قلت , ان عدد سكان مدينة الثورة , الحرية , والشعلة كافي لأسقاط المشروع , لان اهل هذه الأرض يحبون العراق واحدا موحدا , حتى وان كان اغلبهم لا يملك شبر واحد من ارضه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here