فقدنا قائدا لن يتكرر

عماد علي
عندما نعيد نظرة خاطفة فقط على محطات حياة القائد الواقعي الاممي مام جلال، نتاكد بانه عاش بعقليته التقدمية النموذجية و تعامله مع الواقع و ما حدث في عصر كانت ثقافته و عقليته اكثر تقدما من مرحلته الحياتية و ما اتصف به مجتمعه . انه تعامل مع الاحداث بشكل لم يعقله البعض و لم يتفهمه الاخر الا بعد ان كشف فيما بعد بانه كان على الصواب في تعامله مع الحدث في اكثر الاحيان . يمكن ان نتذكر الكثير و منه كيف كان رايه على من ينتقده و يفسح المجال للجميع في بيان رايهم في اخطر المواضيع و حتى على شخضيته، الم يذكر الجميع موقفه ممن انتقد الثورة الكوردية, و هاج الجميع على الكاتب وعلى ما كتبه و في مقدمتهم المثقفين حتى وصل الامر الى تخوين الكاتب، الا ان القائد مام جلال و بحكمته و تصرفه مع الموقف و نظرته الى ماحدث و كانه امر طبيعي, والمستغرب في الامر بانه اتخذ موقفا مثاليا تقدميا في وضع و ظروف لا يمكن الا ان يتخذه شخص يعيش كالاخرين في زمن ليس الا ان يكون اكثر تقدما من مرحلته، فانه دافع عن الراي المخالف و طالب من المنتفضين على كاتب الانتقاد ان يردوا عليه بسلاحه و هو القلم، ان كان محقا فيقتنع به المنصفين من القراء و ان كان على الخطا فلم يتقبله القاريء او من يسمعه . المستغرب في الامر ان هذا لم يحدث في عصرنا هذا الذي يتمتع بالكثير من الحريات و حق الانتقاد المكفول الذي لم يتفهمه حتى قادة اليوم لحد اليوم و انما في زمن كان العقلية السائدة حتى على الثوار هو التزمت و الالتزام براي الذات، و عدم تقبل الراي الاخر كان سائدا في عقلية الجميع، نعم الجميع .
الم نتذكر عمق تفكيره و ايمانه بالانسانية و اعتماده قواعد الحياة التقدمية و حقوق الانسان و تعامله مع القضايا و الاحداث بخلفية تقدمية منصفة و غير حاملة للضغينة و الحقد و الكراهية، بل بشاشة وجهه و دماثة خلقه فرضت شخصيته و كاريزماه و لا يمكن ان يبرز مثيلا له الا نادرا . الاهم ان يدرك الجميع بان قراراته العامة و اسلوبه و توجهاته و نظرته الى الاحداث الكبيرة كانت مبنية على العدالة و الحكم القانوني العادل ايضا، و خير مثال عدم نكثه بتوقيعه و موافقته على لائحة رفع عقوبة الاعدام، و اثبت موقفه العقلاني الذي اعتبره صحيحا على الارض حتى مع من كان يكن له العداء، اعفى عن من كان ضده و هو في اعلى سلطة . بينما كان صدام حسين رئيسا للعراق اعفى جميع الثوار و البيشمركَة الكورد و استثناه شخصيا من العفو, بينما لم يوقع مام جلال على امر اعدامه بعد اسقاطه. هذا كان في وقت لقد اغضبنا نحن جميعا من موقفه و تبين فيما بعد بانه كان يفكر في عمق لا يمكن ان نصل اليه نحن و كان يحسب لكل خطوة عن ما يبرز منها من الافرازات و المعطيات و التداعيات و المؤثرات على المجتمع. و سجل مواقف تاريخية لا يمكن ان يكون لها مثيلا حتى عالميا الا نادرا .
لنا ان نتذكر في بعض محطات حياته الكثير من خصاله الجميلة و منها اعترافه كثيرا بما اخطا فيه و ان حسبناه نحن بانه ليس بخطا، و ما سلكه من الخطوات التي اعتبرها الكثير من غير المعقول و ليس لصالحه شخصيا الا انه ضحى بكل ما يمت بصلة بمصلحته من اجل كوردستان شعبا و ارضا و اتضح فيما بعد ان خطوته اصبحت منعطفا كبيرا و جميلا لحياة الشعب الكوردستاني، الاهم انه تعامل دون ان يحدث ضجة او يبرز من اية موقف له اعتراضا كبيرا من قبل الاخر, و كم جمع الاراء و المواقف المختلفة مع البعض. تعامل مع حزبه و شعبه و قضيته بما يمكنهم من الاقتناع بما يؤمن و وفق السمات الشرقية التي يتمتع بها الشخصية الشرقية و الكوردية بالذات، و لكنه راعى الواقع والموجود و اعطى جرع تقدمية متتالية من كافة النواحي السياسية الثقافية الاجتماعية بما يمكن ان يتقبله الواقع الكوردي و ان كان بعضه على المضض، و خير مثال على ذلك هو موقفه و تعامله مع القضية الاهم في المجتمع و هي المراة ودورها في المجتمع .
على الرغم من ان الصراع السياسي الموجود دائما بين القادة في الحزب الواحد و بين الاحزاب و بالاخص في واقع غير مثالي كما هو المجتمع الكوردستاني الذي الذي انبثقت منه الاحزاب، قد يؤدي الى الكثير من التعقيدات و ما كانت عليه الارضية من الابواب المشرعة على تدخل الاعداء، الا انه لم يدع نقطة ما يمكن ان تؤدي الى انهيارات كانت محتملة، و كم انقذ الجميع من المخاطر الكبيرة و الحوادث السياسية بحكمته و استدلاله للمستقبل. تلمسنا مدى تقدم الشعب الكوردي في مرحلة حكمه و تسلمه كرسي رئاسة العراق، على الرغم من ان هناك انتقادات كبيرة للقادة الكوردستانيين جميعا على التوجه نحو بغداد بعد سقوط الدكتاتورية .
من اهم خصلاته الجميلة و الكبيرة و المهمة التي تمتع بها هي معنوياته العالية في اي وقت و بالاخص في احلك الظروف التي كان يمر به الشعب الكوردستاني، و في بعض منها كان هو الوحيد المتفائل على ان القضية الكوردستانية ستصل الى حال يحقق بها الشعب احلامه و امنياته و اهدافه، و لكن في وقته المناسب, و خير دليل على ذلك هو نظرته الى القضية الكوردية في مرحلة مابعد الانفالات و تعرض الشعب الكوردي للاسلحة الكيميائية من قبل الدكتاتورية العراقية وفي الانتفاضة و النزوح المليوني فيمابعدها و كيف تعامل مع الواقع انذاك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here