الرئيس.. حين يفقد البوصلة!

كاروان مارديني
سأبدأ من حيث انتهى لقاء طهران بين الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والايراني حسن روحاني ومباركة المرجع الشيعي الايراني علي خامنئي على القرارات المتخذة بحق اقليم كوردستان(اسرائيل الثانية!) غير المعلنة وغير المنفذة حتى الان.
ابدأ اولا بالسيد اردوغان، واقول انه لم يتصرف مؤخرا كرجل دولة، ليس بالنسبة الى موقفه المتشنج من الاقليم، وانما في عدد من المواقف السابقة منها تدخله في الازمة القطرية مع دول الخليج والازمة مع روسيا في اعقاب اسقاط طائرة حربية وتصلبه، ومن ثم هرولته الى الكرملين ودفع فاتورة عناده بالعملة الصعبة وليس بالليرة التركية او الروبل الروسي، وافتعال خصومة مع المانيا والاتحاد الاوربي. فقد كان هناك رد فعل غير مدروس من قبله ادى الى اطلاق جملة من التصريحات النارية التي سرعان ما تبخرت، والتي لم تؤد الا الى المزيد من التعقيد، ومنه ابتعاد تركيا خطوة اخرى من الوصول الى اوربا.
قدر تعلق الامر باقليم كوردستان، فان وقوفه امام الجمعية العامة للامم المتحدة واعلانه امام المجتمع الدولي رفضه للاستفتاء الذي جرى في اقليم كوردستان العراق ( وليس في اقليم كوردستان تركيا) اعتبر تدخلا فاضحا في شؤون دولة مستقلة وذات سيادة ( كما لا ينسى اصدقاؤنا المتنفذون في بغداد على اسماعنا بمناسبة وغير مناسبة وهم يعلمون قبل غيرهم ان لا شيء قائم الان اسمه السيادة الوطنية في العراق).
لم يكن من اللباقة بالنسبة الى رئيس يعتبر نفسه رئيس دولة ان يهدد اقليما ضمن دولة غير دولته وتحت سقف المنظمة الدولية، فقد اثار استهجان العديد من الحاضرين.
كان هذا الاعلان بداية غير موفقة لتدارك موضوع خارجي ربما قد سبب لدولته الانزعاج. ومن ثم توالت التصريحات (غير المتزنة) وصل الامر الى التلويح بتجويع شعب قوامه ستة ملايين نسمة ومليوني نازح لجأوا الى حماه هربا من الحرب الاهلية ومن ارهاب داعش والحشد الشعبي. ونسي الرئيس في لحظة ارضاء حزب الحركة القومية وعتاة العنصريين الترك، ان التجويع وفرض الحصار يقعان تحت بند (جريمة حرب) بحسب معايير الامم المتحدة والمجتمع الدولي.
في كل الاحوال، الرئيس اردوغان تحول من رجل دولة، الى مقدم برامج على القنوات التلفزيونية التركية وغيرها. اذ لا يمر يوم الا وهو حاضر على الشاشات بشحمه ولحمه، واصبعه الذي يلوح به تهديدا ووعيدا، مع ان الحكومة التركية لها رئيس وزراء ووزراء ومنهم وزير الخارجية، والذين يتجاوزهم رئيس الجمهورية ذو المنصب الشرفي ليرعد وحده في الميدان.
حقا ان الرئيس فقد البوصلة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here