مجتمعات قذرة

هادي جلو مرعي

الرحمة تتقدم على كل قرار، ولو كان الله يريد من عباده أن يكونوا منضبطين كعقارب الساعة لما رسم لهم طرقا للحياة مختلفة يتوقون فيها للحسنات، ويسلكون في أخرى الى السيئات والشرور والموبقات حتى إذا وصلوا النهاية عرفوا أنهم يسيرون في طريق مسدود، وإن خياراتهم محدودة، وعليهم أن يتراجعوا، أو أن يترددوا في المضي فيه لكي لايرتكبوا المزيد من الأخطاء.

الله تقدم بالرحمة قبل العقاب لأنه يعلم ماسيؤول إليه حال البشر الذين سيغرقون في الخطايا وسيندفعون من أجل الشهوة والمال، وبدأت أولى أخس الجرائم بين إبني أول البشر ونبيهم آدم حين قتل قابيل أخاه هابيل حسدا، ثم توالت جرائم الحسد والغيرة والطمع والجشع والسرقة والظلم والإستبداد والتسلط والسيطرة على الناس وإستبعادهم، ورفعت الرحمة من قلوب الناس الذين يخوضون الحروب على بعضهم، ويواجهون بعضهم البعض بمختلف وسائل التدمير والإبادة لكي لاينافسهم من أحد في أطماعهم.

الحروب التي شنها المستعمرون عبر التاريخ وتمكنوا من إبادة مجموعات بشرية كاملة بواسطتها لم تكن عبثية، بل هي مقررة، وهناك من يشرف عليها ويريد لها أن تستمر، ويمولها بكل مايديمها لكي تقتل المزيد من المواطنين، وتدمر البنى والعمران والنفوس، وتخرب ضمائر البشر الذين يخسرون بيوتهم ومزارعهم وأموالهم وذويهم، فيتحولون الى ضحايا آيسين، أو الى وحوش كاسرة تمتلك القدرة على الإنتقام والرغبة فيه، ولايوقفها من أحد.

في البلدان العربية والمسلمة خصوصا بدأ الناس ينجرفون الى هاوية سحيقة ويحقد بعضهم على بعض وينحازون الى الطائفة، ولديهم الإستعداد ليحاربوا الآخرين الذين يخالفونهم ولايثقون بهم، وصار العرب يلجأون الى الصهاينة لنصرتهم لمجرد وجود خلاف ديني، أو سياسي يجعل الصهيوني صديقا والمسلم عدوا، وهناك تحالفات ستنشأ مستقبلا تعتمد على رؤية ضالة ومضللة وخطرة على مستقبل البشرية فالمؤامرات الغربية تتوالى من أجل إضعاف الشرق، والسيطرة على ثرواته، والتحكم في موارده الطبيعية، وإشغاله بالفتن الداخلية، وشن الحروب عليه، ووضع الخطط لقتل المزيد من الناس العاديين الذين لايمتلكون القوة الكافية ليحتموا بها.

الرحمة شعار إسلامي مسيحي يهودي، وينادي به أتباع الديانات جميعها لكنهم لايرحمون بعض.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here