القيادة العسكريّة عازمة على إنهاء “ولاية الجبل” وطرد داعش من حمرين

بغداد / وائل نعمة

حينما انطلقت عملية تحرير مناطق غرب كركوك من سيطرة تنظيم “داعش”، في أيلول الماضي، قررت القيادة العسكرية وقتذاك، عدم إفساح المجال لإفلات مقاتلي التنظيم والعودة للمخابئ السابقة في الجبال الوعرة.
ووضعت القيادة العسكرية خطة لمهاجمة المواقع التي كان يعتقد أنّ المسلحين سيلجأون إليها في وقت المعركة، وشنت هجوما، متزامنا مع عملية الحويجة، للسيطرة على سلسلة جبال حمرين الممتدة من ديالى الى كركوك.

وتمكنت القوات المشتركة، التي ضمت قطعات من الحشدين الشعبي والعشائري، من قتل عشرات المسلحين في الهجوم الاخير، وعثرت على مخازن سلاح، ومخابئ بمواصفات “فندقية” داخل الجبال.
ولمنع عودة المسلحين مجدداً الى تلك المناطق، سيتم تخصيص أعداد كبيرة من القوات لمسك السلسلة الطويلة التي تمتد لنحو 200 كم، يرجح أن تكون بمشاركة مقاتلين من العشائر.
وظلت هذه السلسلة الجبلية، على مدار الأعوام الماضية مصدر قلق لعدة محافظات، ومحطة استراحة للمسلحين ومركز قيادة لتنفيذ هجمات على كركوك وصلاح الدين وديالى. وكانت بلدات ستراتيجية مثل (الزركة) و (الفتحة) جنوب كركوك، التي تحررت خلال العملية الاخيرة، تعدّ من أهم المعابر بين السلسلة الجبلية وتلك المحافظات، فيما لاتزال (مطيبيجة)، وهي أهم المنافذ الواصلة بين صلاح الدين وديالى، التي تحررت عدة مرات غير آمنة حتى الآن.
وفي 21 أيلول الماضي، حينما هاجمت القوات ساحل الشرقاط الأيسر، أصدر داعش أوامر الى مقاتليه بالانسحاب الى الجبال.
ومنذ آب الماضي، وقبل خسارة التنظيم للموصل بشكل كامل، أعلن التنظيم عن تشكيل (ولاية الجبل)، أو (حمرين).
وقدر حينذاك، عدد المسلحين في تلك المناطق بنحو 200 مقاتل. وكانت أعدادهم قد تضاعفت بعد تحرير الموصل.

عمليّة راجلة
ويكشف ونس الجبارة، قائد اللواء 88 في حشد صلاح الدين، الذي شارك في عملية تحرير جبال حمرين تفاصيل ما حدث هناك.
وقال الجبارة، في لقاء هاتفي امس مع (المدى)، ان “العملية التي انطلقت مع حملة استعادة الحويجة استغرقت 6 ساعات وكانت راجلة”.
ومشى المقاتلون لمسافات طويلة في المساء، مستخدمين النواظير الليلية، فيما يقول قائد اللواء “كنا نعرف بشكل جيد هذه المنطقة، فقد تعرضنا لمئات الهجمات من هناك”. وفي الهجوم كانت القوات قد توزعت على سفحي الجبل وشاركت قوات من الجيش والحشد الشعبي بالاضافة الى الطيران العراقي الذي لاحق الفارين من الهجوم ونجح بقتلهم.
ويمضي الجبارة بالقول “قتل لواؤنا لوحده 20 مسلحاً أغلبهم انتحاريون، فيما رأينا بالنواظير هروب نحو 50 عنصراً من داعش باتجاه الحويجة”.
كانت العملية تتضمن تحرير شريط بطول 77 كم، يمتد من منطقة الزركة بين طوزخرماتو وتكريت، الى الفتحة”، جنوب الحويجة.
ويضيف القيادي في الحشد “عثرنا على مخازن أسلحة ومواد غذائية بكمايات كبيرة، وغرف واسعة تضم خدمات من ماء ومولدات وسخانات، بالاضافة الى مقرات سيطرة عسكرية”.
ويعتقد الجبارة ان “داعش” كان يخطط للبقاء هناك لفترة طويلة.
وطوال عامين تعرضت أقضية العلم والدور، شرق تكريت، بشكل شبه يومي الى هجمات عنيفة انطلاقا من الجبل، وفقدت عشائر الجبور القريبة من حمرين، اثر ذلك، الكثير من مقاتليها في تلك الهجمات.
ويقول الجبارة “عثرنا على هياكل عظمية بدت وكأنها لاطفال واخرى لنساء، ربما تعود للسكان الذين خطفهم داعش من صلاح الدين او كركوك”.
ويؤكد الجبارة ان القيادة العسكرية عازمة على عدم عودة المسلحين مرة اخرى الى الجبل، مضيفا “ستضع لواءً عسكرياً كاملاً لمسك ارض، وقد نشترك معهم في تلك المهمة”.
ويصل عرض الجبل في المنطقة القريبة من صلاح الدين الى مسافات 8 كم في بعض المناطق، فيما أعلى قمة له قرب (الفتحة) ترتفع الى 527 متراً.
وكانت منطقة الفتحة هي المنفذ الرئيسي لانتقال المسلحين بين كركوك وصلاح الدين، التي أعادوا استخدامها في الهجوم الاخير لكن هذه المرة للاختباء في الحويجة.
ويعتقد الجبارة أن أغلب المسلحين الذين هربوا من حمرين اختبأوا الآن في مستنقعات الحويجة.
ومؤخرا كشف مسؤولون محليون لـ(المدى) ان القوات الامنية تقتل وتعتقل يوميا بين 5 الى 6 أشخاص يختبئون في تلك المناطق الكثيفة بالاحراش.

هل تحررت مطيبيجة؟
وإلى الجنوب من الرزكة، وهي آخر نقطة تربط صلاح الدين بالجبل، كانت هناك عميات أخرى قد انطلقت للسيطرة على حمرين من جهة ديالى.
وفي هذا الشأن يقول عمار مزاحم، عضو مجلس محافظة ديالى، ان “القوات بدأت مع حملة الحويجة هجوما من سد العظيم – الفتحة لمنع تسلل المسلحين الى المحافظة”.
وكانت ديالى قد شهدت، خلال الاشهر الماضية، عددا من الهجمات المسلحة، يعتقد بانه تم الاعداد لها من “حمرين” حيث يتسلل المسلحون من هناك.
ويؤكد مزاحم، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “القوات ستبدأ بوضع نقاط على المعابر والطرق الرئيسية في الجبل لمنع عودة المسلحين مرة اخرى”.
وتتواجد هناك قيادة عمليات دجلة فضلاً عن قوات من فصائل الحشد الشعبي، من فصائل بدر وسرايا الخراساني.
وبالمقابل يقول المسؤول المحلي ان “ديالى بحاجة الى مسك مناطق اخرى مازالت خطرة مثل مطيبيجة التي تربط بين المحافظة وصلاح الدين”.
و”مطيبجية” هي قرية هجرها كل سكانها منذ 3 سنوات، يعتقد انها عاصمة (ولاية الجبل) التي اعلن عنها “داعش” قبل اشهر.
وعلى مدى العامين الماضيين نفذت القوات الامنية في المحافظتين بالاضافة الى الحشد الشعبي حملات عسكرية كان اغلبها لمطاردة ما يشبه الاشباح، اذ لم تسفر العمليات عن إنجاز ملحوظ.
وكان “داعش” يتحرك بحرية في تلك القرية، مستغلا خلافا عسكرياً بين 4 قيادات عمليات تتواجد في محيط المنطقة. وكانت تلقي كل قيادة مسؤولية الامن في “مطيبيجة” على الجهات الاخرى.
ويقول عمار مزاحم “ضعفَ داعش كثيرا في مطيبيجة بسبب الهجمات المتعددة، لكن لم يمسك أحد الارض الآن”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here