من الذي يتحمل مسؤولية تمزيق العراق؟

بقلم: الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

عندما ننظر الى العراق في الخمسينات حتى السبعينات من القرن الماضي وما سبقه بقليل نجد بشكل لايقبل الشك ان هذا البلد كان افضل للعيش واكثر تنظيما ونظافة وبناءاً في كافة المجالات. ولم يكن هناك تمايز مذهبي وطائفي بل وكان طلاب الجامعات لايعرفون لاي مذهب ينتمي هذا او ذاك وكأن الجميع للوطن والوطن للجميع. كان هناك ثلاثة او أربعة جامعات ولكنها كانت عريقة ذات مناهج دراسية معترف بها عالمياً كواحدة من الجامعات المرموقة وكانت تستقطب طلاب من كافة انحاء العالم. كانت المستشفيات تضم خبرات راقية تضاهي الخبرات العالمية المتقدمة وكانت تستقطب المرضى من كافة الدول المجاورة للعلاج والتشخيص. وفي بداية السبعينات قبل ثورة الخميني في ايران واندلاع الحرب الصدامية الخمينية انطلقت ثورة اقتصادية وبناء غير مسبوق ضمن خطط خمسية خاصة بعد تأميم شركات النفط الأجنبية. واصبح العراق على مشارف ان يكون دولة صناعية متطورة Developed Country

دخل العراق مرحلة جديدة اخذت تدمر كافة منجزاته ومنجزات أبنائه وعقوله البشرية عندما دخلت الحرب بين صدام وخميني المقبورين شكلها الرسمي عام ١٩٧٩ التي اوقفها العراق بعد ستة أيام من جانب واحد ولكن رفضها خميني واستمر تعنته برفضها لحين ما قبل موته بعد ثماني سنوات تدميرية عجاف يتحمل وزر دمائها كل من صدام وخميني. هذه الحرب اللعينة ولدت حرب الخليج الاولى حرب المجرم بوش الاب الذي اخرج مسرحية احتلال الكويت بتخطيط شيطاني استغفل فيه صدام حسين حتى ضننا ان صدام لم يكن سوى عميل وليس بيدقاً في تلك الحرب العالمية الثالثة التي اشتركت بها اكثر من ثلاثين دولة ضد العراق ….

والتأريخ سوف لاينسى تدمير البنية التحتيه للعراق وسوف يسجل بكلمات العار والشنار أولئك الملطخة أيديهم بدماء الأطفال العراقيين اثناء الحصار البربري لمجلس (اللاامن) والذي قتل فيه ذلك المجلس وشياطينه مليون طفل عراقي . ولاننسى استهتار وسوء سلوك مفتشي الاسلحة الذين بعثتهم وكالات المخابرات الأجنبية للعبث في مقدرات العراق وكان حينها صدام قد منحهم كل شيء حتى الحماية مهما استهتروا بكرامة ومقدرات العراق مقابل بقائه في السلطة. بقي صدام على رأس سلطة متهرئه مريضة يحكم شعباً مسلوب الإرادة والكرامة لايقوى على شيء بعد مروره بهذه الحروب الطاحنة وماكنة سلطة الخوف والرعب الصدامية. في هذه الاثناء كان هناك هاربون لاسباب شتى يعتاشون على معونات دافعي الضرائب في بريطانيا وفرنسا وامريكا ومن الذين عملوا عملاء لإيران وسوريا الأسد وغيرهم.

عندما اطلق ابن ابيه بوش المجرم الصغير حرب عام ٢٠٠٣ جاء بهؤلاء المعتاشون من شوارع تلك الدول ومقاهيها وحاناتها وحسينياتها وجوامعها وكون منهم أحزاب إسلامية متنافرة فاستخدمهم لكي يوصل بهم العراق لما هو عليه الان. ولم يكن العديد منهم يعرف غير ان يكون (روزخونا او مؤذنا في جامع). كان المجرم الاخر هو توني بلير الذي اشترك بدهائه مع بوش الصغير فاحدثوا كذبتين اثنين. الاولى كذبة الاسلحة ذات الدمار الشامل والثانية كذبة الديمقراطية للشرق الاوسط والتي أوصلت الشرق الاوسط الى برك من الدمار والدماء والإرهاب والتعصب والحروب وبعدها التقسيم كما هو حال العراق اليوم. هكذا تدرجت الامور فلا يمكن فصل ذلك عن هذا بل هي حلقات متتاليه دفعت الشعوب تتحسر على الانظمة الدكتاتورية على الانظمة الصبيانية الفاسدة التي لاتمثل ولاتنتمي للديمقراطية بصلة.

الذين ينادون بالانفصال من الأحزاب الكردية هم جزء من هذا البناء السياسي الفاشل الذي اتى به (بول بريمر) والذي اعترف فيه في مذكراته عندما قال بانهم أتوا بهؤلاء لحكم العراق من الشوارع! مسعود البرزاني لايمكن له ان يقود حملة للانفصال لو ان النظام في بغداد قوي وناجح وحازم في استخدام القانون … هو لم يكن سوى الطفل المدلل الذي يمنح ما يشاء من قبل سياسي الصدفة في بغداد لانهم هم جميعاً فاسدون .. ومسعود لم يكن ليسمح لنفسه ان يتطاول بالفساد لو لم يكن هناك فساد مالي مستشري في هرم السلطة الكارتونية في بغداد …. نظام المحاصصة الطائفية البغيضة هو الذي ولد مسعود ومن لف لفه … كم وزير هرب من العراق بملايين الدولارات وكم رئيس حزب وتجمع اصبح ملياردير من التجارة مع ايران وتركيا وباقي الدول لاستيراد بضائعهم التالفه والفاسدة بعد ان عطلوا الزراعة والصناعة في العراق الذي كان رأداً فيهما… اصبحنا نرى الذين كانوا يعتاشون على المعونات الاجتماعية ويذرعون الشوارع والمقاهي دون عمل يشيدون المستشفيات والمدارس والمولات ويسرقون تحت مسيميات الايتام وغيرها فاصبحوا من أصحاب الملايين بعد ان كانوا يقبضون قوت اسبوعهم من مؤسسات الاعانة الاجتماعيه.. واصبح وزير النفط او الطاقة تدينه شركات اجنبية بالفساد والسرقة ولكن سلطة النظام الفاسد العراقي توفر له فرص الثراء بعد ابعاده من أضواء السلطة لينظوي خلف ستار الاموال والثراء وهلم جرى …

قلنا سابقاً ونعيدها ثانية اذا أراد العراق ان ينفض عنه غبار الحروب والدمار فلابد ان يحاكم في نفس قفص الاتهام الذي حوكم فيه صدام سياسي الصدفة أصحاب المحاصصة الطائفية ومنهم مسعود الذي يجب ان يحاكمه الاكراد قبل غيرهم .. لايوجد استثناء وخاصة الذي حكموا باسم الدين لان الدين ليس فيه أحزاب ولاتحزب وانما هؤلاء يضحكون على الناس باسم الله والقداسة … ان جميع من حكم العراق منذ عام ٢٠٠٣ يجب تقديمهم للمحاكمة العادلة وليدافع من يشاء عن نفسه فكلهم مشتركون بايصال العراق لما هو عليه خاصة اثناء حكومة نوري المالكي الذي بدلاً من تقديمه للمحاكمة تمت ترقيته لمنصب (اكل ونام) مشتركا مع علاوي ونجيفي في (قشمرة) وضحك على فقراء وبوساء العراق … اذن مسعود برزاني هو مجرد بلوك ضمن هذا النظام الطائفي الفاسد الذي بأكمله وصل العراق لحال يرثى له لكي يخرج من ورطة ويدخل في أخرى حتى يتم القضاء عليه كبلد ……

ونسجل للتأريخ ان الذين حكموا العراق منذ عام ٢٠٠٣ وبكافة احزابهم ومسمياتهم وتجمعاتهم البائسة الشيعية والسنية والكردية وغيرها هم جميعا (من هرب ومن بقي يتحملون) مسؤولية تمزيق العراق وتحويله الى دولة فاشلة ممزقه بعد ان كانت هي الدولة التي منحت الحضارة للبشرية … ونطالب بتقديمهم جميعاً لمحاكم عراقية خاصة بالجرائم الكبرى…

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here