من لا يريد استقلال كوردستان لا قلب له و من لا يجسد ارضيته قبل اعلانه لا عقل له

عماد علي
لا یخفی عن احد بان الوضع العراقي العام لیس بمحل حتی ان نقارنه مع دول افریقیة فكیف بدولة اوربیة مثل اسبانيا و ما تتمتع به من الحرية و الديموقراطية و حق المواطنة و ما يتمتع المواطن من الحقوق و الواجبات الخاصة به . و على الرغم من ذلك فان الكتالونيين صوتوا للاستقلال و الخروج من وصية العاصمة مدريد ليكونا دولتين جارتين يحترمان البعض في المدى القريب و البعيد. غير انهم على الرغم من وضعهم الديموقراطي التقدمي هذا فان السلطة المدريدية لم تتصرف كما يطلبه العصر او ما تتصف به اوربا من التعامل مع الحقوق العامة و الخاصة، لاسباب كثيرة و في مقدمتها اقتصادية و ثقافية. من الناحية الاقتصادية تتاثر اسبانيا بشكل كبير لما في الاقليم الكتلوني من الصناعت و الثروات، و من الناحية الثقافية العام فن اسباثنيا ليست شبيهة بدول اخرى اوربية حتى قريبة منها، لما وصلت اليها يد الاسلام و اقتربت من احتلالها كاملة لولا همة الشعب الاسباني و ايمانهم بدينهم و دفاعهم عن انفسهم و تحرروا و وجهوا الاخرين ايضا الى الطريق الصحيح، و لازال الجزء الكثير منها لا تختلف كثيرا عن الحياة العامة للدول الاسلامية التقدمية في الشرق الادنى على الاكثر كماليزيا او اندنوسيا و الجزء الاسلامي من الصين و روسيا وحتى الدول التقدمية القريبة من منطقتنا .
اما كوردستان فحدث ولا حرج عن الاختلاف و ما يدعي الحال الى التوجه نحو الاستقلال و الخروج من سطوة المركز الذي لا يمكن مقارنته باسبانيا و ما تتصف به . لم يعاني اقليم كتالونيا من الظلم و الغدر و الضيم و القتل و الضرب بالاسلحة الكيمياوية و لم يؤنفل شعبه، لقد تعرض على ايدي فرانكو من الضغوطات التي تعرضت لها اسبانيا قاطبة و لكنه اعاد الاقليم وربطه باسبانيا بوحدة قسرية مفروضة فوقيا، و لم يكن للشعب الكتلوني يد فيه .
اننا يمكن ان نتحدث عن جانب من الارضية المفروضة توفرها من اجل اتاحة الفرصة الاكبر لنجاح الاستقلال و ما يتحدث به جماعة معادو الاستفتاء و الاستقلال من الكورد خاصة في هذا الوقت، فلينظروا الى كتلونيا و ما هم به في ارضية لا يمكن ان تتمخض منها الوضع الذي يمكن ان يكون اكثر ملائما و دافعا للاستقلال اكثر من الموجودة الان من اية ناحية و هو في دولة اوربية ديموقراطية تقدمية، فهل يمكن ان تصل الارضية التي يتمنى هؤلاء الى ما يمكن ان تكون فيها كوردستان كما هي عليها كتلونيا الان وهو يتعرض لكل تلك الاعتراضات . فهل من المعقول ان لا يتعارض المركز العراقي لو تاخر العمل على التوجه نحو الاستقلال او تاجيله لاعوام اخرى. و في ظل هذه الظروف متى يمكن ان تضمحل المصالح الخاصة بكل دولة التي انقسم عليها الكورد كي يوافقوا على استقلال كوردستان في اية دولة في المنطقة وليس في العراق فقط.
هناك من يعتبر نفسه امميا و انسانيا على اعتبار الدولة هي مصدر الظلم و التعدي و اهدار الحقوق للمواطن و المكونات والفئات في اية منطقة كانت، و يريد الرفاه و السعادة للشعوب بكلام خيالي طوباي لم يحسب لارضية الواقع الموجود في منطقتنا من الناحية الاجتماعية الثقافية و السياسية، وحتى في اوربا التي لا يمكن ان نعقتد ان تصل الدول فيها الى المثالية التي يدعيها هؤلاء، فكيف بعراق لا يمكن ان نتوقع ان يصل الى حال افقر دولة اوربية من اية ناحية كانت سواء اقتصادية او ثقافية اواجتماعية و ما فيها من السلطات عصرية، ولو حتى اكثر من قرن اخر.
لا يمكن ان ننكر بان الكورد جميعا بدون استثناء يريدون و يتمننو الاستقلال الا من خضع لاهواءه الخاصة و ارتمى في حضن المعادين للامة الكوردية. فان العاطفة القومية تفرض نفسها على ان الشيخ و العجوز والطفل و الشاب وا لشابة يتمنون الاستقلال اليوم او غدا الا من يمكن ان نسميهم لا قلب لهم . ولكن الارضية الداخلية التي يجب ان تنبني على وحدة الصف و تقوية الذات و التلاحم هو الاولى و الاهم من مقارعة من يقاوم و يعارض الاستقلال وليس انتظار ما يمكن ان نصل اليه و يمكن ان يستنجدنا المركز، و ما قلناه من قبل عن اسبانيا يؤكد على اننا يجب ان لا نعول على اية حكومة او سلطة في المركز العراقي في غضون حتى قرن او قرنين اخرين. و عليه اننا يجب ان نمهد الارضية الداخلية التي يجب ان تُبنى على منطق القوة التي يمكن ان نتفاهم بها مع المركز و الا لا يمكن ان تنصت المركز الى قوة المنطق التي يمكن ان نبرزها مهما كان حقا . فبناء الارضية الداخلية قبل اي شيء اخر هو من مطالب المخلصين بعيدا عن التعنت و التعالي من احد . فمن ينكر بناء هذه الارضية الضرورية لا عقل له حقا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here