تخلصنا من “داعش” فابتلينا ب”ماعش”

تخلصنا من “داعش” فابتلينا ب”ماعش”
بقلم د. آزاد عثمان
في صيف العام 2014 ظهر داعش “الدولة الأسلامية في العراق والشام” في الموصل وانتشرت بسرعة البرق، في غضون بضعة أيام في جميع المناطق العربية السنّية في العراق، بما فيها قضاء الحويجة في محافظة كركوك المُستقطعة من من “منطقة كوردستان” من قبل النطام البعث المستبد عام 1974، حيث تنازع عليها مع الشعب الكوردي المُضطهد (الهوية الجغرافية الكوردستانية لمحافظة كركوك تثبتها حقائق ودلائل تاريخية متعددة ومتنوعة وخرائط جغرافية عثمانية أبرزها خارطة العام 1893 و بيانات إحصائية عثمانية وبريطانية وعراقية رسمية لفترة ماقبل تسلط النظام البعثي المثستبد وأهمها إحصاء العام 1957). وكان سبب الأنتشار السريع لقوات داعش الأرهابية: تضامن الأهالي العربية السنية الخاطئ معها في ثماني محافظات بسبب إستيائهم من سياسة التهميش و القمع التي إنتهجها رئيس حكومة (الدولة العراقية الثيوقراطية – الأسلامية الشيعية) آنذاك السيد نوري المالكي، على أثر قمع إعتصاماتهم السلمية، وبسبب هروب قوات الجيش العراقي السريع من كل مكان من دون مقاومة، وتركهم جميع صنوف أسلحتهم الأمريكية الحديثة لهم في كل مكان! ولولا قيام قوات البيشمركة الكوردستانية بالدفاع عن بقية محافطة كركوك والمناطق الكوردستانية الأخرى لكان مصير مدينة كركوك وضواحيها كمصير مدن الموصل وتكريت و الرمادي وتوابعها. ولقد دافعت قوات البيشمركة عن سكان هذه المدن والقصبات أي عن حياة و كرامة و ممتلكات العرب و التركمان و الكلدان والآشوريين والمندائيين والكورد فيها من دون تمييز وبلا هوادة، بدمائهم الزكية وجهودهم المضنية وبمساندة التحالف الدولي ضد الأرهاب.
واليوم، بدلا من أن تشكر الحكومة العراقية (الأسلامية الشيعية) قوات البيشمركة وتكافئها على أدائها الوطني والأنساني في أحلك الظروف، تحاول الى جانب نُكران الجميل، ان تنتهز مسألة الأستفتاء على تقرير مصير شعب كوردستان الجنوبية (كوردستان – العراق) أسوة بالأخوة العرب والترك والفُرس، للأجهاز على مكاسب شعب كوردستان المؤنفل من قبل حكام العراق السابقين وبنفس أجهزة حكومة البعثيين و بقوات تحت نفس عناوين قوات حكومات العراق السابقة: الجيش العراقي والشرطة العراقية و بإضافة “مفارزالحشد العراقي الشيعي” (ماعش) المشكلّة بفتوى من المرجع الديني الشيعي العراقي (السيد السيستاني) بدلاً من “الجيش الشعبي” السابق، والمشرعنة باغلبية أصوات أعضاء الكتلة الشيعية في مجلس النواب (المجلس الوحيد للبرلمان العراقي الناقص منذ 12 عاماً)، و المتألفة من مقاتلين من العرب الشيعة و الآذريين الشيعة (الذين يسمون أنفسهم بالتركمان الشيعة، علما بانه ليس هناك تركمان شيعة في أية بقعة من العالم، فالمعروف بان التركمان في تركمنسان وغيرها من الأماكن هم مسلمون سنّة، أما الشيعة الناطقون بالتركية فهم آذريون من آذربيجان ويسكنون منذ مجيئهم الى المنطقة برفقة الحملات الصفوية في نواحي متعددة ومتفرقة في محافظات ديالى وكركوك ونينوى و في قضاء دوزخورماتو العائدة أساسا لمحافظة كركوك المجزأة و الموزعة من قبل النظام البعثي البائد، فيتم اليوم إستغلالهم كغيرهم من المواطنين الشيعة البسطاء لفرض الهيمنة الأيرانية الفارسية على منطقة الشرق الأوسط باسم الدين الأسلامي والمذهب الشيعي، ويقودهم لتحقيق هذا الهدف الأيراني الستراتيجي أحد قادة “الحرس الثوري الأيراني” الجنرال قاسم سليماني علناَ.
ولكن على الحكومة العراقية الثيوقراطية الحالية، أن تتعظ وتأخذ درسا من الحكومة العراقية البعثية السابقة، وإلاً ستُلاقي نفس المصير عاجلا أم آجلاً، إذا أرادت أن تحاول تحطيم شعب كوردستان وتدمير وطنه كوردستان باجهزته القمعية المتعددة و أسلحته الحديثة المتنوعة وباستعلائه القومي وتعنته المذهبي واستقوائه بدولتيين مضطهدتين للشعب الكوردي بغض النظر عن بطشهما السياسي وقوتهما العسكرية، لأن إرادة الشعوب المُضطهدة المناضلة لن تُقهر أبداً، وعبثا يحاول حكام الدول المقسمة للكورد وكوردستان تحقيق ذلك منذ مئات السنين بشتى الوسائل، ولكن كما قال شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري: شَعب دَعائِمُه الجَماجمُ والدَمُ تَتَحَطّمُ الدُنيا ولايَتَحَطّمُ.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here