جواد كيف سَّقطُ من جوادك

جواد كيف سَّقطُ من جوادك

جاني خبر وهز القلب ودقّاته

يوم قالوا صديقك مات والحقّ صلاته

رحت ودعيت بصدق وانا بصلاته

عسى الله يغفر بدعواي ماضي حياته

رفعت النّعش وعلى كتفي ثباته

وكل همّي الفردوس تصبح جزّاته

أنحنيت عند قبره على ركبتي من غلاته

وبكيت والنّاس يقولون من يسوي سوّاته

ما دروا إن صديقي تحت التّراب أصبح مباته

وأنا فوق التّراب أتثاقل خطاته

محمود الوندي

أليس هُناك أشد قسوةً وألماً على الشخص عندما تسمع نبأ وفاةِ صديقٍ لك. خاصةً إذا ما كان الصديق وفياً صادقَ الوعدِ لهذهِ الصداقة لآخرِ لحظةٍ قَبل أن يأخذهُ الموت مِن صديقه. على الرّغمِ مِن أنّ الموت حقٌ على كُلِ إنسان، لكن جائني خبرٌ وهزَ القَلب ودقّاتِه، يوم قالوا صديقَكَ غادر هذه الدنيا إلا أنّهُ كان الأقسى والأصعب والأفجَع على النفسِ، ولا يبقى لي سوى اتذكُر الذكريات التي كانت تجمعنا معهُ وكل ليلة في غرفة البرلمان وثم الدعاء له في قبره.

أفتَقِدُكَ كثيراً يا صديقي، يا أَرقُ وأَنقى قلب عرفتُه، نعم أنا أتألم بلا ألم، وأبكي بلا صوت، نارٌ في صدري بلا لَهب وقودها ذِكرى، فتيلها لحظاتٌ أنهت حياةُ إنسان لم تكتمل فرحَتُهُ في هذهِ الدنيا.

كل ليلة عندما أدخل غرفة البرلماني العراقي في البالتوك تأتيني ذِكرياتُك، في لمحِ البصر تَمُرُ كُل المشاهد دَفعةً واحدة، ولا أدري هل تتسابق لتواسيني، أم أنها تخشى من أن تطولَ لحظاتِ الألم فتقتلني .. لا أدري بما أعزي بهِ نفسي أم أعزي أهله وأقربائه. لأنها لحظاتٌ رهيبةٌ مَرَت علي بسرعةِ البرق وثُقلِ الجبال.

أعلم يا صديقي بأنك لن تكلمني، أعلم أنك لن تأتيني، لكني أتمنّى من كُلِ قلبي أَن تعود اللحظاتُ ولَو لساعةٍ فقط، لدقائق، لثوانٍ قليلة، لأقوَل لك عن حبنا لك وألمك في أعشاشنا .. كأنك كنت تعلم بأنهيار الكورد ولم تحقق احلامهم لذلك غادرت الحياة بهذه سرعة لكي لا تتألم مثلما نحن الآن نحرق بأنفسنا أُصارِع أمواج المآسي، أعلمُ مُنذ احتضَنكَ القبر تحت الترابِ وقفتُ كذاكرةٍ تقف على شفيرِ النّسيان.

ونهايتي أقول: عظيمٌ اغتالهُ الموت في غُلسِ الشّباب، الذِكر يبقى زماناً بعد صاحِبه، وصاحبَ الذِكرِ تحت الأرضِ مدفون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here