الأستفتاء يذبح أحلام الدولة البرزانية

وليد كريم الناصري
(رُب ضارة نافعة)؛ ولكن؛ هذا لا يعني بأن نجعل من هذا المثل ذريعة، في أن نترك الضارة تَمرُ على رِسلها، الزمن قد يُغيير المعادلة التي يبثها لنا أثير السماء في قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)، ولكن الزمن نفسه، قد يُفسد علينا معادلة أخرى تقول: (وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شراً لكم)..! وما أكثر ما يحبه الإنسان! والمغزى من هذا وذاك بأن لا نترك للزمن اليد الطولى، في أن يُفسد أو يُصلح كما يشاء، فنعيش حياة البؤساء إن أصابنا الخير فرحنا، وإن اصابنا الشر جزعنا، بقدر ما نكون نحن من نتحكم في ذلك الزمن، لنعيش حياة السعداء، إن اصابنا الخير أطمأنينا وإن اصابنا الشر جاهدناه بأنفسنا.

يصور الأستفتاء بعضهم بأنه “ضارة قد نفعت”
نعم إن حقيقة الأستفتاء “ضارة” جاءت لبناء دولة (برزانية)، هذا لو ترك الأمر للزمن كما قلنا، ولكن تحكمنا بالزمن وإدارة الأزمة بمخارج إيجابية فعالة، جعلت الاستفتاء “نافعة” تهدم الدولة “البرزانية” وتنشأ الدولة “العبادية”…! والدولة بمصطلح “البرزانية” كون الطرف الكردي الأخر، وبما يقصد (الطلباني)، ليس طرف في تلك الدولة وغير شريك بها، أما مصطلح الدولة (العبادية) كون السيد “العبادي” أنشأ لنفسه دولة في رحم الدولة التي يرأسها! فتحت له الأفق بأن يحضى بتأييد سياسي! من قبل عامة الشركاء والسياسيين والدول العالمية والإقليمية، ورضاً جماهيري يؤهله لو بقي على هكذا شاكلة، بأن يكون “دولة رئيس الوزراء القادم” للولاية الثانية.

السؤال الذي لابد أن يطرح هنا، ما هي المعطيات التي غيرت معادلة الإستفتاء..؟ وكيف إستطاع السيد “العبادي” من سحب البساط الكردي! وإستغلال قضية الأستفتاء،الذي أُريد به تقسيم العراق! بأن يكون هو الأداة في توحيد العراق! وإرجاع الأراضي المتنازع عليها، عراقية يشترك بها أبناء الوطن الواحد..!.

على قدر ما يفسرها البسطاء يُقال: أما أن تكون هنالك إتفاقات وتنازلات! أو حدثت خيانة كما يقال عند بعض الأطراف! ولكن المحصلة في تلك الأسباب سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، هي تعتبر نصراً للطرفين! من باب حقن الدم العراقي من جهة، وإرجاع هيبة الدولة العراقية، برجوع الأراضي المسيطر عليها إقليمياً من جهة أخرى، أضف الى ذلك ما أنتجته من قراءة إيجابية دونت بسجل القوات العراقية، وعلى مختلف صنوفها ومتطوعيها، كونها العنصر الفعال الأول، في حلحلة الازمة بعيدا عن اراقة الدماء.

على قدر ما يفسرها المتابعون يُقال: إن ما قلب طاولة الإستفتاء من الضرر الى المنفعة، وقتل تحتها شبح التقسيم، هو “الفريق المنسجم الواحد” من جهة و”الشريك القوي الفعال” من جهة اخرى! كون هذين العاملين هما من حرك بوصلة السياسة بالإتجاه الصحيح، من حيث الموقف التأريخي الموحد، ولجميع الاطراف السياسية والحكومية على موضوعة رفض التقسيم، وعدم الاعتراف بالاستفتاء، مما اعطى حيز واسع وفضاء أوسع لتحرك السيد “رئيس الوزراء” أدواته في إدارة الأزمة، مع وجود الشريك القوي الفعال، والذي لعب دورا تاريخي وأساسي، في جعل من الجبهة الكردية، تعود الى رشدها وتلقي سلاح كاد ان يفتك بحياة الطرفين، فيما لو اشتعلت الحرب.
نصل الى حقيقة مُلخصها: بأن الأزمة السياسية لا تُدار بمعطيات المثل والقدر، دون أن تكون هنالك مساعٍ حقيقة، في ترجمة تلك الأزمة الى حلول فعالة ملموسة على واقع البلد، كما ولا يمكن قيادة مجتمع بتعدد توجهاته وقومياته ومذاهبه، إلا من حيث المواطنة المركزية الموحدة، التي تضفي أثر التقارب مع الشريك القوي الفعال، والذهاب الى تشكيل فريق منسجم سياسياً، بغض النظر عن المعتقد المذهبي او الديني أو القومي، لان العراق واحد؛ فمصالحه تقع على عاتق الجميع؛ أما الأديان والمذاهب والتوجهات فهي متفرقة، لا تلقي ظلال تفرقها على منشأ المواطنة، والحس الوطني، والضمير الحي، الذي يدعو الى الاصلاح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here