الحكومة العراقية تتجه بقوة لانتزاع عوائد أربيل النفطية

•دخل مستقبل صادرات نفط إقليم كردستان في نفق غامض بعد تزايد قدرة بغداد على انتزاع التحكم بصادرات نفط الإقليم. ومن المتوقع أن يربك ذلك الاتفاقات النفطية التي وقعتها أربيل والأموال الكبيرة التي حصلت عليها مقدما لمبيعات النفط المستقبلية.

العرب [نُشر في 2017/10/20،

بغداد – اكتسبت الحكومة العراقية زخما كبيرا في نزاعها مع حكومة أربيل بشأن السيادة على الصادرات النفطية. وبادرت أمس إلى إصدار تحذير شديد اللهجة إلى جميع الدول وشركات النفط العالمية من التعاقد أو الاتفاق مع أي جهة داخل العراق دون الرجوع الى الحكومة الاتحادية.

وجاء ذلك بعد يوم واحد على توقيع شركة روسنفت الروسية اتفاقات لتقاسم الإنتاج في 5 رقع نفطية في إقليم كردستان العراق، متجاهلة تصاعد النزاع بين حكومة بغداد المركزية وحكومة أربيل منذ إجراء الاستفتاء على انفصال الإقليم عن العراق.

وقال وزير النفط جبار علي لعيبي إن “التصريحات غير المسؤولة التي تصدر عن بعـض المسؤولين داخل وخـارج العـراق أو ـمن قبل الشركات الأجنبية بشأن نيتها إبرام عقود نفطية مع جهات داخل حدود العراق دون علم الحكومة الاتحادية، تعد تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي وانتقاصاً من السيادة الوطنية ومخالفة صريحة للأعراف الدولية”.

ورأى محللون أن لهجة الوزير العراقي الشديدة تشير بشكل صريح إلى الاتفاق الذي جرى بين حكومة إقليم كردستان والشركة الروسية.

جبار علي لعيبي: أي اتفاق نفطي دون علم بغداد يعد تدخلا سافرا وانتقاصا من السيادة

وأكد الوزير أن “الحكومة الاتحادية ووزارة النفط هما الجهتان الوحيدتان اللتان تمتلكان الصلاحيات الدستورية والقانونية في إبرام العقود والاتفاقيات التي تتعلق بتطوير واستثمار الثروة النفطية والغازية”.

وتشير تلك التصريحات إلى تحوّل كبير في مواقف بغداد بعد سنوات طويلة من تمتع أربيل بسيادة شبه كاملة على ثروات الإقليم النفطية وإبرام العديد من الاتفاقات وتصدير النفط لحسابها الخاص.

وقال لعيبي إن “تلك الاتفاقات والعقود غير قانونية وغير ملزمة للدولة العراقية، التي تملك الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية في المحاكم المحلية والدولية من أجل حماية الثروة الوطنية”.

ويبدو أن بغداد اكتشفت فجأة أنها تملك القدرة على انتزاع صادرات الإقليم النفطية وعوائدها من قبضة أربيل بسبب التأييد الكبير من تركيا التي تمر عبرها الصادرات وترفض بشدة انفصال الإقليم.

وشدد وزير النفط على أن “الحكومة ووزارة النفط حريصتان على توفير البيئة الآمنة لعمل الشركات العالمية وحماية استثماراتها في جميع أنحاء العراق بما في ذلك المحافظات الشمالية”.

وكانت روسنفت قد أعلنت في بيان أنها ستدفع حتى 400 مليون دولار لقاء 80 بالمئة كجزء من الاتفاق مع إقليم كردستان وأن نصف هذه القيمة يمكن أن يدفع كنفط خام من الرقع الخمس.

وشدد ايغور سيتشين رئيس شركة روسنفت أمس على أن الشركة تتبع القانون بدقة، قائلا “إذا كانت هناك مشاكل بين حكومة العراق وكردستان فإنهما بحاجة إلى حل المشاكل بأنفسهما”.

ووفق الشركة الروسية فإن الاتفاق ينص على بدء برنامج استكشاف مشترك العام المقبل، وفي حال كان مثمرا ستبدأ روسنفت تطوير حقول النفط بالكامل في 2021.

وتقول روسنفت إن احتياطات النفط القابلة للاستخراج من الرقع الخمس تبلغ نحو 670 مليون برميل، ووصفت هذه التقديرات بأنها “متحفظة”.

وتأتي هذه الصفقة في وقت تتصاعد فيه حدة النزاع بين أربيل وبغداد التي استعادت السيطرة بشكل كامل على المناطق المتنازع عليها وبضمنها حقول كركوك النفطية الغنية من أيدي قوات البيشمركة.

ايغور سيتشين: روسنفت تتبع القانون بدقة وعلى بغداد وأربيل أن تحلا المشاكل في ما بينهما

واقترض الإقليم أكثر من ثلاثة مليارات دولار من هذه الشركات، خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة، على أن يتم تسديدها عبر شحنات من النفط الذي سيتم إنتاجه مستقبلا.

وحصلت حكومة أربيل قبل الاستفتاء بأسابيع على مليار دولار من شركة روسنفت الروسية بهدف دفع تعويضات لتحالف بيرل بتروليوم، الذي تقوده شركتان إمارتيتان في نزاع مع كردستان. وسيتم تسديد المبلغ على شكل شحنات من النفط.

كما باع إقليم كردستان الكثير من النفط مقابل أموال دفعت مقدما من شركات تجارة السلع الأولية مثل فيتول وترافيغورا وغلينكور وبيتراكو، التي ستحصل مقابل الديون على نفط لم ينتج بعد.

وفي ظل تراكم الديون وسعي الحكومة العراقية لانتزاع السيطرة على صادرات نفط الإقليم وعائداتها، يبدو أن أربيل لن تكون قادرة على الدفع للمستثمرين الذين يطورون حقولا نفطية مثل مجموعة “دي.أن.أو” النرويجية وجينيل انرجي الإنكليزية التركية.

وتقول الخبيرة في شؤون النفط العراقي ربى حصري إن الأزمة أكثر سوءا مما تدعيه حكومة كردستان، موضحة أن “خزائن كردستان فارغة والإقليم ممزق بالديون”.

وأشارت إلى أن “الاستفتاء الذي نظمه رئيس كردستان مسعود البارزاني محاولة للهروب إلى الأمام من أجل البقاء في السلطة فيما الوضع الاقتصادي كارثي”.

في هذه الأثناء لا يزال النفط يتدفق من حقول كركوك عبر أنبوب إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي رغم التوترات السياسية، لأن توقف الضخ يمكن أن يلحق أضرارا بالأنبوب ويجعل من الصعب استئناف الضخ.

لكن مصادر ملاحية أكدت أمس أن تدفقات النفط الخام عبر ذلك الأنبوب من حقول كركوك وحقول الإقليم تراجعت إلى متوسط يبلغ نحو 240 ألف برميل يوميا.

وكان مسؤولان عراقيان قد أكدا يوم الأربعاء أن عطلا فنيا في ست محطات ضخ لحقلي باي حسن وأفانا النفطيين أوقف إنتاج نحو 350 ألف برميل يوميا.

وقبل التعطل كانت الإمدادات عبر خط الأنابيب قريبة من 600 ألف برميل يوميا بينها 150 إلى 250 ألف برميل من حقول كركوك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here