مصائر ملوك ورؤساء العراق خلال السنوات 1921 – 2003

شامل عبد القادر

نُصبَ المرحوم فيصل بن الحسين ملكا على العراق بعد ثورة العشرين بأشهر قليلة وبهذا يكون فيصل الأول بعد تربعه على عرش البلاد في آب 1921 أول ملوك العراق في التاريخ السياسي الحديث ثم تعاقب حكام آخرون. في عام 1921 اتفقت إرادة العراقيين على تنصيب احد أنجال الشريف حسين ملكا على العراق وفي 3 تشرين الأول 1932 حقق العراق استقلاله الكامل عندما انضم إلى عصبة الأمم. منذ تلك السنة التي تولى فيها المرحوم فيصل بن الحسين الحكم في البلاد بنهضة تتناسب مع الإمكانيات المتواضعة للعراق آنذاك. وأنجز فيصل خطوات عميقة من اجل تحقيق أول خطوة نحو استقلال العراق الفعلي برغم النفوذ البريطاني المباشر مع السياسات العراقية آنذاك. إن تصفح أوراق الماضي وتحديداً منذ بداية تكوين الدولة العراقية الحديثة حتى سقوطها وتفككها في العام الماضي بطريقة أثارت استغراب المراقبين والمطلعين على أحوال العراق تكشف لنا أن عدداً من الملوك والرؤساء الذين تعاقبوا على حكم العراق (فيصل الأول – غازي الأول – فيصل الثاني – عبد الكريم قاسم – عبد السلام عارف- عبد الرحمن محمد عارف – أحمد حسن البكر – صدام حسين) قد اختلفت طرق وصولهم للحكم وكذلك مصائرهم، أي خروجهم وتنحيتهم عنه. فيصل الأول قلنا إن فيصل حكم العراق منذ عام 1921 ولمدة (12) سنة ويعد مؤسس الحكم الوطني، أي حكم العراقيين لأنفسهم بأنفسهم بعد تخلصهم من السيطرة البريطانية المباشرة حيث سبق هذه الخطوة وجود بريطاني ثقيل على صدور العراقيين من خلال سلطة الحاكم السياسي البريطاني (المندوب البريطاني) وتدخله في رسم سياسات العراق الداخلية والخارجية. ولد فيصل بن الحسين في مكة يوم 20 أيار 1885 وهو سليل الدوحة المحمدية الطاهرة من أسرة حسنية هاشمية ووالده الشريف حسين بن علي شريف مكة وأمير الحجاز.. وصفه المؤرخون بأنه رجل موهوب سياسيا وقد اعتمد والده عليه في المفاوضات البريطانية في مؤتمر السلام الذي عقد بباريس عام 1916. لقد تولى فيصل عرش سوريا في أيلول 1918 ودعمه الزعماء العرب لكن فرنسا أرغمته على التخلي عن حكم سوريا ووضع في المنفى. قامت في العراق ثورة عارمة ضد الاحتلال البريطاني في 30 حزيران 1920 وتكبدت بريطانيا خسائر بشرية ومادية مما اجبرها على إعادة النظر بسياستها تجاه العراق وبعد استفتاء شعبي نظمته سلطات الاحتلال البريطانية في 23 آب 1921 أصبح الملك فيصل الأول أول ملك على العراق. أنجز المرحوم فيصل الأول في عهده الكثير من المنجزات وربما أبرزها الحصول على استقلال العراق عن الحكم البريطاني المباشر. وتوفي في 8 كانون الأول 1933 ببرن بسويسرا بالنوبة القلبية الحادة. غازي الأول وهو غازي بن فيصل أو غازي الأول الذي ولد في مكة في 21 آذار 1912 وتولى العرش بعد وفاة والده الملك فيصل الأول عام 1933 وهو الابن الوحيد بين ثلاث بنات للملك الراحل فيصل الأول وفي عام 1924 انتقل غازي مع أفراد أسرته من مكة إلى الأردن ثم جاء إلى بغداد مع والده وعين ولياً للعهد. في نيسان 1939 توفي غازي في حادث سيارة كان يقودها ولم يزل الحادث محل شكوك وآراء وتحليلات كثيرة. توجهت فيها الاتهامات إلى أكثر من شخص وجهة يقف وراء مصرع الملك الشاب. فيصل الثاني يعد المرحوم الملك الشاب فيصل الثاني آخر ملوك الأسرة الهاشمية في العراق فقد قتل في صبيحة 14 تموز 1958 بعد قيام ثورة عسكرية وشعبية استهدفت إزالة النظام الملكي برمته. وفيصل الثاني هو النجل الوحيد لغازي الأول. ولد في بغداد في 2 أيار 1935 ووالدته المرحومة الملكة عالية ابنة الملك علي بن الحسين وشقيقة المرحوم عبد الإله الذي أصبح والياً للعهد طيلة الفترة التي أعقبت مصرع الملك غازي حتى تتويج فيصل الثاني في عام 1939. من الأمور التي سجلت على المرحوم فيصل الثاني انه كان شاباً هادئاً اعتمد كلياً على خاله الأمير عبد الإله ولم يكن صاحب إرادة مستقلة. عبد الكريم قاسم ولد عبد الكريم قاسم محمد البكر الزبيدي في بغداد (محلة قنبر علي) في تشرين الثاني عام 1914 وينحدر من عائلة فقيرة ووالده نجار متواضع. واشتهر عبد الكريم قاسم بالطموح حيث انتسب للجيش العراقي وتدرج في المناصب العسكرية حتى أصبح آمر اللواء التاسع عشر وبرتبته زعيم ركن (عميد ركن). تولى رئاسة الوزراء بعد نجاح ثورة 14 تموز وشهد عهده صراعا حادا بين القوى السياسية آنذاك وتمتع العراق باستقلال سياسي خارجي وحقق عبد الكريم قاسم خلال الفترة التي حكم فيها (1958 – 1963) منجزات ومكاسب شعبية كثيرة لم تزل تذكر حتى الآن. عبد السلام محمد عارف ولد المرحوم عبد السلام محمد عارف عام 1921 في منطقة الكرخ – سوق حمادة من عائلة فقيرة متدينة وبعد إكماله الدراسة الثانوية دخل الكلية العسكرية وكان عبد الكريم قاسم مدرسا له في الكلية وبعد سنوات تعاون الاثنان على التخطيط لانقلاب عسكري ضد الحكم القائم وقتذاك في صبيحة 14 تموز 1958. بعد نجاح انقلاب شباط 1963 عين الانقلابيون عبد السلام عارف رئيسا للجمهورية ومنحوه رتبة مشير ركن واستمر في الحكم حتى عام 1966 عندما احترق داخل طائرته العسكرية التي هوت إلى الأرض عندما طار في زيارة تفقدية إلى البصرة. عبد الرحمن محمد عارف هو شقيق المرحوم عبد السلام محمد عارف الأكبر ويتمتع بفترة حكم هادئة حيث تولى حكم البلاد في نيسان 1966 بعد مصرع شقيقه رئيس الجمهورية بتأييد كامل من كبار ضباط الحرس الجمهوري آنذاك.. ولد عبد الرحمن عارف في أوائل القرن الماضي (1918) ودخل الكلية العسكرية وانتسب إلى الهيئة العليا للضباط الأحرار وشارك باحتلال قصر الرحاب عام 1958. أحمد حسن البكر من مواليد تكريت عام 1914 وأكمل المرحلة المتوسطة (المدرسة الريفية) ثم قبل في الكلية العسكرية بواسطة من مولود مخلص التكريتي. نجح من خلال تحالفاته الأسرية والقبلية داخل الحزب وبنفوذ غير مباشر من صدام حسين أن يتربع على كرسي الحكم لعشر سنوات بعد نجاح انقلاب 17 تموز 1968. صدام حسين ولد صدام حسين في إحدى القرى النائية (العوجة) في تكريت عام 1937 من عائلة فقيرة تعمل في الزراعة بأجور متدنية ونشأ في ظل رعاية أسرية قلقة ومشحونة بالتوتر والعقد.. شارك في انقلاب 17 تموز 1968 وفي 30 تموز من العام نفسه قام برفقة صلاح عمر العلي وبرزان التكريتي وجعفر الجعفري باعتقال النايف والسيطرة على الدولة كاملة. واتسم بالعنف والقسوة في التعامل مع خصومه ومنافسيه. خاض سلسلة من المعارك في الداخل والخارج حتى تمكن من الهيمنة المطلقة على الحكم. ثم انتخب أميناً عاماً لحزب البعث ورئيساً للجمهورية في 16 تموز 1979 وقيل انه قاد انقلابا داخليا ضد رفاقه لانتزاع السلطة. عرف عن صدام تكديسه لثروات العراق لبناء ترسانة عسكرية قوية للعراق. شهد العراق خلال حكمه فترة اضطراب وعدم استقرار سياسي واقتصادي لم يشهده العراق خلال العصر الحديث وتعامل بقسوة متناهية مع كل الحركات المناوئة لحكمه وأكثر الحركات السياسية المحلية.. ومن خلال هذا العرض يبدو لنا أن الرئيس السابق هو الذي حكم البلاد المدة الأطول (1968 – 1979 نائبا للرئيس و1979 – 2003 رئيسا للبلاد). وان اثنين من حكام العراق تعرضا للاغتيال بينما اعدم حاكم واحد ونفي آخر ووفاة اثنين وفاة طبيعية فضلاً عن خلع الأخير بالقوة المسلحة الدولية.

  المشرق
 
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here