من ذاكرة الفن العراقي سـامي قـفطان.. نـتـاج الإبــداع والإنسـانـيــة

محمد مجيد الدليمي

تَلوح في سمائنا دوما, نجوم لامعة براقة, جمعت بين الإبداع والإنسانية وساهمت في رفع راية الثقافة والفن والمعرفة, من هذه النجوم, قامة فنية كبيرة, ممثل تراجيدي بارع وجريء, قدم الكثير من الأعمال الفنية المميزة على صعيد المسرح أو السينما أو التلفزيون أو الإذاعة, جسد وبجدارة العديد من الشخصيات الشعبية والتاريخية والأدبية, فنال إعجاب الناس, انه الفنان الكبير سامي قفطان صاحب الكاريزما المحببة والحضور المميز في الوسط الفني, عرفه الجمهور من خلال الافلام السينمائية منها (الظامئون) وفلم (المسألة الكبرى) وفلم (نجم البقال) والمسلسلات التلفزيونية العديدة منها (ذئاب الليل) ومسلسل (مناوي باشا) ومسلسل (الاماني الضالة).. يطل علينا هذه المرة ليست بصفته ممثلا وانما بشخصيته الحقيقية, سامي قفطان, الإنسان صاحب المواقف الإنسانية الرائعة, حيث تجلى ذلك من خلال مشاركته الجادة في البرنامج الإنساني التلفزيوني الشهير (فريق الأمل) الذي يعرض من شاشة الفضائية الشرقية.. يشترك في هذا الفريق ثلاثة من كبار الفنانين, في مقدمتهم سامي قفطان ومعه الفنان الرائع كريم محسن والفنانة المبدعة آسيا كمال، وبـإسناد من الفنانين الكبار حسن حسني وجواد الشكرجي وإيناس طالب.. مهمة (فريق الأمل) الاطلاع على اوضاع الفقراء والمحتاجين والنازحين وتحديد الحالات الانسانية الصعبة التي تحتاج الى مساعدة ومعالجة وتوثيقها ورفعها الى راعي المشروع لاستحصال موافقته وتوجيهاته في المساعدة والمعالجة. شاهدنا عبر الشاشة الصغيرة مساعي وجهود هذا الفريق التطوعي الانساني كيف يعمل بانسجام وبتنسيق عال وكأنهم هيئة اركان يطلعون ويخططون وينفذون.. ولكي لا نبتعد عن موضوعنا, فان الفنان سامي قفطان الذي نشاهده ضمن هذا الفريق, يعمل بروح الشباب والحماس المنقطع النظير وبجد واخلاص وحرص وبتفاعل انساني ووجداني قل نظيره, بالرغم من كبر سنه (أطال الله بعمره), هذه الروح الانسانية العالية التي تحلى بها جعلتني أتذكر موقفا إنسانيا آخر لهذا الفنان المبدع المثابر, مفاده:
في العام 2005 كنا نعمل في جريدة السيادة في منطقة البتاويين وكان الفنان سامي قفطان يتردد على جريدتنا لزيارة صديقه الحميم الأديب الإعلامي الكبير الراحل (سالم العزاوي) صاحب البرنامج التلفزيوني الشهير (من أرشيف السينما) والذي كان يعمل معنا.. وذات يوم من ايام شهر حزيران من تلك السنة اطل علينا الأستاذ قفطان وكان الوقت عصرا وعلى وجهه علامات التعب والحزن, واخبر الاستاذ سالم العزاوي بان الفنانين الممثل الكبير طالب الفراتي وعازف القانون الفنان خضير الشبلي في وضع صحي حرج وخطر, ويرقدان الان في العناية المركزة في مستشفى النعمان في الاعظمية وفي حالة يرثى لها ولا احد يسأل عنهما, على اثر ذلك سارع العزاوي بعد ان اخذ معه مصور الجريدة وذهب بمعية سامي قفطان الى المستشفى واطلعوا على أوضاع هذين المريضين المبدعين, واثناء ذلك وجدوا في نفس صالة العناية المركزة رقود اللاعب الدولي الشهير جميل عباس المكنى بـ(جمولي) وهو في حالة صحية عصيبة.. بعدها عاد الاستاذ العزاوي مسرعا الى مقر الجريدة وكتب تحقيقا صحفيا رصينا ومؤثرا, نشر في اليوم التالي, ناشد فيه وزير الثقافة ووزير الشباب والرياضة آنذاك بالاهتمام بهؤلاء المبدعين الكبار من الفنانين والرياضيين, وعلى اثر ذلك وفي اليوم التالي من نشر هذا التحقيق الصحفي ارسلت كل من وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة مندوبين عنهما لزيارة المرضى المذكورين والاطلاع على اوضاعهم ومساعدتهم, وخلال تلك الايام العصيبة كان الفنان سامي قفطان بحركة دائبة وقلقة يزور ويتابع اخبارهم, الا ان المرض لم يمهلهم طويلا حيث فارقوا الحياة (رحمهم الله).. هذا الموقف الانساني لا ينسى وسيسجل في ذاكرة الفن العراقي والفنانين لما يحمله هذا الفنان الوفي والمخلص من انسانية ونكران ذات وحب ومساعدة الاخرين, عليه فان اعلان تكريم سامي قفطان بقلادة الابداع الذهبية التي منحت له, كان تكريما خالصا وصادقا وباستحقاق يليق به ولأمثاله من الفنانين والادباء والكتاب والمثقفين المبدعين الذين اعطوا الكثير في خدمة وطنهم وشعبهم الجريح في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها.

المشرق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here