القوّات الاتّحادية تدخل ألتون كوبري بعد اشتباكات عنيفة مع البيشمركة

بغداد / وائل نعمة

وصلت القوات الاتحادية، ظهر أمس، إلى المدخل الجنوبي لمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان. وجاء التقدم بعد ساعات من السيطرة على ناحية (ألتون كبري) آخر المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة في كركوك.
وشهدت عملية استعادة البلدة الواقعة في شمال كركوك، صدامات وصفت بالعنيفة بين القوات الاتحادية وقطعات من القوات الكردية التي رفضت تسليم المناطق الى الحكومة الاتحادية.
ويعود تاريخ تواجد القوات الكردية في ألتون كوبري الى عام 2003، الأمر الذي يرجح استمرار القوات الاتحادية بالتقدم للسيطرة على حدود ما قبل سقوط النظام السابق.
ولم يستبعد نائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي تتهمة أربيل بعقد صفقة مع إيران لتسليم كركوك، انتشار القوات الاتحادية في عاصمة الإقليم.
وكان أمين عام البيشمركة الفريق جبار الياور، قد قال لـ(المدى) يوم الخميس، إن “تحرك القوات الاتحادية لم يلتزم بمطلبه السابق بالعودة الى حدود حزيران 2014”.
بالمقابل قال رئيس الوزراء حيدر العبادي، يوم الثلاثاء الماضي، “يجب فرض السلطة الاتحادية في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك كردستان”.
وكانت قوات من البيشمركة، يرجح أنها تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، قد سلمت مواقعها الى القوات الاتحادية ” من دون قتال” بعد اتفاق مع وزارة الدفاع الاتحادية في مناطق نينوى وديالى.

تحشيدات قرب أربيل
إلى ذلك كشفت مصادر عسكرية مطلعة عن “وجود تحشيدات غير اعتيادية على كل المحاور المؤدية الى أربيل”.
وقالت المصادر، في تصريح لـ(المدى) مفضلة عدم الكشف عن هويتها، إن “القوات الاتحادية بعدما سيطرت على منطقة ألتون كوبري، استمرت بالتقدم الى سيطرة أربيل الجنوبية، ولم يعد يفصلها عن المدينة سوى بضع كليومترات”.
بدوره قال شوان الداودي، النائب عن الاتحاد الوطني، في تصريح لـ(المدى) إنه “لايمكن التوقع باستمرار تقدم القوات العراقية إلى أربيل أو التوقف عند الاطراف”، مستدركاً بالقول إن “الامر متروك لما سيحدث في الايام المقبلة”.
وأكد النائب عن كركوك أن “قوات البيشمركة متواجدة في ألتون كوبري، منذ عام 2003”.
وكانت بغداد قد طالبت القوات الكردية بضرورة العودة الى حدود ما قبل احتلال داعش للموصل في صيف 2014. لكنّ الحكومة عادت للتحدث عن خطوط التماس التي كانت مرسومة في وقت إسقاط النظام السابق.
من جهته طمأن محافظ أربيل نوزاد هادي، أمس الجمعة، أهالي المدينة بأنها “آمنة وغير مهدّدة ولاخطر عليها”.
وقال هادي، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، إن “القوات الأمنية والبيشمركة في حالة تأهب تامة”، معرباً عن “أمله بوقف المواجهات المسلحة”.
وقالت المصادر العسكرية إن “عملية الانتشار في ألتون كوبري، شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الزيرفاني، التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني”.
واستخدمت القوات الاتحادية، التي شاركت في العملية العسكرية، مدافع ثقيلة، فيما فجرت القوات الكردية جزءاً من جسر يربط بين البلدة التركمانية ومدينة أربيل.
وشاركت أربعة أفواج من مكافحة الإرهاب وأربعة أفواج من الجيش (الفرقة 20) ولواء من الشرطة الاتحادية والفرقة التاسعة في العملية. وأعلنت قيادة العمليات المشتركة أن “المدينة تحت سيطرة قواتنا الاتحادية”.

سحب “الحشد”
لكنّ أميرة زنكة، النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، قالت لـ(المدى) أمس إن “الحشد الشعبي رافق قوات من الجيش في هجوم ألتون كوبري”.
وقال مجلس أمن إقليم كردستان، في بيان مقتضب أمس، بأن “القوات العراقية والحشد الشعبي تهاجم قوات البيشمركة بأسلحة أمريكية”.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد أمر، يوم الاربعاء الماضي، بانسحاب جميع الجماعات المسلحة في كركوك، في إشارة الى الحشد الشعبي.
وقال مكتب العبادي، في بيان له، انه يؤكد أن “الامن في كركوك مستتب وتحت سيطرة الشرطة المحلية وبإسناد من جهاز مكافحة الإرهاب”. وأضاف البيان إن العبادي “أمر بمنع تواجد أية جماعات مسلحة أخرى في المحافظة”.
من جهته أكد النائب شوان الداودي حدوث حالات نهب وتجاوزات على المواطنين وأملاكهم من قبل أطراف تدّعي انتماءها للحشد الشعبي.
وقال الداودي إن “تلك الجماعات قامت بعمليات دهم غير قانونية في كركوك وقامت بسرقة بعض المنازل”، مشيراً الى أن “الحشد التركماني أكثر الجهات المتورطة في تلك الأعمال”.
وأوضح النائب الكردي أن “عمليات التجاوز على المواطنين لم تستهدف الكرد فقط، وإنما طالت عوائل من التركمان السُّنة”.
ويؤكد الداودي أن “أكثر من 100 ألف شخص غادروا كركوك مطلع الأسبوع، وبعضهم عاد ثم قرر النزوح مرة أخرى بعد التجاوزات الأخيرة”.
وأثارت دعوة العبادي لانسحاب الحشد الشعبي من كركوك، مخاوف من عودة قوات البيشمركة الى المدينة مرة أخرى.
ودعا النائب عن كركوك الى “حل سريع” في كركوك، لاختيار إدارة جديدة ونشر قوات “الآسايش” في المناطق الكردية داخل المحافظة.
وبقي جزء من جهاز الآسايش – الأمن الكردي- التابع لحزب الاتحاد الوطني في كركوك، خلافاً لأسايش الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويقول النائب عن كركوك إن “أسايش الاتحاد الوطني متواجد في كركوك، لكن لم تصدر أوامر لإعطاء دور جدّي في حفظ الامن”.
وكلفت الحكومة خلال الايام الماضية، راكان سعيد الجبوري بإدراة المحافظة بالوكالة. ويؤكد الداودي أن “مجلس المحافظة معطل بسبب عدم اكتمال النصاب”.
ويحاول ممثلو التركمان والعرب منذ أيام تحقيق النصاب في مجلس كركوك وتعويض مقاطعة ممثلي المكون الكردي لاسيما أعضاء الديمقراطي الكردستاني.
وقالت أميرة زنكة، النائبة عن الديمقراطي في كركوك، إن “الاوضاع في المدينة سيئة جدا ومرتبك، ليس كما يظهر في الإعلام”.
وأصدرت محكمة بغدادية، الخميس الماضي، أمراً بالقبض على نائب رئيس إقليم كردستان كوسرت رسول بتهمة “التحريض وإهانة” الجيش العراقي.
لكن شوان الداوي اعتبر أن “تلك المذكرات سياسية ولن تنفذ”، معتبراً أن “هذا الإجراء سيعقّد الأزمة وأنه لن يحلّ إلا بالحوار”.
ورحبت حكومة إقليم كردستان بالدعوة التي وجهها رئيس الوزراء حيدر العبادي للحوار. وكان العبادي قد دعا الثلاثاء الماضي، إلى إجراء حوار مع إقليم كردستان على أساس “الشراكة في وطن واحد”.

تظاهرات خانقين
في غضون ذلك، تمكنت حكومة ديالى وقيادة عملياتها، من تهدئة أهالي خانقين، شمال شرق المحافظة، بعد يومين من التظاهرات التي تخللتها اشتباكات مع القوات الامنية.
وقال عبد الخالق العزاوي، عضو اللجنة الامنية في مجلس ديالى لـ(المدى)، إن “المحافظ وقائد العمليات أقنعا السكان بعدم إقامة تظاهرة كان معدّاً لها يوم أمس”.
وقتل وأصيب، في تظاهرات اليومين السابقين، عدد من المدنيين والعسكرين.
وجاءت التظاهرات، التي غلب عليها الطابع الكردي، نتيجة إعادة القوات الاتحادية انتشارها في ديالى، بعد اتفاق أبرم مع البيشمركة التي انسحبت إلى مخرج المدينة المؤدي الى مدينة كلار.
واندلعت التظاهرات، بعدما قام عدد من عناصر الامن في المحافظة بإنزال علم إقليم كردستان من المباني في خانقين وإحراقه. وقررت الشرطة في محافظة ديالى، الخميس الماضي، بإحالة أربعة عناصر أمن للتحقيق لاتهامهم بالإساءة إلى العلم الكردي.
ووجه رئيس الوزراء حيدر العبادي، الخميس الماضي، بحجز عدد من أفراد شرطة ديالى وتشكيل مجلس تحقيق بسبب تجاوزهم للقانون في قضاء خانقين.
وقال علي الدايني، رئيس مجلس محافظة ديالى لـ(المدى) أمس،إن “الاوضاع في المدينة أصبحت هادئة الآن”، مؤكدا “مقتل مواطن ومتظاهر وجرح 9 من الطرفين، بحسب مصادر قيادة العمليات”.
بالمقابل أوضح الدايني أنّ “هناك عدداً من العوائل التي نزحت من خانقين باتجاه كلار ومدن إقليم كردستان”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here