في حضرة الوداع تغص الكلمات بالعبرات ويبقى العزاء في ذكريات مازالت حية

مازلنا نستذكر تلك المرأة العراقية الفاضلة الاصيلة أم حكيم قرينة الاب الفاضل حنا سولاقا راعي الكنيسة اللوثرية التي غادرتنا الى ديار الحق بمشيئة الباري عز وجل تاركة وراءها كل ما هو جميل من الطيبة وحسن الاخلاق ، فهي الزوجة الصالحة الهادئة الوادعة ، وهي الأم الروؤم التي تحتضن تحت جناحها بفيض من الحنان بناتها وأولادها وأحفادها ، وهي العراقية الاصيلة التي حافظت على تراثها الكلداني العراقي الاصيل حتى لحظة رحيلها الجسدي عن هذه الدنيا الفانية ، وعبر رحلة ملؤها الامل والالم والفرح عاشت فقيدتنا وفقيدة الجالية العراقية أم حكيم مسيرة حياتها مع رفيق دربها الاب الفاضل حنا أبي حكيم الوجه المألوف في الجالية العراقية بمختلف أطيافها ، فضلا ً عن علاقاته الطيبة مع الجاليات العربية المغتربة القاطنة ميشيغن ، فهو الاخ والاب والصديق لأبناء هذه الجالية ، ولم تأت هذه الصفات بمحض الصدفة إنما هو نتاج فترة زمنية تفاعل فيها من موقعه كونه عضو في مجلس الكنائس اللوثرية الخاصة باللاجئين والمهاجرين الجدد ، ولعل حياة الاب الفاضل حنا سولاقا لم يكن فيها الكثير من التعقيد بسبب هذه التصالح بينه وبين الناس من جهة وبين أسرته الصغيرة من جهة أخرى ولاسيما مع قرينته أم حكيم الراحلة حديثا ً عن دنيانا التي قضت معه عقودا ً من الزمن وخبرت مرارة المنفى منذ مطلع التسعينيات حيث بلاد ما بين النهرين كانت تعيش حصارا ً إقتصاديا ً خانقا ً والمجتمع العراقي يمور تحت وطأة الجوع والعوز ونقص الدواء وغيرها من الظروف الصعبة ، فكانت محطتها الى جانب رفيقها الاب حنا الى تركيا ومنها الى اليونان لتحط بهم الرحلة الى الولايات المتحدة – ميشيغن التي مارس فيها دوره في مجتمع جاليته الكلدانية والعراقية ، وكان وما يزال رسول سلام بين الناس ، ولم تكن زوجته المرحومة أم حكيم سوى الشريك الروحي الذي يمده بالطاقة الايجابية فهي الزوجة الحنونة التي تساند زوجها في مختلف المواقف وهي المرآة التي يرى فيها أدائه وهي المُلهم الذي يدفعه لمزيد من التفاعل مع أبناء جاليته على قاعدة الاخوة ، وخلال عقود من زمن رحلة الاغتراب لم تتخلى المرحومة أم حكيم عن ثقافتها العراقية الاصيلة على صعيد العلاقات الاجتماعية والتقاليد العريقة ، فضلا ً عن ذوقها في المطبخ الذي كانت تزينه بتلاوين الطبخات العراقية الشهية ، لقد عاشت فقيدتنا رحلة جمال وهدوء روحي واجتماعي مع رفيق درب ٍ كان لها الزوج والحبيب وثمة ما يذكرها بالوطن لاسيما وهو أيضا ً اي الاب حنا ذلك العراقي الذي لم يتخلى عن هويته الكلدانية العراقية عبر عقود خلت ولم تكن الغربة بالنسبة له سوى محطة مكوث إضطرارية حاول الاستفادة منها لتعزيز قدراته والعمل على خدمة مجتمعه وظل العراق في وجدانه ووجدان شريكته العراقية الاصيلة أم حكيم التي نعتز بها بوصفها إمرأة عراقية أدت دورها الفعال ضمن أسرتها في هذا المنفى .

قاسم ماضي – ديترويت

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here