المجتمع المضغوط والمخنوق ينفّس عنه نفسه بالانتحار

المجتمع المضغوط والمخنوق ينفّس عنه نفسه بالانتحار

ربما يأتي المجتمع العراقي بعد المجتمع السعودي و الإيراني من حيث كونه مضغوطا عليه لحد الاختناق الرهيب ..
مجتمع محروم من أبسط وسائل الترفيه والتسلية و لا يجد شيئات من هذا القبيل لينفّس عن همومه وضجره ومعاناته و قهره المتزايد يوما بعد يوم ..
فلا دور السينما ولا المسرح ولا أندية اجتماعية ولا فنية و لا حدائق عامة مرتبة و أمنة و صالحة للتنزه و الترفيه ، فما من شيء سوى زيارة العتبات المقدسة كعذر مقبول ومسموح به للخروج من البيت و كمكان وحيد للتنفيس و تغييير الجو و المناخ والمزاج ..
و لعل هذا الكبت و الحرمان والتشديد هو السبب الأكبر لهذا الضغط النفسي والتوتر اليومي المتواصل الذي يجعل الجتمع العراقي في حالة توتر و تشنج و عصبية دائمة ، في الوقت الذي تتكاثر في داخله و تتكدس كل أصناف الهم والقهر والمعاناة التي تسببها قلة الخدمات و كثرة الأزمات السياسية و الأمنية ، في بلد يستيقظ الناس فيه و ينامون على دوي مدافع حروب و تفجيرات مفخخات .و استقبال و تشييع توابيت قتلى أو شهداء ..
فربما لهذا السبب بدأت تزداد عمليات الانتحار بين العراقيين بمختلف أعمارهم رجالا ونساء وهم في قمة يأسهم وإحباطهم ولا يجدون من يسعفهم روحيا ويقوي معنوياتهم حيث كل الأبواب موصودة ومغلقة .في وجهم ما عدا بوابة الموت انتحارا ..
فهنا الطامة الكبرى : إذ كيف يمكن للمجتمع أن يعيش حياته بين العمل و البيت بدون أيةعملية ترفيه أو تسلية ؟ ، خاصة ما يخص حياة الشباب الذين ممتلئين طاقة وحيوية وعنفوانا بحاجة إلى التفريغ عن طريق الرياضة والفنون والمطالعة و غير ذلك من وسائل ترفية و تسلية .
فمن هنا ضرورة إحياء أجواء ومناخات السبيعينات من القرن الماضي من خلال فتح أبواب المسارح و دور السينما والأندية الاجتماعية و الفنية والثقافية والرياضية ..
طبعا مع مع ضوابط تحافظ على القيم والثوابت الاجتماعية للمجتمع العراقي المحافظ عشائريا و قبليا ..
فالتسلية والترفيه و كذلك الغناء و الطرب و أجواء الفرح و الترح حق مشروع للبشر ، فكل ذلك ليس له أية علاقة بقيم دينية أومذهبية ولاتتقاطع معها أو تتضارب ..
فالتجويد القرآني نفسه أقرب إلى أنغام و نبرات طرب ” المقام العراقي ” ولكن بدون ألة موسيقية ..
و كذلك الأمر بالنسبة للرود ” الحسيني ” .
فأين المشكلة إذن ؟ ..
و لماذا كل هذا التحريم والكبت ؟ ..
مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here