مفهوم الولاية عند أهل البيت يكشف حقيقة المنتحلين.

لقد حرص أئمة أهل البيت عليهم السلام على بيان صفات شيعتهم وحقيقة الموالاة ليشخصوا معالم شخصية الشيعي الموالي حتى يكون المثال الذي يقتدى به، وبذلك يكون زينا لهم لاشينا عليهم كما يقول الإمام الصادق عليه السلام، ومن الثابت والجلي أن ما ورد عنهم من نصوص تتعلق بهذا الامر وما ذكروه من خصال وصفات كلها منبثقة من القرآن الكريم، لأن نهجهم هو نهج القرآن، وهنا نأخذ نموذجا واحدا من تلك النصوص التي تبين خصائص الشيعي الحقيقي وحقية الموالاة،

عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَر الباقرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: يَا جَابِرُ، أَيَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَوَاللَّهِ، مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ، وَمَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ، وَالتَّخَشُّعِ، وَالْأَمَانَةِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالصَّوْمِ، وَالصَّلاةِ، وَالْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ، وَالتَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ، وَالْغَارِمِينَ، وَالأَيْتَامِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، وَكَفِّ الأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ، وَكَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ .

قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَداً بِهَذِهِ الصِّفَةِ.

فَقَالَ: يَا جَابِرُ لا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ، حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وَأَتَوَلاهُ، ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالاً، فَلَوْ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ، فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ(ع)، ثُمَّ لا يَتَّبِعُ سِيرَتَهُ وَلا يَعْمَلُ بِسُنَّتِهِ، مَا نَفَعَهُ حُبُّهُ إِيَّاهُ شَيْئاً. فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ قَرَابَة.أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاهُمْ وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ .يَا جَابِرُ، وَاللَّهِ مَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا بِالطَّاعَةِ، وَمَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَلَا عَلَى اللَّهِ لِأَحَدٍ مِنْ حُجَّةٍ .مَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعاً، فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ، وَمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِياً، فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ وَمَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْوَرَعِ”،الكافي، ج 2، ص 74،

وهذا الحديث هو من الوضوح ما يغني عن التوضيح، وقد اختتم الإمام عليه السلام بعبارة جامعة تعبر عن حقيقة الموالاة التي لاتتحق من دون طاعة الله والعمل والورع، حيث قال: مَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعاً، فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ، وَمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِياً، فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ وَمَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْوَرَعِ، وبذلك يتضح ان مجرد ادعاء المولاة والتشيع لايكفي ولا يغني ولا يعصم، وحول هذه القضية يقول المحقق الصرخي:

في تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ}طه82 . عن الطبري : وقَالَ آخَرُونَ بمَا …سَمعْت ثَابتًا الْبُنَانيّ يَقُول في قَوْله : { وَإنّي لَغَفَّار لمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَملَ صَالحًا ثُمَّ اهْتَدَى } قَالَ(ثابت) : إلَى ولَايَة أَهْل بَيْت النَّبيّ ( صَلَّى اللَّه عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ).

أقول : ولاية أهل البيت (سلام الله عليهم ) تأتي بعد التوبة والإيمان والعمل الصالح، هي توفيق من الله سبحانه وتعالى، فمن رزقه الله أن يكون في عائلة، في مجتمع، في مكان، في أرض، في ولاية، تعتقد وتلتزم بولاية أهل البيت (سلام الله عليهم) …، فهذه نعمة من الله، هذا فضل من الله، فعلينا أن نشكر النعمة، علينا أن نلتزم بنهج أهل البيت، علينا أن نلتزم بالولاية الصادقة التي أنعم الله بها علينا، أن نكون زينًا لهم لا شينًا عليهم .

بقلم

أحمد الدراجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here