نهاية الابن المدلل.. قتل أباه في لحظة هوج وسكر

د.معتز محيي عبد الحميد
لم يكن المهندس الشاب (عدنان) يستطيع ان يرد كلمة لوالده شيخ العشيرة المعروف بصرامته وإذا قال كلمة (متصير أثنين).
وافق على الفور على رغبة والده وأخذ حقيبته وودع زملاءه وعاد معه الى القرية التي أقامت الأفراح بهاتين المناسبتين السعيدتين.. وبعد الإنتهاء من الزواج وأفراحه عاد وسكن مع زوجته في بغداد بالقرب من دائرته التي تعين فيها..

مرت سنوات طويلة.. عاش المهندس الزراعي عدنان مع زوجته في سعادة بالغة.. كان زوجا” مثاليا”يحنو على زوجته التي أنجبت له، خلال عشر سنوات، أربع بنات جميلات.. كانت حياة الأسرة الكبيرة تنتقل من سعادة الى سعادة.. ولم يكن ينقص المهندس الزراعي عدنان شيء سوى انجاب الولد الذي يحمل اسمه ويرث ثروته الكبيرة التي ورثها من والده وقطع الأراضي الزراعية التي يملكها في قريته والتي تدر عليه سنويا ملايين الدنانير.

تحقق الحلم الكبير.. وضعت الزوجة الإبن للمهندس الزراعي عدنان الذي طار من الفرحة لقدوم ولي العهد بعد سنوات طويلة من الصبر.

الفرمان الأول الذي أصدره المهندس الزراعي لكل أفراد أسرته كان بضرورة تدليل الأبن قحطان بشتى الصور وعدم حرمانه من أي شيء يطلبه. وأنصاع الجميع لقرار الأب.. ويوما بعد يوم اصبح الجميع مسخرين لخدمة هذا الولد الذي شب بمرور الأيام على مفاهيم خاطئة لم يستطع أحد تغييرها.

لم يكن فشل قحطان في التعليم هو الفشل الوحيد الذي لحق بالشاب اليافع.. وأنما فشل قحطان أيضا” بتصرفاته المتهورة في تثبيت حبه في قلوب والدته وشقيقاته حيث أخذ يضربهن على أتفه الأسباب ويهين أمه باستمرار وأعتبرهن مجرد خادمات يلبين طلباته. ويوما” بعد الآخر أصبح قحطان الحاكم الناهي في شؤون الأسرة كلها.. يرفض العرسان الذين يتقدمون لشقيقاته من دون ابداء الأسباب ويعامل شقيقاته بقسوة مفرطة ووالدته بجحود غريب.. والأب المتعلم الجامعي قانع راض بتصرفات فلذة كبده.

وأستمر الشاب قحطان في طريق الإدمان غير عابيء بنتائجه الوخيمة.. لم يكن الأبن المدلل يتصور ماحدث ذات ليلة عندما عاد في ساعة متأخرة من الليل منهك القوى من أثر تعاطيه المخدرات ليجد والدته تقف أمامه وتحاول إبداء النصح له بضرورة الأمتناع عن تناول هذه السموم، ليلتها هاج وماج قحطان ورفض نصيحة أمه وانهال على كل من في البيت بالسباب والضرب لأن أمه تجرأت عليه ونصحته!.. وتوقع الجميع أن يفيق الأب من الغيبوبة الطويلة ويدافع عن زوجته ويحميها من أبنها العاق.. ولكن الأب لم يحرك ساكنا.. أكتفى باستعطاف ابنه قحطان أن يدخل الى غرفته ولا يعكر مزاجه.

بعد هذه المشاجرة المثيرة.. عرض الأب على ابنه قضاء يومين في مزرعته الواقعة في المحمودية.. ونسيان الأمر برمته حتى يعود الصفاء الى قلبه تجاه والدته.. وافق الإبن على مضض بعد أن أعطاه الأب مبلغا” كبيرا” من المال ليسترضيه. وسافر الأب مع إبنه الى قريتهما.. وبعد ثلاثه أيام عاد الهدوء الى الإبن الذي وافق على طلب والده بأن تلحق أمه بهما لتصالح ابنها.. وبالفعل وصلت الأم وبناتها الى القرية وصالحت أبنها الذي أصر على ألا ينصحه أحد مهما كان بعد ذلك!. ورغم أن هذا الشرط كان أقتراحا تقدم به الأب حتى لاتستمر حالة الجفاء بين ابنه وباقي أفراد أسرته.. إلا أن الأب نفسه كان أول من خرق هذا الأتفاق في نفس اليوم بعد أن شاهد أبنه المدلل يعود الى المنزل مترنحا من أثر تعاطيه كمية كبيرة من المخدرات!. ساعتها.. خشى الأب أن يحدث مكروه لفلذة كبده.. أسرع إليه ليطمئن على حالته الصحية.. أحتضنه بقوة خشية أن يقع على الأرض.. وبينما كان الأب يضم إبنه الى صدره خرجت كلمات من فمه لم يطق قحطان سماعها.. قال الأب في حنان بالغ:

– (أبني .. كافي تسوي بنفسك هيج .. أخاف تموت وتضيع مني)..

ولم يكمل الأب كلماته.. فوجىء بابنه المدلل يسترد عافيته وينهال عليه صفعا وركلا حتى أسقطه على الأرض.. واستيقظ كل من بالبيت على صرخات الأب التي خرجت منه مع ضربات الإبن المتتالية.. وحاولت الأم وبناتها أنقاذ الأب من بين يدي الإبن الغاضب.. ولكن محاولات وقف الإبن عن مواصلة ضرب والده زادت من ثورة قحطان فأسرع الأبن للإستيلاء على عكازة والدته التي يتوكأ بها وانهال بها على رأس والده ووالدته ولم يتركهما إلأ بعد أن تفجرت الدماء منهما. صرخات شقيقات قحطان للمشهد المرعب جمعت أهالي القرية في الحال وأسرعوا بنقل الأب والأم الى أقرب مستشفى.. كما أقتادوا الأبن الأهوج الى مركز المحمودية.. حيث وقف قحطان مذهولا مما جرى وسقط مغشيا عليه عندما أبلغه ضابط الشرطة بأن أباه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجراحه بينما مازالت الأم في حالة خطرة داخل غرفة الإنعاش.. تصارع الموت بعد أصابتها بارتجاج في المخ نتيجة الضربات القوية التي تلقتها على رأسها من إبنها الوحيد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here