الجيش والبيشمركة يتقاتلان بالأسلحة الأميركية والألمانية

شالاو محمد

يتبادل الجيش العراقي والبيشمركة الاتهامات حول استخدامهما الأسلحة التي تسلماها لمحاربة داعش ضد بعضهما خلال المعارك التي جرت بينهما في الأيام العشرة الماضية.

بدأت المعارك بين الجيش العراقي من جهة والبيشمركة من الجهة الاخرى جنوبي كركوك في السادس عشر من الشهر الحالي، وأعلن بعض القادة العسكريين الذين انسحبوا من معركة كركوك أن قوات الجيش استخدمت ضدهم أسلحة لم يروها طوال حياتهم العسكرية، كما قال مجلس امن الإقليم وقيادة قوات البيشمركة في بيانات إن الجيش والحشد الشعبي استخدما الأسلحة الأميركية التي تسلماها لمحاربة داعش ضد البيشمركة.

وبعد أربعة أيام من ذلك نشرت القوات الكردية في معركة بردي – آلتون كوبري – صوراً ولقطات فيديو لعدد من الدبابات والمركبات المحترقة واعلنت أنها تمكنت من إحراق دبابة ابرامس اميركية وهي من احدث الدبابات في العالم.

وفي اليوم نفسه أعلنت خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة العراقية في بيان ان البيشمركة استخدمت ضد الجيش صواريخ ألمانية تسلمتها لمحاربة داعش وكان من المفروض استخدامها لتلك الحرب فقط.

وكان رد البيشمركة سريعاً وأعلن محور غرب كركوك للبيشمركة انه لم يتم استخدام سلاح ميلان إطلاقاً، لكن هذا الشد والجذب لن ينتهي سريعا ويطالب طرفا الصراع بالتحقيق في الموضوع، ولكن من الواضح ان الاسلحة الكثيرة التي تم تسليمها الى الطرفين لمحاربة داعش سيدخل بعضها في المعارك الداخلية.

فعندما تعرض الجيش العراقي في حزيران (يونيو) 2014 للهزيمة أمام داعش في ثلاث محافظات عراقية كبرى (نينوى، الأنبار وصلاح الدين) استولى داعش على آلاف القطع من الأسلحة التابعة للجيش من بينها دبابات ومدرعات ومركبات حربية كما تُرك بعض من تلك الاسلحة للبيشمركة أيضاً.

وفي السنوات الثلاث الماضية من الحرب ضد داعش قدمت الولايات المتحدة والدول الاخرى مساعدات عسكرية للجيش والبيشمركة، وقد نشرت العديد من التقارير الصحفية حول احتمال استخدام تلك الأسلحة في النزاعات الداخلية في يوم من الايام خصوصا وان جزءا من تلك الأسلحة قد تم تسليمه من قبل الحكومة العراقية الى قوات الحشد الشعبي فيما كانت البيشمركة تتسلم حصتها أيضاً.

ويقول حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي إن “الأسلحة والدبابات التي قدمتها دول التحالف للعراق واقليم كردستان كانت بهدف استخدامها في الحرب ضد داعش وان اي تحرك خارج ذلك يعد امرا غير قانوني”.

الزاملي لم يكن متأكدا من استخدام تلك الأسلحة خلال المعركة الأخيرة وحول ذلك قال لـ”نقاش”: “يتهم الطرفان بعضهما باستخدام أسلحة ألمانية واميركية ولابد لنا من التحقيق للتأكد من ذلك”.

وتشير الصور والفيديوهات التي نشرت بالقرب من كركوك اثناء المعركة الاخيرة الى ان قوات الجيش والحشد الشعبي كانت لديها العديد من دبابات (ابرامس) ومركبات (هامفي) العسكرية واسلحة متطورة تسلمت بعضها لمحاربة داعش.

وكان هذا سببا في اعلان قيادات البيشمركة سريعا “كيف يمكن للميليشيات التابعة لإيران ان تقاتلنا بأسلحة أميركية؟”.

ويشدد اللواء علي فاضل قائد عمليات شرق دجلة على ان البيشمركة استخدمت سلاح ميلان ضد قوات الشرطة الاتحادية والجيش ومسلحي الحشد الشعبي والفرقة الذهبية.

ويعترف اللواء فاضل ضمنيا باستخدام الاسلحة الحديثة في نطاق محدد وحول ذلك قال لـ”نقاش”: “من يقول ان الجيش استخدم الاسلحة التي تسلمها لمحاربة داعش ضد البيشمركة فليعرض الدلائل، ما استخدمناه خلال هذه المعركة كان العتاد العسكري السابق للجيش العراقي، ولكن اثناء نقلنا العتاد العسكري الحديث الذي تسلمناه من دول التحالف الى محافظة كركوك تمت مهاجمتنا في بعض المناطق وبالتالي دافعنا عن أنفسنا”.

كما قيل الكثير أيضاً عن استخدام البيشمركة للاسلحة الألمانية والأميركية التي تسلمتها لمحاربة داعش خلال تلك المعركة.

فريق “نقاش” دقق في الفيديوهات التي نشرت يوم معركة بردي عبر القنوات الإعلامية حيث لم يظهر في اي منها سلاح الميلان الألماني الذي تسلمته البيشمركة لمحاربة داعش وكان له تأثير كبير في تدمير السيارات المفخخة، ولكن يظهر في احد الفيديوهات نوع من الأسلحة الأخرى بيد احد عناصر البيشمركة.

وبعد التدقيق في نوع السلاح والبحث والتقصي والاستفسار من الخبراء تبين ان نوع السلاح هو الجيل الجديد من سلاح (Panzerfaust) الألماني، وقد تم تطويره خلال الحرب العالمية الثانية في عام 1943 وهو مضاد للدروع والدبابات وله الآن انواع متطورة، واحدث أنواعه هو (Panzerfaust 3) وهو نفس السلاح الذي يظهر في الفيديو بيد احد البيشمركة.

وكانت المانيا قد ارسلت عام 2015 بعض الأسلحة الى قوات البيشمركة والجيش العراقي لمواجهة داعش وقيل انها ضمت المئات من أسلحة ميلان و(400) نقطعة سلاح من نوع (Panzerfaust) وعشرين ألفاً من الاسلحة الخفية وبضعة ملايين من الرصاص.

اذا فالبيشمركة تسلمت تلك الأسلحة اثناء الحرب ضد داعش وهي الاسلحة نفسها التي تشاهد الآن بيد البيشمركة في الجبهات قرب كركوك.

ونفى اللواء محمد ريكر نائب قائد قوات البيشمركة في محور غرب كركوك استخدام الأسلحة الألمانية الحديثة خلال تلك المعركة وقال: “حاولت عدد من دبابات الحشد الشعبي يوم الجمعة الماضي التوجه من كركوك الى محافظة اربيل، وقد واجهناها في ناحية بردي، ولم تستخدم البيشمركة اي سلاح سوى أسلحتها ودبابات (T55) الروسية والتي تحولت الينا بعد هزيمة الجيش العراقي في حزيران (يونيو) عام 2014″.

اللواء محمد قال لـ”نقاش”: “لقد هاجم مسلحو الحشد الشعبي قوات البيشمركة في غرب كركوك باستخدام دبابات ابرامس و(T72) وسيارات هامر الأميركية المدرعة”.

يرفض الطرفان المتنازعان التهم الموجهة اليهما، الا ان ما يتم مشاهدته في الصور والفيديوهات هو شيء آخر، فحتى ان الخبراء يؤكدون استخدام تلك الاسلحة من خلال قراءتهم لتلك الصور والفيديوهات.

ويشدد هيوا اسعد الخبير في المجال العسكري والضابط الكردي السابق في القوات الخاصة في الجيش العراقي على ان الطرفين استخدما معظم الاسلحة التي تسلماها لمحاربة داعش ضد بعضهما.

هيوا قال لـ”نقاش”: “ان استخدام تلك الاسلحة والدبابات لحسم المشاكل الداخلية ممنوعة تماما، فقد وافق الجانبان الكردي والعراقي عند تسلمها على استخدامها لمحابة داعش فقط وقد وقعا على ذلك”.

ويضيف هيوا: “بإمكان المحكمة حسم هذا الملف رغم اني لا أجد أملا في جدوى المحكمة لان الجانبين يستطيعان التحايل على المسار القانوني للقضية”.

في السياق ذاته تحدث ضابط مخابرات في وزارة البيشمركة مطلع على القضية لـ”نقاش” شريطة عدم ذكر اسمه وذكر ان جميع اطراف القتال من الجيش العراقي والحشد الشعبي وحتى البيشمركة قد استخدمت معظم انواع الاسلحة التي تسلمتها لمحاربة داعش.

وعدد الضابط لـ”نقاش” قائمة تلك الاسلحة فكانت الاسلحة التي استخدمها الجانب العراقي هي: دبابات ابرامس، مضادات الدبابات (AT4) الأميركية، صواريخ غراد ومركبات هامفي.

اما الاسلحة التي استخدمتها البيشمركة حسب الضابط فهي: أسلحة (M4) الأميركية و(G36) الألمانية وسلاح ميلان ورشاش (50 Cal) الاميركي.

ونظرا للاوضاع المتوترة في العراق فقد كان متوقعا بالنسبة للمراقبين ان تستخدم الاطراف المتنازعة في يوم من الايام تلك الاسلحة داخليا ضد بعضهم، ولكن لم يكن في الحسبان وقوع ذلك بهذه السرعة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here