الدعوة لاقامة اقاليم طائفية دليل على جهل وتخلف مطلقيها

لعل من اسوأ اسقاطات الوضع الكارثي الذي عانى منه العراق’بعد 2003
هو حالة التشرذم والانقسامات العرقية والطائفية الهدامة
حيث اجبرت قطاعات واسعة من ابناء الشعب الواحد على التخندق مع طوائفها واثياتها
دون رغبة ’منها’أوارادة اوايمان حقيقي بتلك التقسيمات’
ولترسيخ هذه الحالة الخطيرة’
فقد انتشرت عصابات مشبوهة في الشوارع
واخذت تقتل وتعتقل استنادا الى الهوية الطائفية
ويقينا ماكان لتلك المؤامرات القذرة ان تنجح
لولا مارافق تلك الحملة من اعلام ’
هيأ لها الاجواءفنشرالدعايات والاخبار المثيرة
التي ايقظت روح الفتنة’ونشرت الكراهية واثارت التوجس في نفوس ابناء الشعب
والتي رافقتهااعمال تخريبية اجرامية’
كانت تجري بشكل مستمر
مع ضعف غيراعتيادي من قبل اجهزة الامن’التي كلفت بحفظ النظام
مما اثارالف علامة استفهام حول حقيقة وهوية من كان يشرف على تلك الاجهزة
حيث لم يعاقب احد رغم التقصير الكارثي في حماية امن المواطنين

هكذا عاش العراقيون’يتنقلون من ازمة الى اخرى
’ولايكادون يخرجون من مستنقع حتى يقعوا في رمال متحركة
يوما بعد يوم بدأت الامورتتكشف’ويتضح امرهام
وهو ان العراق’بشكل خاص’والمنطقة بشكل عام
’كانوامعرضين الى مخطط فوضى خلاقة’
وهي هدف ستراتيجي لدول اجنبية
وضعوا سيناريوهاته ويتعاونون على تنفيذه
وللاسف’ان ادواتهم في تنفيذه هم ضحاياه انفسهم
اي افراد من الشعب العراقي’بكل اثنياته.
وطبعا الهدف النهائي مفهوم
فالعراق دولة غنية جدا بمواردها’التي تسيل لعاب المغامرين والباحثين عن تلك الثروات
ويقينا ماكان لاعداء العراق ان يحققوا اهدافهم لو ان الشعب كان على قدر من الوعي’
أوالشعوربروح المواطنة والانتماء الى علم بلاده
رغم ان اعداء وطنه لايفرقون بين اثنياته او طوائفه
عندما يشنون عليه حروبهم ويعتدون على كيانه.وامن شعبه
من المعلوم ان الامورالسياسية والخلافات العقائدية’
او تباين القناعات في كيفية تسيير امور بلد مستقل ما
تناقش وتعالج وتحل داخل حدود الوطن
’لكن عندما يفضل المواطن انتمائه العرقي والاثني على انتمائه الوطني
فان مشاكله تعبر حدود بلده وتجعله تابعا ذليلا لاقيمة ولارأي له’
بل سلعة رخيصة بيدالاجنبي
والذي غالبا مايستغل انتمائه الطائفي ’وعاطفته وطوباويته
من اجل تسخيره
في طريق تحقيق مصالح الاجنبي الوطنية
وهذا للاسف كان حال الكثيرين من ابناء الشعب العراقي.
ولعل من اكبر المهازل,
كان بروز دعوات من اقلام مشبوهة
هي اما نتاج عقلية ساذجة طوباوية غارقة في التخلف
او مدفوعة من قبل قوى هدامة
ليس من صالحها عودة اللحمة الوطنية
واعادة احياء روح المواطنة والثقة والتالف بين ابناء الشعب
والذي سبق وان عاش قرونا متعايشا متحابا متصاهرا
’ولاتريد لهذا الشعب ان يستقر
لأن في الفوضى واستمرار الانشاقاقات والفتن’
فائدة لها’تخدم مخططاتها العدوانية
تلك الدعوات تنادي بتمزيق الامة العراقية
وتأسيس كيانات طائفية على انقاضها’
وعلى سبيل المثال فقط
هناك واحد من اولئك الدعاة
لايكاد اسمه يغيب عن صفحة المقالات في صوت العراق
ويكتب بتفصيل واسهاب’
لكنه لايأتي بجديد
بل ويكرر بشكل ممل
طرح مشروع من بنات افكاره
يبدوأنه
استولى على فكره واستوطن عقله الباطني
وجعله يعيش اسيرا فيما يسمى بسجن فكر تسلطي الزامي
انه يدعو الى تاسيس دولة شيعية عربية’
أو كيان شيعي عربي مستقل عن بقية مكونات الشعب العراقي
حدوده من سامراء الى الفاو!
وقد خصص لمشروعه العتيد’تفاصيل من عشرين نقطة
وكأنه دستور مصغر
’ولم يبق له الا ان يرسم علم الدولة!
المشكلة فيما يطرحه ان لايتوانى عن طرح افكار تعتبر ممنوعة ومحرمة
ولايجرأ على طرحها ’الا من لايتوقع حسابا جديا (وبسبب مفهوم)
أو من هو متأكد’ان نوعية مايطرحه يجعل الاخرين لايقيموالكلامه وزنا!
حيث انه
’وفي تفاصيل تحقيق حلمه بتأسيس دولة الشيعة العربّ
يدعوالى عملية تطهيرعرقي من سامراء الى الفاو
وهي حدود كيانه الشيعي العربي
كما انه يدعو الى اعادة رسم خارطة المحافظات ’
عن طريق سلخ مساحات واسعة من محافظة الانبار’والحاقها بدولة الشيعة العرب
والمصيبة وانه يتوقع ان ذلك المشروع سينقذ الشيعة العرب من (الارهاب السني!)
بل ومن الهيمنة الايرانية!
ويجعلهم مستقلين في فردوسهم الجديد الغني بالنفط!
ووصل التطرف في طروحاته
الى الزعم بان فشل مشروع استقلال كردستان
لانه جاء قبل تحقيق مشروع استقلال الكيان الشيعي العربي
هذا الرجل
يعتبر ظاهرة في راديكالية التطرف
واسقاطا لحالة الضياع والتشتت
وفقدان الهوية الوطنية والثقة بالنفس وخيبة الامل فيما حل بالعراق بعد سقوط نظام صدام حسين
انه يعبر عن حالة ضعف وشعور عميق بالدونية
جعلته يتقمص حالة دونكيشوتية
تدعو الى مزيج من الضحك الممزوج بالاسى
وهو في حاجة الى الاختلاء بالذات
واعادة النظر في طريقته في التفكير’والتحليل والتقييم
لاول مرة اسمع واقرأ ان شخص ما يتجرأ على طرح مثل تلك الافكار والاراء
حيث يدعو الى تأسيس كيان سياسي على اساس طائفي
بينما اعتى دعاة الطائفية لايتجرأون علنا على الافصاح عن مثل تلك الافكار والمخططات
كما انه عندما يدعو الى التطهير العرقي!
بما يخالف الشرائع والقوانين الالهية والوضعية
والتي اتفقت عليها كل امم الارض المتحضرة
كما واني لاادري كيف سيحقق جمهورية لفلاطون في دولته الشيعية العربية؟
ومن اين سيأتي لها بالحكام االمخلصين
القادرين على تسخير ثروة البلاد لخلق دولة شيعية متقدمة يسودها العدل!بينما يعلم القاصي والداني ان كل اللاعبين على المسرح السياسي العراقي عامة والشيعي خاصة هم اسوأ انواع الفاسدين’وان من يتحكم بامور الدولة جملة وتفصيلا هم حكام ايران وعملائهم
بل بالعكس’فلو تسنى تحقيق مثل ذلك المشروع’ واسست في العراق دولة على اساس طائفي شيعي
فأول من سيفرض الوصاية عليها
هي ايران’وتلك مسألة ليست بحاجة الى نقاش
كما ان دول الجوار السنية لن تقف مكتوفة الايدي امام مثل هكذا كيان
بل ستجعل ارض العراق جهنما لايمكن ان تطفأ نارها
لااريد الاسترسال
لكني فيما كتبته حاولت من خلاله جذب الانتباه الى ماحل بالمواطن العراقي’
نتيجة ما تعرض له من نكسات وخيبات امل مريرة
ومن اجل لفت عناية الرأي العام الى ضرورة الانتباه لمثل تلك الظواهر’والعمل على التصدي لها قبل ان تتفاقم ازمتها
خصوصا واننا نعيش ضروفا راهنة لم يسبق ان عاشتها امة
صحيح ان العراق يعيش ازمة كارثية
لكن ذلك ليس نهاية المطاف
لو قرأنا التاريخ بتمعن
سنرى ان 14 عاما من عمر الانظمة السياسية لايمكن ان تحدد مصير امة
لها جذورها المغروسة عميقا في الخارطة الجيوسياسية
مازن الشيخ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here