المفردات العشقية في ديوان ( حديقة من زهور الكلمات ) الشاعر يحيى السماوي

المفردات العشقية في ديوان ( حديقة من زهور الكلمات ) الشاعر يحيى السماوي
اسم السماوي له صدى كبير بجرسه الرنان , في عطاءه الشعري والنثري , وكل اطلالة ديوان او مجموعة شعرية او نثرية جديدة , يؤكد حضوره المتألق في جمالية الابداع الاصيل . بما يملك من خزين غزير من الخبرة والكفاءة في الخزين اللغوي والمعرفي , في رسم اسلوبية خاصة متميزة في عوالم الشعر والنثر , انه يمتلك الصفة المميزة في اسلوبية الابداع بشكل فذ وعملاق , وانه يطرق كل الاساليب والطرق المتجددة , في الصياغة والتركيب والبناء المعماري , هذه المواصفات الفذة , تؤهله ان يكون في قمة العطاء الشعري والنثري . انه بارع في تركيب الصورة الفنية , التي تحمل الدلالة والتعبير البليغ , وفي اشاراتها الرمزية , من منصات الواقع , فهو يستلهم مفردات الواقع , ليصوغها من جديد في اطار خلاق متجدد , وبرؤية فكرية ناضجة في معارفها المتنوعة , في طرق الاشكال العشق بكل مسمياته . الصوفية والوطنية والايروتيكية , يصوغها في كتلة واحدة منسجمة وملتهبة , في تألق في بؤرتها الضوئية , التي تمتلك صفة الاندهاش والتمرد والالهام , كما تألقت بنيرها في الديوان النثري ( حديقة من زهور الكلمات ) في عملاقية الابداع بروحية خلاقة , في ازهاره اليانعة والبراقة , في بريقها الذي يحفز مكامن الذهن , بالانشراح والدهشة التصويرية , لتكوين صورة ملهمة من الرؤية , التي تقود العشق الى الحلم والامل الى حد الالهام والعبادة . انه يزرع بذور الامل والحلم والتمرد , على الواقع المسكون بالخيبات والتحطم , لتجاوزه بروح وثابة نحو مملكة الامل والحلم , مملكة العشق , للعشاق الذين يستحقون الامل والامان , من كوة العتمة والظلام , التي خنقت الوطن لخرابه , انه يعلن حالة التمرد على هذا الواقع المأفون والمفجوع والمنكوب , انه يحول سنوات ومعاناة الغربة والاغتراب والبعد عن الوطن , ليناطح بروحية صادقة هذه الازمنة القمئية , نحو منصات الحلم والتمرد ليحولها الى الذات العامة , اي انه يصهر بوقته الذاتية في بوتقة الذات العامة لكنية الوطن , بأن يتجاوز محنته الى محنة الوطن , ليبعث روح متمردة وثابة , التي تفتش عن مرافئ آمنة , ترسو عليها سفينة الوطن بكل اقتدار , انه لا يصارع من اجل الخيال الوهم , وانما يصارع من اجل الانقاذ حطام الواقع , ليكون البديل المناسب , مملكته العشقية , القائمة على الحرية والانعتاق والتمرد , اي يحول ازمة الوطن , الى شيء ملموس من الحلم والامل , اي يبعث الروح في الواقع , ليقف على قدميه من المعاناة التي تحاصره , او ليخلقه من جديد , في تراتيل من زهور الكلمات , هذه هي فضاءات ديوانه الجديد , الذي حفل بقاموس عشقي غير مألوف في الطرح والجرأة , في الصورة المشهدية وفي بلاغتها في دلالات ايماءاتها البليغة , في مفرداتها غير مطروفة في نحتها ورسمها بصياغة كأنها خلقت من جديد , بدلالات مدهشة في التعبير والرمز , انه ينطلق من صدقه الوجداني ووضوحه الفكري . في الواقع بكل محطاته وعثراته , لذا فأنه في ( حديقة من زهور الكلمات ) عاشق محارب شرس , او كما يطلق عليه الناقد الكبير حسين سرمك ( ساموراي ) . يجيد استخدام تقنياته وادواته , ليفجرها في هالة جمالية مدهشة في مفردات العشق , ليلامس الجرح والداء الذي يعاني منه الواقع والوطن المخطوف , من التجار والسماسرة والظلاميين , من حالة صراخ وانين الاطفال , من حالة الحداد العام بالحزن والمعاناة , بينما قساوسة المنطقة الخضراء , يتنعمون بالنعيم والترف والجنة , وهم يحملون صك الغفران والمباركة من معابد البيت الابيض في واشنطن . ان هذه القراءة الثانية , تحاول الغوص في مفردات العشقية , في جانبها الوطني , وفي جانبها الايروتيكي .
1 – مفردات العشق للوطن :
– يقف بالمرصاد لفضح الطبقة السياسية الحاكمة , التي تتلاعب في مصير الوطن , وفق مشيئة عقليتها المضخمة في الفساد والنهب , بتحويل الوطن الى بضاعة تجارية معروضة للبيع والشراء و مما تأزمت الحالة الى الكفر والرفض الشديد , ان يكون الوطن لعبة للتجار والسماسرة والظلاميين , وهم لم يكفوا بزخ الشعارات الزائفة والمنافقة الى الشوارع والاعلام , التي تحولت الى اكفان , وللضحك على ذقون المغفلين , ومن هذه الحالة المأساوية , يعلن تضامنه الى مناديل العشق
لذا
آمنت بحبيبتي
وكفرت بالساسة التجار والظلاميين
معلناً
تضامني مع مناديل العشق
في حربها
ضد لافتات الشعارات والاكفان / ص 144 .
– الحالة الوخيمة الجاثمة على صدر الوطن لقطع انفاسه . تصبح الضرورة الملحة , من ان لايترك الوطن ان يسير نحو سرير الموت البطيء , لابد ان ينهض ( بلال ) جديد يؤذن لاعلان الفجر الجديد , ويدعو الى صلاة الفرح والانقاذ
صلاتي مؤجلة
وليس من “بلال ” جديد يُقيم ُ الأذان
معلناً عن صلاة الفرح ! / ص103
– حالة التردد والوجوم والشحوب بعلامات الحزن , اصبحت علامات فارقة للوطن المنكوب . التي تظهر في سيماتها , في الجوع والحروب . التي هي من فعل طاعون ( النفط ) , ولا يمكن ان يكون لها حد ونهاية لهذه المحنة الوطنية والانسانية , إلا حتى تجف اخر قطرة من طاعون ( النفط ) الذي اصبح رصيد في ارصدة اللصوص الحكام , وللشعب نصيبه الدخان الاسود الخانق , في استغفال عقول المغفلين .
النفط الذي أشبعنا جوعاً وحروباً
متى يجف
فيغادر اللصوص
بيت مال المستغفلين ؟ / ص114
– ولا ينسى المأساة الدموية التي حدثت , في منطقة الكرادة , التي نزفت دماءاً ودخاناً بشكل غزير , من فعل الارهاب الدموي الاجرامي , الذي حول المنطقة الى حالة الحداد والحزن , ومعاناة أليمة تركت اثارها بجروح عميقة للارامل والثكالى بسقوط الشهداء الابرياء .
نهار وليل ” الكرادة ”
أضحيا
أكثر سواداً
من لافتات الحداد
وعباءات الارامل والثكالى
فالشموس والاقمار تساقطت
شهيداً
بعد شهيداً ! / ص124 .
– تعددت منصات الخراب في الوطن , في التشرد والهجرة الى المنافي , بالهروب من الوطن الذي اصبح جحيماً لا يطاق . لذا فهو يقترح ان المنصة المناسبة للدكتاتور , هو ان يجلس على منصة الخازوق .
الشحاذ
منصته الرصيف
×
أما الديكتاتور
فمنصته الخازوق
توجد فيه منصات كثيرة
لاطلاق المشردين
نحو المنافي ومعسكرات اللجوء / ص134
– يستغيث بالله , ان يعينه على محنة الوطن التي طالت اكثر من اللازم , والمآسي تحفر عميقاً في وجه الوطن , وبات لعبة بين الموت والدمار , فقد صبره النافذ من هذه المحنة الوطنية , فلم يبقى إلا الحطام وفقدان الآمان . فيتساءل مع ربه , متى يكون له وطن آمن ؟
ربٌ
أنى يكون لي وطن آمن ؟
لقد وهن الصبر مني
وبلغتٌ من الغربة عِتياً
الساسة
يتناطحون في مستنقع المحاصصة
بُكرة وعشيا ..
فاجعل لي ْ
من تهشيم قرونهم
آية ! / ص138 .
– يضع يديه على الجرح والداء , الذي يعاني منه الوطن , وقاده الى التحطم والتمزق , هم اصل العلة والداء . قساوسة سكنة المنطقة الخضراء ( العشن العفن والاسن ) , السماسرة الدعارة السياسية . هؤلاء الاوغاد الفاسدين , صموا أذانهم بالشمع , حتى لا يسمعوا طراخ وانين الاطفال , لكن كل حواسهم صاغية بذل وخشوع ذليل ومهين بالاهانة , الى صدى نواقيس المعبد الابيض في واشنطن
ما لقساوسة المنطقة الخضراء ؟
يسمعون
صدى نواقيس المعبد الابيض في واشنطن
ولا يسمعون
صراخ أطفال المناطق الصفراء / ص147 .
– لذلك يتمنى ان يمن عليه الله في امنية , ان يحل بدلاً من ( عزرائيل ) لينصب شبكة الموت , للمستنقعات الاسنة بالفساد , في دهاليز المنطقة الخضراء . عش الوباء الطاعوني في تمزيق راية الوطن نحو الخراب والتمزق .
لو أنني ” عزرائيل ”
لنشرت شباكي
في مستنقعات وأقبية
المنطقة الخضراء / ص156 .
– ويمارس التهكم والسخرية اللاذعة , من شعارات احزاب المحاصصة الطائفية الحاكمة , التي تملئ الشوارع , زيفاً ونفاقاً , لخداع المواطنين بهذا الترويج المزيف , لذا فيقترح عليهم حلاً منطقياً ومعقولاً , ان تكتب على الارصفة , لتدوسها احذية السابلة حتى تقرأها احذيتهم
أذا كان لابد من الشعارات
فأكتبوها
على الارصفة
لتقرأها
أحذية السابلة ! / ص173 .
– ولكنه يزرع الامل والحلم لعشاق الوطن , بأنهم هم الرابحون في النهاية , اما الباقي من حثالات الطحالب , زائلون مصيرهم مزابل القمامة . سيأتي يوماً للوطن , ان تطرز سماء الوطن بالفرشات , واقواس الفرح الربيعي , لتعود البسمة على وجه الوطن المخطوف .
والعشاق
يطرزون فضاء الوطن بالفرشات
وأقواس القزح
ومن حناجرهم يسيل
الهديل
فلا تغمسي اصبعكِ بالحبر البنفسجي
إلا
انتقاء للعشاق الأمرين بالحدائق
والناهين عن الخنادق / ص183 .
2 – مفردات العشق الايروتيكي :
كما حفل الديوان النثري . من باقة من الازهار الايروتيكية , بشهية اللذة والاشتهاء والاغواء الساخن , وبمفردات معجمية , خلقت من جديد , في معاني ومضامين خلاقة , غير مطروقة , انها تنتمي الى قاموس السماوي المتميز في اسلوبه المدهش في الاثارة .
لهيب العشق نار مشتعلة في الروح والجسد , تبحث عن مجرات لاطفاء نيرانها , وفي دهشة خلق مفردات في محتواها الجديد , تكون مواد قابلة للاشتعال الايروتيكي في الجسد ( قوس . سهم . محراث . تنور ) وهي ايضاً قابلة لاطفاء نيران الشبق الجسدي وغزيرته .
مُذ انقذتني واطفائني بنارها
ونجن
قوس وسهم . .
محراث وتنور . .
ومحراب وصلاة ! / ص23 .
– وسهام اللذة الحارقة , لها نصيب من حرارة الاشتعال الطافح بفيضانه , بالتسلق نحو منصات الاشتهاء . حتى تتلاشى الامطار , لتنبت عشباً ربيعياً , في صحراء الخريف .
يوم تسلقت نخلتكِ قبلة قبلة
سقطت مغشياً عليك
من أثر اللذة
وكما يتلاشى الدخان في الاعالي
تلاشت أمطاري في واديكِ
موقظة
عشب ربيعك
في صحراء خريفي / ص35 .
– ورحيق الاشتهاء في لثم الشفاه , في الصدر الدافئ للاشتهاء واللذة .
لتُعد شفتاكِ الى شفتي
آلاف القبلاتِ
وليسترجع صدركِ دفئه
من صدري
وخصركِ الذي دثرتهُ
بملاءة من زفيري
دعيني استنشقهُ من لهاثكِ حين
أطبق أضلاعي عليك / ص47 .
– ورغبة الاشتهاء تفور وتتفجر ليشرب خمر انوثتها . ليجرب رجولته وفحولته
ولو
يشقُ ليلةٍ
لاشرب خمر أنوثتكِ
بكأس رجولتي
كل قبلة منكِ
سأجزيكِ
بعشر أمثالها
مني / ص50
– ولا خوف في السقوط في فراش العشق واحضانه الوثيرة .
لا تخافي السقوط
فحضني وثير
كسريرك / ص64 .
جمعة عبدالله

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here