بخطو يرتد حنينا نحو مباهج الماضي

بخطو يرتد حنينا نحو مباهج الماضي

ما كانت كل هذه الحياة المريحة من رفاهية زائفة
سوى كمائن ضجر وملل و فقاعات اوهام مزخرفة ..
ونرجسيات مضحكة لذوات بائسة تستند على مخدة خوائها الفادح عاجزة و شاحبة ،
لا تجيد شيئا غير خدعة ذاتها بتطيير نفاخات أوهام جديدة و جديدة ..
كل هذه التقنيات المتقدمة لتنمية ثآليل كسل ورخاوة حياة فضفاضة ، تنكمش محشورة على نفسها في أقفاص وعلب ضيقة تبدو ــ مضللة ــ و كأنها في سعة العالم !!.
لذا ………………………….
فكم أحن إلى تلك الأكواخ مفتوحة الأبواب والنوافذ على سعتها و المبعثرة في منعطفات حقول ، عند سفوح تلال ، على مشارف أنهر ، وفي قلب بساتين و غابات بعيدة تحاذي قامة أفاق غافية ..
إلى آبار عميقة عند حافة واحات قديمة بأحجارها المكومة كشاهدة أزمنة غابرة ،
مع رقصة رعاة وأنغام أصوات نايهم و أغانيهم الريفية البهيجة أو الحزينة الآسرة ..
إلى لهيب تنور ريفي و نكهة خبزه المحمص وهي تدغدغ على بعد شهية جائع قادم من عمل مجهد ..
إلى أغاني فلاحات قادمات من نبع أو من برية ، مع باقات حطب مكتنزة فوق رؤوسهن الشامخات تثير شهية نيران زرقاء في مواقد الشتاء..
إلى أزقة محلات حيث تنبض الحياة بمسرات وشبابيك مقوّسة ذات ستائر مسدلة على نصف قامتها
وهي تثير الفضول والمخيلات بجمالها الغامض والخفي ..
إلى مقاه في زوايا وأركان جانبية عند شوارع خلفية تعلن عن نفسها بأغانيها القديمة ذات حنين متلوع و آسر مباشرة إلى القلب ،
و إلى صحبة أصدقاء قدماء دافئين بجمال روحهم البهي و أكثر ودَّا من أي أخ أو شقيق . .
فكم أحن إليك أيها الماضي رغم قسوتك حينا و غدرك لي حينا آخر .
بينما أنا غاطس في هذه الرفاهية الزائفة مختنقا ، اختناقا بطيئا و رهيبا .
كبوذا في قصره الملكي قبل تجلياته المباغتة
و هروبه النهائي إلى الغابة ليولد من جديد .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here