مستشفيات واسط: نقص الأدوية وغياب الرقابة يرهقان المرضى

 تحقيق/ محمود المحمودي

منذ الصباح الباكر يقف الحاج حسن عند باب العيادة الاستشارية محاولاً حجز مكان يضمن له الأولوية في الوصول إلى الأخصائي ليوفّر الوقت حين يتم تحويله إلى المختبر لإجراء التحاليل المطلوبة، لكن ذلك لم يسعفه، فهو تسلم النتائج من المختبر عند الساعة الواحدة ظهراً بعد خمس ساعات انتظار، وذلك بعد خروج الأخصائي، مما يعني عودته في اليوم التالي ليجد استشارياً آخر ليتم تحويله إلى الرنين المغناطيسي الذي لا يمكن الفحص فيه إلا بعد انتظار يدوم لأسابيع عدة، مما يجبر المواطن على الفحص عن طريق الجناح الخاص بمبلغ مضاعف عن الصباحي، بعد كل ذلك تنتهي متاعب الحاج حسن بكتابة العلاج من خارج المستشفى.

مختبر واحد فقط
أصبح على المريض وذويه الانتظار ساعات طويلة أمام غرفة الطبيب لإجراء الفحص الطبي وأن يتحمل الوقوف في طابور آخر للحصول على العلاج إن وجد، فضلاً عما تعانيه المستشفيات من قدم وتهالك الكراسي المخصّصة للاستراحة أو لنقل المرضى وغياب النظافة فيها ونقص المختبرات. البكترولوجي سالم فرحان، مستشفى الكرامة التعليمي بيّن لــ(المدى) عن قلة الكادر والأجهزة المختبرية مما يسبب زخماً كبيراً عليهم، منوهاً الى: وجود مختبر واحد فقط ما يسبّب زخماً كبيراً، كونه يستقبل إحالات من كل أقسام المستشفى والعيادة الاستشارية أيضاً. مردفاً: رغم اننا نعمل بنظام الواجبات الخافرة، ما يعني أن المختبر يعمل 24 ساعة، لكن رغم ذلك تتأخر النتائج، مشدداً: على الحاجة لمختبر آخر بتقنيات متطورة.
وبشأن الخدمات المقدّمة، يقول المواطن حسن طلال لــ(المدى) العلاقات والمحسوبية تسهل معظم الإجراءات في المستشفى من قطع الباص حتّى صالة العمليات. مستطردا،ً من لا يملك معارف داخل المستشفى، فذلك يعني التأخر ومزيداً من المتاعب بل والإهمال. لافتاً الى، أن بعد الفحص السريع، على المريض شراء الوصفة من الصيدليات الخارجية.

طرق احتيال على النساء الحوامل
وضِعَ الجناح الخاص لميسوري الحال ومن يريدون أن تقدّم لهم الخدمات بشكل مختلف، كذلك فُتح مؤخراً لجرحى العمليات العسكرية من القوات الأمنية، لكن أن يكون وسيلة لابتزاز المواطن وإجباره على دفع مبالغ كبيرة، هذا ما بات معمولاً به في مستشفيات واسط. نور كاظم مريضة تراجع منذ أسبوعين للعيادة الخاصة للطبيبة (ن) حيث اقترب موعد ولادتها ومن المؤمل أن تتم الولادة بصورة طبيعية في ضوء الفحوصات، لكن الدكتورة أصرّت على تأجليها لأيام عديدة حتى تقدم حالتها، وحين راجعتها بسبب الألم، حوّلتها الى المستشفى لإجراء العملية واخبرتها أن اليوم ليس خفارتها ولذلك يجب أن تدخل الجناح الخاص، ملّمحةً لها أنه لن تجري طبيبة القسم الخفر العملية لأنك لست من مرضاها، وهذا ما تبيّن أنه نظام سائد، فأجبرت أن تدخل الى الجناح الخاص بدفع ما يزيد على 500 ألف دينار.
طبيبة مقيمة الدورية، اعتذرت عن كشف اسمها، تحدثت لــ(المدى) عما يحدث في المستشفى، لم أتخيل وأنا طالبة في كلية الطب، أن أكون وسط هذه الوحشية من التعامل مع الناس المرضى، مضيفةً: بحكم النظام، فإن طبيب الإقامة الدورية ينتقل بين الأقسام، وحين أكملت في قسم النسائية مدة شهرين، أصبت بصدمة كبيرة من ابتكار طرق استغلال النساء الحوامل. متابعةً: أحد الأساليب التي تستخدمها الاخصائية، هي إعطاء مواعيد للمريضة حتّى وصول ولادتها من ثم تحوّلها في اليوم الذي لا تكون فيه خفارتها، فتجبر على أن تدخل على الخاص بالوقت الذي تكون صالة العمليات هي ذاتها. وتوضح المقيمة الدورية: بالحقيقة تقتصر مهمة الاخصائية على الإشراف الروتيني فقط، فالعملية وما يرافقها نحن من يقوم بها والمقيمة القديمة والممرضة، مشيرة الى: أن الابتزاز واستغلال ضعف وجهل المواطن كبير جداً، خصوصاً في الأمراض النسائية، مستطردةً، في حالة حدوث أي خطأ نتيجة الإهمال الطبي، نجد أن المواطن المتضرر يتحاشى إقامة دعوة قضائية نتيجة جهله بالقوانين الفاعلة. مشددة: إن الكثير من الأخطاء الطبيّة يتم تسويتها من خلال مجالس تحقيقية أقصى عقوباتها التوبيخ الإداري، الذي يختفي من إضبارة الطبيب بعد حين، مستغربةً غياب دور وزارة الصحة ونقابة الأطباء بما يحصل في مستشفيات المحافظة.

مراكز الصحة الأولية
الدكتور علي الناصر تحدث لـ(المدى) واحد من أهم العوامل التي من المفترض أن توفرها المراكز الصحية في الأقضية والنواحي، هي تقديم الخدمات الطبيّة البسيطة والمتوسطة والتي لا تستوجب أخصائياً، مضيفاَ: ثم تُحوّل الحالات التي تتطلب خدمات خارج طاقة المركز الصحي بإحالة رسمية عن طريق الإسعاف الفوري. متابعاً: في هذه الحالة يُخفف الزخم على المستشفيات العامة وتقلّ متاعب المواطن وخسائره المادية. ويستدرك الناصر: لكن تلك المراكز معظمها يفتقر للأجهزة اللازمة كالأشعة والأجهزة المختبرية فيما تعاني نقصاً حاداً في الأدوية، مما جعل المواطن يتجه للمستشفيات العامّة التي هي الأخرى تواجه المشاكل ذاتها.
المواطن علي جميل تحدث لـ(المدى) لو افترضنا انك تعاني نزلة برد، وتوجهت للمركز الصحي عليك قطع تذكرة بـ(2000) دينار ومن ثم دفع رسوم العلاج (2000) دينار، فضلاً عن الطابور الطويل، مبيناً: في نهاية كل ذلك تحصل على براسيتول ومادتين أخريتين لا علاقة لها بالمرض لسد الفراغ فقط. يعد القطاع الصحي من القطاعات الحيوية التي تموّل ذاتياً وذلك من خلال وارداتها خصوصاً بعد قرار الوزارة زيادة الرسوم مقابل الخدمات التي تقدمها مؤسساتها، لو تم استثمارها من خلال دوائر الصحة في المحافظات في سد نقصها لقدمت نتائج ممتازة. علي الحسناوي مستثمر في القطاع الصحي تحدث لـــ(المدى) هناك امكانية لتحسين خدمات المستشفيات الحكومية بتفعيل المستوصفات الموجودة في جميع المحافظة من خلال إيجاد الإمكانات والمعدّات والأجهزة الطبيّة التشخيصية اللازمة لها لاستقبال المرضى وفحصهم ومعاينتهم فيها ولا تحوّل الى المستشفيات إلاّ الحالات الصعبة التي تكون بحاجة ماسّة للرقود. منوها الى: ضرورة فتح مستشفيات جديدة تتناسب وعدد السكان من أجل تخفيف الزحام الموجود على المستشفيات القائمة منذ عقود عدّة، ما يزيد من امكانية الاهتمام بالمرضى المحتاجين للرعاية والعناية الصحيّة أكثر مما هو عليه اليوم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here