وعل وحسين ورحيم .. أخلاقيات الكبار تضحّي بصمت

 بغداد/ إياد الصالحي

 واجب مسؤول الرياضة حمايتها من آفات سلوكية مدمّرة!

قدر الكرة العراقية أنها ولودةٌ لنجوم أفذاذ بأخلاقهم، كبارٌ بعطائهم، يقدّمون أقصى الجهود من دون أن يشعر الآخرون أنهم بلغوا العظمة الاجتماعية مثلما تسلّق بعض النجوم سلالِم مجد اللعبة طوال عقودها المارّة أمام أجيال تباينت مواقفهم وأفعالهم ونواياهم وهم يمثلون العراق شعاراً ومبدئيةً دفاعاً عن انتسابٍ مشرّف لأرضه وعلمه.
سِقنا المقدمة تلك لاستذكار نجوم المنتخبات الوطنية السابقين ممن حفظنا إنجازاتهم عن ظهر قلب، والأهم من ذلك أنهم كانوا مثالاً لجميع اللاعبين الذين يتّصفون بفضائل إنسانية أكبر من قيمتهم كلاعبين دوليين أفرحوا الشعب بكؤوس النصر في أكثر من محفل.
أسماء مثل كاظم وعل وعلي حسين شهاب وعباس رحيم رحمهم الله، هم نماذج “نواة وزهرة وثمرة” على التوالي لأجيال عمّدوا أنبل قيم الفروسية في تعاطيهم مع التزامات الكرة واحترام مسؤوليها ونظامها الإداري، وكل ما يتصل بشؤون المنتخب الوطني في أصعب الظروف، كانوا يتقدّمون الصفوف، ويتناغمون مع الأحداث بوطنية عالية، لا يُزايدون أحداً بها إلا بمقدار الاندفاع والحماسة.
لا تقتصر أخلاقيات نجوم الكرة على الأسماء ذاتها التي أشرنا لهم، فالتأريخ يحفل بالعديد منهم، بل أردنا أنْ نستذكر ونقارن بين رموز منحتْ العطاء بلا مقابل، وآخرين ذاع صيتهم في ملاعب الاحتراف، وتشرّفوا بارتداء قميص الوطن، لكنهم مارسوا العقوق بصلافة ولم يُردعوا بالإجراءات التي تفرض عليهم إعادة النظر بردود أفعالهم وتصرّفاتهم غير المقبولة، فمثلاً الجيل الحالي بعهدة الكابتنين علي هادي وقحطان جثير، يتعايشون مع الأجواء بكل تفاصيلها، ونحن نعلم مدى حرص المدربين على صقل مواهبهم وتربيتهم رياضياً لمنعهم من اكتساب العادات السيئة التي يتصدّى لها الإعلام الرياضي بموضوعية لردع هذا اللاعب وتنبيه ذاك من أجل مصلحة المنتخبات وسمعة البلاد.

تحشيد أشخاص بالإنابة !
تمعّنوا أيها المقصّرون بحق اللعبة، إن إشارتنا اليوم بليغة وعليكم الترويّ فيما تضيفون لمسيرتكم من مشكلات لا يتحمل مسؤوليتها غيركم، سواء في رفض الالتحاق بالمنتخب أو الاستمراء بالمناكفات الفجّة مع قائده ومدربه وإدارييه أو تمرير تصريح ساخن وشاحن للعلاقات داخل المنتخب الى إحدى الصحف، أو تحشيد أشخاص للكتابة بالإنابة للدفاع عن تصرّف وإظهار صاحبه وديعاً وبريئاً وحَسِن النية في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يبالوا لو كان ضحية التحشيد هذا الإضرار بسمعة المدرب والاتحاد في أوقات حرجة تتعلّق باستعداد منتخبنا لمباراة حاسمة أو تقييم مشاركة!
تذكّروا أن هناك من دخلوا أبواب المنتخب برؤوس مرفوعة وسط الإعلام والجمهور، ورحلوا من دون أية نقاط سود تطارده الى قبورهم، في حين توجد ثلّة من لاعبين يدور حولهم اللغط وتحيط بهم الاستفهامات عن ما هية مسبّبات قلّة وعيهم وعدم ضبط اتزانهم مع أنهم لم يكملوا نصف رحلة رموز العهود السابقة الذين خاضوها وسط معاناة قاسية أملَتها الحروب الطاحنة والفقر المادي وتخلّف تعاطي الأنظمة السابقة مع قيمة كرة القدم وتأثيرها في المجتمع العراقي النهم لغذائها الروحي.

ندوات تخصصية لعلم النفس
إن معالجات مثل هذه الظواهر المشينة في مجتمع الرياضة وكرة القدم على وجه التحديد لا تقف عند اللاعب نفسه مع أنه المعني بتغيير سلوكه ومفردات تعاطيه مع تعليمات اتحاد كرة القدم، ومضاعفته جهوده للارتقاء بسمعته ليكون مثالاً يُقتدى به أمام أقرانه لا أن يحذروا وينفروا منه لسوء الانطباع عنه، ولدينا الكثير من هذا النوع تستوجب ظروف كرتنا مشاركة إصلاحية تضامنية مع جميع المؤسسات الرياضية بدءاً من وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية حتى الاتحادات والأندية والدوائر المساندة في شؤون تقويم العمل الرياضي، على هذه المؤسسات جميعاً أن تسهم في التوعية عبر ندوات تخصصية على مدار السنة يدعى للحديث خلالها متخصصون في علم النفس ومدربون ولاعبون سابقون كانوا ومازالوا يمثلون رمزية السلوك الجيد بعدما حفظوا سيرهم بأبهى السطور، لتكون نتائج الندوة مُلبية للطموحات وتعقد مرتين أو ثلاث مرات في السنة لتعمَّ الفائدة الجميع.

الحكماء يضبطون النفوس
إن منظومة الرياضة لا تستقيم من دون سلوكيات عامة وفردية تغلب عليها صفة الاحترام والالتزام المهني والشخصي للرياضي، فانعكاس ذلك ليس على مستوى تمثيل المنتخب أو النادي في مهمّات خارجية فحسب، بل حتى على العلاقات الدائرة في الوسط، فالكثير من الأزمات تُفتعَل ولا يتصدى لها أحد فتلتهم ألسنة نيرانها محيطاً واسعاً يصل الى الإعلام الرياضي ويصعب السيطرة عليه، بينما الحكماء هم أدرى بمفاتيح ضبط النفوس وتهدئة الانفعالات سواء القائمين على إدارة النادي أم الاتحاد أم المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية وما يتصل بدور مقدمي البرامج الحوارية أيضاً الذين يتحمّل بعضهم مسؤولية تشظّي العلاقات بين المؤسسات لعدم امتلاكهم ثقافة الطرح الموضوعي أو التوافق بين الضيفين في إدارة الحوار للوصول الى تفاهم مُرضي لهما ينهي جدلهما قبل مغادرة الاستوديو.

أين تفاعل مكاتب الإعلام؟
هل سنرى تغييراً واقعياً لما أثرناه؟ الجواب لدى المكاتب الإعلامية للمؤسسات الرياضية التي لم نستشعر صراحة بتفاعل معظمها مع ما يُنشر في وسائل الإعلام، وهم أبناء المهنة، مع ذلك مطالبون بصياغة مبادرات من نسل المقترحات ليس أكثر، فمدير المكتب الإعلامي هو عين المسؤول ليرى أوجه الحقيقة في زوايا عتّم عليها المضلّلون والمنتفعون والمقرّبون لمصلحة ما ليشغلوه بعيداً عن واجبه الأساس ألا وهو حماية بيئة الرياضة من آفات سلوكية مدمّرة إذا ما أهمِل مكافحتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here