قف قليلا رجاء : الصورة .. و الكلمة
ثمة صورة تناقلتها بعض صفحات التواصل الاجتماعي لطفلة عراقية تبيع مناديل ورقية في وسط الشارع تمرق على قرب شديد منها سيارات مسرعة كصواريخ ، طبعا ، وهي تبيع المناديل الورقية ، بدافع فقر واملاق و حرمان و عوز شديد ..
بالتأكيد أنها مضطرة ومجبرة على هذا النوع من ” العمل “المتوفر فقط ، لكي تساهم في توفير وكسب حد ادنى من ملتزمات معيشة أمها و أخواتها الصغار ، لكونهم يفتقرون إلى معيل ، و ربما لعدم شمولهم برعاية اجتماعية من قبل الدولة ..
وهو الأمر الذي يثير عديدا من إشكاليات قانونية و قيمية و إنسانية و أخلاقية على حد سواء :
لعلها أولها هو التجاوز على بعض بنود الدستور التي تلزم الدولة بضمان معيشة أبنائها أو توفير لهم مستلزمات عيش متواضعة و ذلك من خلال إلزام الحكومة بذلك .
ثانيا : عدم جواز تشغيل أو شغل الأطفال وهم لا زالوا أحداثا صغارا .
ثالثا : مكان هذه الطفلة يجب أن يكون في المدرسة وليس في الشارع .
رابعا : إن ” مكان عملها ” هذا إذا سمي بالعمل ــ و بالرغم عدم شرعيته ــ في وسط الشارع يعرّض حياتها لخطر محقق ، كتعرضها المحتمل جدا لعملية دهس أو شيء من هذا القبيل ، هذا ناهيك عن عملية خطف أو اعتداء أو تحرش جنسي محتملة جدا هي الأخرى وهو الأمر الذي يستدعي تدخل الجهات المسئولة كوزارة الشؤون الاجتماعية للتدخل و إيجاد حل مناسب لها لا على صعيد توفير دراسة ومعيشة كريمتين ..
خامسا : أن هذا المشهد لطفلة لا زالت صغيرة السن جدا ، ولكنها رغم ذلك مضطرة لتعمل في وسط هكذا ظروف قاهرة و فظيعة و غير إنسانية بالمرة ، بل مهددة بمخاطر جمة ، لهي دليل قاطع على زيف التقوى و الإيمان والتدّين الذي يترفل به متمسحين مؤمنو” المنطقة الخضراء ” من ذوي الجباه المبقعة من كثرة سجود و خشوع زائفة و كاذبة كضرب من نفاق سافر و ضحك على ذقون بسطاء و سذج من الناس .
إذ نحن على ثقة بأن ثلاثمائة دولار قد تكون كافية لضمان عيش بسيط ومتواضع لهذه الطفلة وعائلتها ، في الوقت الذي يبلغ تقاعد المسئولين الكبار ـــ الذين لم يخدموا سوى بضع سنوات فقط و ربما أقل ــ بين أربعين و خمسين الف دولار، أو .. أو رواتب المسئولين الكبار الحاليين ومخصصاتهم الخيالية ، هذا دون أن نذكر رواتب النواب و مخصصاتهم و رواتب حراس حماياتهم الهائلة و البالغة عشرات الملايين هي الأخرى …
مهدي قاسم