عندما يداف الکذب ببعضه

سعاد عزيز
هل إن التطرف و الارهاب حالة تختص و تتعلق بالمذهب السني فقط وإن هدا المذهب هو منبع و بٶرة هذه الظاهرة المعادية للأمن و الاستقرار و للإنسانية بصورة عامة؟ قبل الاجابة على هذا السٶال، لابد من العودة الى الماضي القريب نوعا ما، وتحديدا الى قبل 40 سنة من الان، هل کانت هناك فکر متطرف و عمليات و نشاطات إرهابية کالتي تحدث الان؟ قطعا لم تکن الحالة کما هي الان، بل إن التطرف و الارهاب لم يکن له من وجود و لم نکن نسمع إلا نشاطات إرهابية لمجاميع دولية محددة نظير الجيش الاحمر الياباني و منظمة الالوية الحمراء و منظمة بادر ماينهوف و غيرها، ولم يکن هناك قاعدة أو داعش أو النصرة و منظمة بدر و عصائب الحق و جماعة خراسان.
لماذا إخترنا 40 عاما من الان کمقياس للمقارنة بشأن التطرف و الارهاب؟ منذ مجئ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، صارت هناك حالة من الخلل و عدم التوازن في الکثير من الامور خصوصا عندما بدأنا نسمع عن مصطلح”الصحوة الاسلامية” و”الاسلام الامريکي”و”الاسلام المحمدي الاصيل” و”الاسلام الکاذب و المزيف”و”الاسلام الصحيح و الحقيقي”، هذه المصطلحات کانت معظمها يتم بثها من وسائل الاعلام الايرانية التي تبث باللغة العربية أو الترکية وغيرها من اللغات، خصوصا بعدما إستتب الامر للجناح الديني المتشدد في الثورة الايرانية.
منذ أن تعرضت بلدانا اوربية لهجمات إرهابية من جانب تنظيم داعش، صار هناك سعي محموم من جانب طهران و الجماعات التابعة لها لدعاية مسمومة واسعة النطاق تترکز في إن التطرف و الارهاب الذي يضرب المنطقة و العالم، إنما ينطلق من بيئة سنية، بکلام أدق، إن جذوره من المذهب السني، وهذا الزعم عمل اللوبي التابع لإيران في بلدان أوربا على الدعاية و الترويج له بصورة غير عادية، وقد کان الهدف الاکبر من وراء ذلك هو التغطية على مرکز و قلب التطرف و الارهاب في العالم کله، أي طهران و النظام القائم في إيران.
قبل فترة، وخلال ما سمي بالمٶتمر الاول للحوار العالمي حول الارهاب و الذي عقد في بغداد، تحدث رئيس منظمة بدر التابعة للحرس الثوري الايراني عن جذور الارهاب بنفس السياق الذي أشرنا له آنفا، قائلا: “جذور الإرهاب في المنطقة تعود إلى الفكر الإرهابي المتطرف، وأصبح هناك خلط بين أفكار الإخوان وبين الأفكار الوهابية، ثم بالمدرسة الجهادية التي أنتجت بن لادن والزرقاوي، وعودة ما يسمى بالعرب الأفغان الذين قاتلوا في أفغانستان”، وکما هو واضح فإن العامري يتحدث عن قضايا کلها سنية 100% و ينأى بنفسه جانبا عن ماقد جرى و حدث من عمليات إرهابية على يد مجاميع إرهابية شيعية مرتبطة بإيران نظير تفجيرات بيروت و تفجيرات الکويت و السعودية بل وحتى التفجيرات التي طالت العاصمة الارجنتينية بوينس آيرس، وهو وبدلا عن التحدث بأمانة و حيادية عن هذا الجانب الذي هو الاخطر يحاول و بطريقة ماکرة و خبيثة أن يلفت الانظار الى الجانب الإيجابي أو لنقل الطائفة و المذهب الاسلامي الايجابي أي المذهب الشيعي عندما قال: “في هذه الظروف جاءت الفتوى المقدسة للمرجعية الدينية، وانطلق الشباب العراقي بشكل ملفت للنظر لحمل السلاح والدفاع عن العراق”.!
نحن لانزعم کطهران و أذنابها و بطريقة ملتوية و مشبوهة بأن التطرف و الارهاب ينتسب للشيعة، بل إننا نٶکد بأن الاسلام بجميع مذاهبه، سنة و شيعة بر‌ئ من التطرف و الارهاب برائة الذئب من دم يوسف، لکن لايمکن أبدا نسيان و تجاهل الحقيقة الاکبر وهي إن النظام القائم في إيران منذ 40 عاما، هو بٶرة و مرکز التطرف و الارهاب في المنطقة و العالم خصوصا بعد أن إتضح علاقته بتنظيم القاعدة و بتفجيرات 11 أيلول الى جانب ماقد نشرت من معلومات دقيقة عن دوره في تقوية تنظيم داعش و التنسيق و التعاون معه بطريقة أو أخرى من أجل تحقيق أهداف و غايات تخدم الطرفين، لکن العامري الذي هو بالاساس أحد أعضاء فيلق القدس و يتقاضى راتبا من الحرس الثوري بحسب الوثائق الدامغة التي نشرتها المقاومة الايرانية، يسعى ووفق معزوفة تم إختيار نوتاتها من قبل ملحنين في أقبية و دهاليز طهران، لإدافة الکذب ببعضه على أمل التوصل لثمة حقيقة عرجاء يتم من خلالها خداع العالم، لکن نسى العامري ومن لف لفه بأن الکذب لاينتج إلا الکذب نفسه!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here