من ملفات الشرطة : طيور السوء

تشهد محاكم الأحوال الشخصية كل يوم غرائب وعجائب من مشاكل الأسرة الموجودة في مجتمعنا، هذه المشاكل تبرز مظاهر أخلاقية متردية بعيدة كل البعد عن القيم والعادات والتقاليد التي ورثناها وتربينها عليها، من هذا نجد السوي وغير السوي وبها الخير والشر وان كان طابع الشر هو السائد في هذه القضايا، هذه قصة من واقع المجتمع، صراع بين رجل يتهم زوجته بالخيانة، والزوجة تتهم زوجها بانّه غير قادر على ايجاد علاقة زوجية مبنية على الود والاحترام وتتهمه بالضعف وفقدان الضمير والوجدان، وقفت الزوجة بعد ان تنهدت وقالت للقاضي: قصتي مع زوجي قصة طويلة تحتاج لأيام وأيام ولكنني سأختصر ما أمكن، عرفته منذ ان فتحت عيني على الحياة لأن أهله جيراننا وهو متزوج، وزوجته الأولى تسكن في البيت نفسه مع أهله وتربط أمي بأبيه صلة قربى فضلا عن الجيرة، وأنا صديقة لزوجته لأنها في مثل سني تقريباً، وكنت أزورهم يومياً، أساعد زوجته في أعمال البيت بعد ان أفرغ من عملي في بيتنا كنت فتاة باكراً ولم أهتم أو أفكر فيه، لأنه متزوج وله أولاد ومجيئي الى بيتهم بسبب حبي لزوجته، أثناء ترددي الى بيتهم أخذ يثير اهتمامي به. فقد كان يلاطفني ويسمعني كلمات المديح والثناء أثناء انشغال زوجته، وأية فتاة تحب ان تسمع من رجل.. أي رجل كلمات الثناء والمديح!.. وأخذ بعد ايام يتمادى معي أكثر فأكثر.. حاولت أن اثنيه وذكرته انه متزوج وله أولاد، وقد زعلت معه أكثر من مرة على ان لا أعود الى بيتهم، وفي كل مرة كانت زوجته تأتي مستفسرة عن سبب انقطاعي عنها.. لم أستطع مصارحتها بتصرفات زوجها معي.. وأعود لزيارتها من جديد.. وأخذ يتمادى معي أكثر فأكثر فكان يقبلني في لحظات خروج زوجته لحاجة ما.. وفي ليلة من الليالي، وقد أخذت أشعر بحبه لي أو بحبي له، دخل بيتنا وللصدفة كنت وحدي في البيت فهمس في اذني وهو يبتسم.. زوجتي تريدك في أمر مهم، اسرعي اليها، فقلت لا يوجد أحد في البيت، سأنتظر أمي وأخبرها وآتي اليكم، قال لا تخبري أحداً ستعودين بسرعة، فلن تمكثي طويلاً.
وسار الى جانبي وفتح الباب وأدخلني امامه، وما ان دخلت حتى اغلق الباب فقلت (أشو ماكو أحد داخل البيت)، ليس من العادة السكون في هذا البيت، ضحك وقال، الجو خال يا حلوتي تفضلي بالجلوس، فقلت له، وماذا تريد مني؟ فقال أريدك أنت!.. لقد أتيت بك لتسهري معي هذه الليلة لأن زوجتي ذهبت الى بيت أهلها وسوف تعود غداً مساءً!.. فقلت له أفتح الباب والا صرخت وجمعت عليك أهلي والجيران جميعاً، لكنه أمسك بي وعصرني واستسلمت له وحصل ما حصل، أفقت على صوته وهو يقول لي.. انهضي أوصلك الى بيت أهلك، فضربته على وجهه وقلت له، ماذا ستقول لأهلي الان؟.. فقال لا شيء وأنت لا تتفوهي بكلمة أمامهم حتى أتدبر الأمر وأخطبك من اهلك وأتزوجك.. وأخذ يمرر يده على شعري.. فقلت له أعلم ان الثمن هو روحك ان لم تنفذ ما قلت.. وفي اليوم التالي سألته عما ينوي، فقال نبقى على ما نحن عليه حتى نتدبر الأمر.. فقلت لو ظهر انني حامل فماذا ستفعل؟ فقال لكل حادث حديث، وحصل ماهو متوقع فأخبرته بذلك.. فعاود قوله، تمهلي حتى أتدبر الأمر، وأخيراً ظهر الحمل وليس بالامكان كتمانه فسألته ما العمل.. وقال بكل خسة ونذالة.. أنا رجل متزوج، اذهبي وارمي بنفسك على غيري، صاعقة نزلت بي عندما أخبرت أمي بحملي منه، فأخذت تضرب على وجهها وأخبرت أبي.. الذي أخبر اخوانه وأفراداً من عشيرتنا، وأتوا الى أهله لحل المشكلة والا سيهدر دمه، وافق على عقد قراني عليه وتزوجته بعد ذلك بعقد شرعي وولدت له هذا الولد ويريد الآن ان يطلقني، ويرميني في وجه أهلي، فمن يقبل بي زوجة بعد الذي حصل لي وأهلي بسببه، وحتى أهلي رفضوا استقبالي بعد ان تصالحوا معه على فعلته الشنيعة بي، اشكوه الى الله الواحد الأحد فهو يبصر ويعرف الحقيقة، وبعد ان انتهت الزوجة من كلامها، التفت القاضي الى الزوج وقال له، ما قولك في ما قالت، ولمن تتركها وقد فعلت بها ما فعلت وقد أنجبت لك طفلاً وهو أكبر دليل؟
فقال الزوج، كما سمعتم منها، يجب ان تسمع مني أيها القاضي، نعم كانت ترتبط مع زوجتي بصداقة ولا أنكر انني فعلت ما قالت ولكني واحد من كثيرين من زبائنها وأولهم قبلي رجل كانت لها علاقة غرامية معه، رفضها بعد ان التجأت اليه..! لكنني كنت الضحية وأنا دفعت الثمن عن الجميع فبيتهم مشبوه هي وأمها وأخواتها، فلها اختان تزوجتا بذات الطريقة، البيت كله موبوء، اسألوا حتى الأطفال في الحي عن سمعة بيتها وأهلها، وانظروا الى الشخص الذي يقف خارج هذه الباب، هو ضحية مثلي تزوج بأختها الصغرى وهو متزوج مثلي، لأن امها تبحث عن ضحايا مثلي ومثل ذلك الرجل، فلو كانت شريفة وعفيفة، وأنا الوحيد الذي أتيتها لأبقيت عليها كزوجة، لكنها حتى في البيت الذي استأجرته لها والتي اختارته هي بالذات كي تمارس فيه ما يحلو ممارسته لها مع طالبي اللذة والحرام، أنا يا سيدي مستعد لأن أعطيها مهرها المتأخر كاملاً ونفقة الطفل لتذهب فأنا أريد ان أتخلص منها..
بعد ان توقف الزوج عن الكلام علق على كلامه القاضي قائلاً: مادمت تقول وتعلم ان البيت كله سيء السمعة فلماذا أقدمت على ما أقدمت عليه؟ وأنت رجل متزوج ولك أولاد، لو لم تكن رديء النفس حيوان الشهوة، سيء السمعة كما اتهمتها لما أقدمت على فعلتك التي اعترفت بها، لقد فعلت فعلتك في غياب الضمير وفي غياب الوجدان الديني الذي يعصم صاحبه من الزلل والوقوع في الخطيئة، لست أول من تزوج بامرأتين فأبق عليها واستغفر لذنبك وعد الى دينك واستق منه أخلاقك وستساعدك هي على نوائب الدهر، ما دمت قد أصبحت قدرها وما أمر الطلاق بالسهل وقد أصبح لك منها طفل، فرد عليه الزوج قائلاً.. يا سيادة القاضي، لا أريدها زوجة لسببين، الاول انني لا أثق باخلاصها واستقامتها اذا أبقيت عليها والثاني لا قدرة لي على الانفاق وفتح بيتين لزوجتين وطلاقها أهون علي!.. وفي نهاية الجلسة حكم القاضي بالتفريق لاستحالة الصلح والعيش بين الطرفين وإصرار الزوج على ذلك.

د. معتز محيي عبد الحميد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here