ألسلام و ألأستقرار و أيران

ألسلام و ألأستقرار و أيران
ها قد مرت ما يقارب الأربع من العقود على الثورة الشعبية ألأيرانية التي اطاحت بنظام الشاه و اقامت الدولة ألأسلامية على انقاض ذلك النظام و قد رحبت شعوب المنطقة بتلك الثورة و اعتبرتها نصرآ مؤزرآ لكل الشعوب المضطهدة و المقهورة و قد كان ذلك الخليط المتنوع و غير المتجانس من الثوار ألأيرانيين و ان كان ألأسلاميون هم العماد في الثورة الا ان دور القوى اليسارية كان بارزآ ايضآ و كذلك المنظمات من مختلف ألأتجاهات الفكرية ألأخرى كانت كلها متراصة و متوحدة في هدف اسقاط نظام الشاه ألأيراني ما اثار اعجاب و تقدير العالم لتلك الثورة التي جمعت كل المختلفين و المتناقضين في جبهة واحدة قوية البنيان صلبة ألأرادة .
لم يدم هذا ألأمر من الوحدة و التفاهم طويلآ اذ سرعان ما بدأت الثورة تأكل ابنائها عندما انقلب الأسلاميون على حلفاء ألأمس من باقي الفصائل الثورية المشاركة معهم من الحركات اليسارية و تم البطش و الفتك بهم في حملة دموية شرسة من ألأعتقالات و ألأعدامات و بعد ان خلت الساحة و فرغ الميدان من اليساريين و خطرهم استدار ( جناح الخميني ) نحو الحركات ألأسلامية التي تخالف توجهاته و تعارضها و ان كانت ليست بتلك ألأختلافات الجذرية العميقة الا ان مجرد وجود المعارضة كان يشكل تهديدآ للنظام الجديد وفق الرؤية و النظرة التي لا تطيق وجود المعارضة و المعارضين و ان كان بالحد ألأدنى و كذلك هو الحال تمت تصفية الحركات ألأسلامية و بشكل دموي عنيف و غير مسبوق في الوحشية و كانت منظمة ( مجاهدي خلق ) ألأيرانية ابرز ضحايا ذلك الهجوم القمعي الشنيع .
عندما استتب الوضع داخليآ للنظام ألأيراني و قد خلت له الساحة من المعارضة الداخلية ان بدأت الحكومة ذات التوجهة ألأسلامي وفق ما يؤمن به قائد الثورة حينها ( ألأمام الخميني ) من تبني مبدأ تصدير الثورة الى الخارج عندها بدأت ايران في تصدير ألأزمات و المشاكل و ليس الثورة التي يحتاج اندلاعها و نشوبها الى عدة عوامل متكاملة ليس ( التصدير ) من ضمنها فكان ان التهبت الحدود مع العراق في حرب ضروس همجية لم تنفع الوساطات و المناشدات في ايقافها و تقصير امدها و الحد من توسعها الى ان وهن الطرفان و انهكت قواهما بعد تلك الضحايا الكثر و الخسائر الجسام عندها ايقنا انهما في حرب لا رابح فيها و الجميع فيها خاسر عندها هدأ دوي المدافع و توقف هدير الحرب .
بعد ان يأس الحكم في أيران من تصدير ثورته الى العراق الجار ألأقرب حاول العبور الى الضفة ألأخرى من الخليج معتمدآ على ابناء الطائفة الشيعية من المواطنيين في تلك الدول و مستغلآ تلك الشعارات الطائفية في دق أسفين بين اولئك المواطنيين من المذهب الشيعي و اشقائهم و الحكام في تلك البلدان ممن يختلفون في المذهب فكانت ألأضطرابات تتفاقم و تتصاعد حيث كانت اصابع ألأتهام توجه الى المواطنيين الخليجيين الشيعة و كأنهم جالية ايرانية تقطن في تلك البلدان و تستمد اوامرها من الحكومة ألأيرانية و كان النظر اليهم بأعتبارهم ( الطابور الخامس ) للمخابرات ألأيرانية و هم لم يكونوا كذلك ابدآ لولا تصرفات النظام ألأيراني الأنانية و الميكافيلية و التي تضحي بكل القيم و المقدسات من اجل الهدف و الغاية التي تصبو في الوصول اليها .
هناك في بلاد الشام ايضآ كانت ألأذرع ألأيرانية تتمدد و تتغلغل من خلال ( حزب الله ) في لبنان حيث يد ايران الضاربة هناك و كان عدم ألأستقرار و ألأرباك في الساحة السياسية اللبنانية انما تتحمل ايران الجزء ألأكبر من عدم الأستقرار ذلك من خلال المواجهات العسكرية المتعمدة مع ( أسرائيل ) و التي تحدث كلما كانت الحكومة ألأيرانية في ازمة خانقة و تريد الخروج منها فتكون تلك المواجهات مع اسرائيل ( اعلامية على ألأغلب اكثر منها عملية ) و التي يدفع ثمنها ( لبنان ) و شعبه من توقف للسياحة المصدر الرئيسي للدخل ما يؤدي الى تردي ألأقتصاد و تضرره الكبير الذي يعني افقار البلاد و المواطنيين كذلك كان التدخل ألأيراني في سوريا و الزج بالقوات العسكرية الى جانب الحكومة السورية في صراعها المسلح مع الفصائل المعارضة للنظام السوري و التي كان لها الدور الكبير في منع و ايقاف انهيار النظام السوري المتداعي .
اما اليمن الذي يفتك به الفقر و تنال منه المجاعة و تنخر فيه ألأوبئة كان هو الآخر يدفع فاتورة الخلاف السعودي مع ايران و كان ( الحوثيون ) الذين اصبحوا رأس الحربة و بندقية ايران في اليمن توجهها حيث ما شاءت اي الى الحكومة اليمنية و منها الى الحكومة السعودية المساندة لها و ذلك ليس حبآ باليمنيين انما بغية التخفيف من الدعم السعودي السخي للمعارضة السورية و اصبحت الحرب ألأهلية في اليمن ورقة ضغط و مساومة بيد الحكومة ألأيرانية ترفعها و تناور بها عند الحاجة و اصبح الشعبين السوري و اليمني المبتلين بالمآسي و الحروب و النكبات ورقة مساومات و رهان بيد الحكومة ألأيرانية و شقيقتها السعودية .
كان الخلط المتعمد بين السياسة و الدين و ألأستخدام ألأنتهازي السيئ للمذهب هو ديدن السياسة ألأيرانية و سلاحها ألأمضى في النيل من ألأعداء و القتال بالآخرين و تصدير ألأزمات الداخلية الى الخارج بالأستخدام المشين للطائفة الشيعية المنتشرة في العديد من الدول في خدمة المصالح السياسية الضيقة للحكومة ألأيرانية من خلال ايهام ابناء تلك الطائفة ان سياسات الحكومة ألأيرانية هي اساسآ في الدفاع عنهم و درء المخاطر التي تحيق بهم و هذا من الدجل و الكذب الذي دأب عليه الحكم في أيران و نهجه المستمر منذ الثورة الجماهيرية التي قادها ( الخميني ) و لحد الآن ما زالت هذه الدولة ( أيران ) عامل توتر وعدم استقرار و مصدر للقلاقل و المشاكل المصدرة الى الخارج و التي يبدو ان لا نهاية منظورة لها مادام النظام ألأيراني قادرآ على التهديد بالسلاح النووي الذي يملكه او يكاد و بالطائفة الشيعية التي يستحوذ عليها او يكاد اما الحل هو في قلع انياب أيران النووية و مخالبها الطائفية تلك ألأسلحة ألأشد فتكآ و تدميرآ عندها فقط سوف تأمن شعوب المنطقة من شر الخطر القادم من الشرق .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here