دور الترجمة في تعليم اللغات الأجنبية

ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد (لغة أنكليزية وترجمة) – كلية شط العرب الجامعة – البصرة [email protected]
بقلم: بول كي Paul Kaye
تبؤات الترجمة مكانة بارزة في مجال تعليم اللغة الأنكليزية لفترة زمنية طويلة ومن ثم تم تجاهلها لفترة طويلة أيضا. ومع ظهور طرق التعليم التواصلية communicative methodologies وبسط هيمنتها أصبحت الترجمة جزءا من الماضي مثلها مثل نشاطات (تقليدية) أخرى مثل الأملاء والقراءة بصوت عال والتدريبات. غير أن الترجمة وغيرها من النشاطات التي تم تجاهلها أصبحت من جديد مصدر جذب للكثير من النشاطات الصفية التواصلية والعوامل المساعدة للتعليم رغم تغير طرق أستخدامها. ويذهب دف Duff (1989) الى أن كلا من المدرسين والطلبة يلجأون الى الترجمة في عملية التعلم وليس تعلم الترجمة. وعادة ماتمتد النشاطات الترجمية الحديثة من اللغة الأم L1 الى اللغة الثانية (الأجنبية) L2 رغم ملاحظة التحرك بأتجاه معاكس في الدروس ذات الأهداف الأكثر تحديدا ولها أهداف تواصلية واضحة وعمق معرفي حقيقي وتتميز بمستويات تحفيزية عالية ويمكنها تحقيق نتائج تواصلية مؤثرة.
تاريخ أستخدام الترجمة في تدريس اللغة الأنكليزية
شكلت الترجمة ركيزة هامة في تعليم اللغات لفترة طويلة جدا وبعد ذلك تم الأستغناء عنها بعد ظهور طرق تدريس جديدة ، وكانت الترجمة تمثل عنصرا جوهريا أثناء أستخدام (طريقة النحو والترجمة) في التعليم Grammar Translation Method التي تم أستحداثها من الطريقة الكلاسيكية المتواترة المستخدمة في تدريس اللغتين اليونانية واللاتينية. غير أن مثل هذه الطريقة لم تشكل تجربة تعليمية أيجابية للكثيرين حيث كان يتعين على المتعلمين حفظ الكثير من القواعد النحوية وقوائم المفردات اللغوية فضلا عن تكليفهم بترجمة نصوص تاريخية وأدبية كاملة حرفيا. وجاءت الطريقة المباشرة أو الطبيعية Direct or Natural Method التي ظهرت في كل من ألمانيا وفرنسا في عام 1900 وجاءت ردة فعل للمشاكل الواضحة التي أرتبطت بطريقة النحو والترجمة في التعليم. وبموجب الطريقة المباشرة فأن كلا من المدرس والمتعلمين يتحاشون أستخدام اللغة الأم ويتجهون بدل ذلك الى أستخدام اللغة الهدف. وسارت الطريقة السمعية – الكلامية audio – lingual على خطى الطريقة المباشرة فسعت لتعليم اللغة بشكل مباشر دون اللجوء الى اللغة الأم في أيضاح أية مفردات جديدة. ونأت طرق تدريس (أنسانية) لاحقة مثل الطريقة الصامتة Silent Way ومداخل التجاوب الطبيعي التامة والتواصلية بنفسها عن اللغة الأم. ومن هذه الطرق برزت الى الوجود الكثير من الأعتراضات على الترجمة.
الأعتراضات على أستخدام الترجمة
هناك عدد من المشاكل المتوقعة الناجمة عن أستخدام الترجمة من خلال تسليط الضوء على التأثير السلبي المحتمل على المتعلمين ومن ثم على المدرسين.
المتعلمون
تدور الترجمة حول اللغة لكنها لاتتعلق بكيفية أستخدام اللغة وبذا فهي لاتساعد المتعلمين على تطوير مهاراتهم التواصلية.
الترجمة تشجع المتعلمين على أستخدام اللغة الأم كثيرا أثناء التدريسات في الوقت الذي يهدف التعليم الحديث الى أستبعاد اللغة الأم في تدريس اللغات الأجنبية.
المهارات المستخدمة في الترجمة ربما لاتكون مناسبة لسائر أنواع المتعلمين لكنها ربما تكون الصيغة الأفضل على سبيل المثال للمتعلمين الذين يمتلكون عقليات تحليلية أو يفضلون أستراتيجيات التعليم اللفظي – اللغوي. أما بالنسبة للمتعلمين الشباب أو المستويات المبتدئة فربما لن تكون مناسبة.
ربما لن يجد المتعلمون قيمة في الترجمة بأعتبارها نشاطا يساعدهم على تعلم اللغة الأنكليزية وينظرون اليها بأعتبارها نشاطا أختصاصيا صعبا.
الترجمة مهارة صعبة لابد من أتقانها لتكون ذات جدوى وفاعلية. ويتعين على المتعلمين والمدرسين معا مراعاة ليس المعنى المنقول فحسب أنما عددا من القضايا الأخرى مثل الشكل والأسلوب والمصطلح. أن الكثير من النشاطات الترجمية تعتمد على ذلك بهدف الوصول الى صيغة ممكنة أفضل رغم أن الأمر ليس ميسورا.
المدرسون
تتطلب النشاطات الترجمية براعة وحذرا في أعدادها لكونها تحتاج الى فترة طويلة خصوصا مايتصل بالمشاكل المحتملة المتوقعة.
تحتاج الترجمة الى صف دراسي مولع بالترجمة ذاتها.
لابد أن يمتلك مدرس الترجمة معرفة واسعة باللغة الأم وتراثها لأن الترجمة يمكن أن تكون مثار العديد من المشاكل بدلا من المنافع. ويصبح مثل هذا الأدراك أمرا يكاد يكون مستحيلا في ظل صف دراسي يتسم بالتعددية اللغوية.
تأسيسا على ذلك أذا عمد المدرس الى أستخدام اللغة الأم في تدريس الترجمة فأن مثل هذا التوجه يؤدي الى أضعاف السعي للتحدث باللغة الأنكليزية داخل القاعة الدراسية. ثم أن المتعلمين من جانبهم سوف يرون في ذلك أحدى موارد اللغة الأم.
الترجمة بطبيعتها مقيدة بالنص وهي محددة بمهارتي القراءة والكتابة ، وهذا أمر يصعب تبريره للكثير من الصفوف الدراسية التي تعاني من القيود في مايتعلق بالوقت.
لأن الترجمة مهارة صعبة تستغرق وقتا طويلا فأن المدرس لابد أن يكون مقتدرا حتى يستطيع التعاطي مع هذا النشاط بفاعلية.
الفوائد
بدأ الكثير من مدرسي اللغة الأنكليزية والمنظرين ينظرون الى قيمة الترجمة وأهميتها بصفتها نشاطا لغويا يحصل داخل الصف التواصلي رغم ندرة الكتب المنهجية التي تقدم أفكارا ومواد في هذا السياق. في أدناه نتطرق الى بعض الوسائل التي يمكن للترجمة من خلالها أن تكون ذات تأثير أيجابي:
يمكن من خلال النشاطات الترجمية قيام المتعلمين بممارسة المهارات اللغوية الأربعة على أن يتم أعداد تلك النشاطات بشكل متقن. وفي أطار الكفاية التواصلية communicative competence فأن مثل تلك النشاطات تتطلب الدقة والوضوح والمرونة.
في ضوء ذلك تعتبر الترجمة بطبيعتها نشاطا تواصليا الى حد كبير مع وجوب أن يكون المحتوى ذاصلة وأن نعمد الى أستثمار كل أحتمالات التواصل أثناء تنفيذ النشاط.
ممارسة الترجمة في مجموعات يمكن أن يشجع المتعلمين على مناقشة المعنى والأستخدام اللغوي بمستويات متقدة لكونهم يعملون من خلال عملية فهم المترادفات ومن ثم البحث عنها في لغة أخرى.
تمثل الترجمة نشاطا حقيقيا وطبيعيا وضروريا على نحو متزايد في البيئة العالمية التي نشهدها في أيامنا هذه ، فالكثير من المتعلمين الذين يعيشون في بلدانهم أو الذين هاجروا الى بلدان جديدة يحتاجون الى ممارسة الترجمة يوميا على نحو رسمي أو غير رسمي. ويغدو الأمر أكثر أهمية مع تزايد أهمية المعلومات الألكترونية.
تمثل الترجمة أستراتيجية يستخدمها المتعلمون في الغالب سواء عمدنا الى تشجيعها أو عملنا خلاف ذلك. فأذا قبلنا ذلك فأن علينا أن ندعم المتعلمين على تطوير هذه المهارة بالشكل الصحيح ، على سبيل المثال من خلال مناقشة دورها.
يمكن أن تشكل الترجمة دعامة لعملية الكتابة خاصة في المستويات الأولية حيث أظهرت البحوث أن بمقدور المتعلمين أن يحصلوا على المزيد من المعلومات من خلال لغتهم الأم التي يقومون بترجمتها لاحقا.
تساعد مناقشة الأختلافات والتشابهات أثناء عملية الترجمة المتعلمين على فهم التفاعل بين اللغتين وكذلك المشاكل التي تتسبب بها لغتهم الأم. كما أنها تساعد المتعلمين على تقصي نواحي القوة والضعف باللغتين المترجم منها والمترجم أليها ومنها على سبيل المثال مقارنة اللغة الأصطلاحية وخاصة الأستعارات.
بمقدور المدرسين أن يركزوا النشاطات الترجمية على أهداف تعليمية محددة الى حد كبير مثل التدرب على أستخدام المفردات اللغوية والجوانب النحوية والأساليب وما الى ذلك. ويمكن في هذا الشأن الأستفادة من أدوات أخرى مثل البريد الألكتروني والمواقع الألكترونية التي في متناول الصف الدراسي.
وأخيرا فأن تطوير المهارات في الترجمة من جانب الكثير من المتعلمين يمثل جانبا طبيعيا ومنطقيا في الوصول الى مستويات عالية وهذا أمر جذاب ومثير للأهتمام.
المداخل ذات الصلة بالصف الدراسي
تعتبر الترجمة من المهارات الصعبة من حيث الممارسة التي ربما تفضي الى نتائج سلبية يمكن أن تفسح المجال للأعتراضات التي ذكرت آنفا. وهناك الكثير من الجوانب التي يمكن من خلالها تصميم مثل هذه النشاطات وتنفيذها.
من الضروري أولا حسن التنظيم والتخطيط المتقن وتحديد الأهداف الحقيقية. تأكد من أن المواد التعليمية المستخدمة تتماشى مع الأهداف وينبغي أن لاتطرح المواد الدراسية لأنها تروق أليك فحسب وأعمل على تداخل الترجمة مع المهارات الأخرى حيث أمكن ذلك. تأكد أيضا من وجود قواميس ومصادر لغوية أخرى. تجدر الأشارة الى ضرورة معرفة المشاكل ذات الصلة بالمداخل التقليدية حيال الترجمة والعمل على أيجاد الحلول المناسبة لذلك ومنها على سبيل المثال التيقن من أن تلك النشاطات تتصف بقصرها وليس سهولتها والعمل ضمن مجموعات والمحافظة على عنصر التواصل.
لقد ذكرنا سابقا أن تجاوب المتعلمين مع مثل هذه النشاطات أمر أساسي لذا فأن من المفيد أن تعمد الى أيضاح أهدافك ومناقشة أية هواجس تراود المتعلمين سيما وأن هناك العديد من النشاطات التي يمكن أن يطرحها المتعلمون أنفسهم والتي يمكن أن تترك أثرا ايجابيا على الحافز وديناميكية العمل. وعليك أن تتحاشى النشاطات التي تدفع الطلبة الى أستخدام لغتهم الأم كثيرا. وفكر أيضا بشأن الأحتمالات والجوانب السلبية الناجمة عن مثل هذا التوجه في أطار مجموعة متعددة اللغات multi-lingual سيما وأن مناقشة مصطلحات اللغة الأم ومقارنتها ربما يكون أمرا مثمرا.
ضع في بالك فوائد الترجمة المختلفة وخاصة الترجمة من اللغة الأجنبية الى اللغة الأم أو بالعكس وكذلك مدى مشاركة الصف الدراسي. وأذا كنت من نوع المدرسين الذين يسعون بكل قوة لدفع المتعلمين لأستخدام اللغة الأجنبية داخل قاعة الدرس فأن أستخدام الترجمة عندئذ لن يكون الخيار الأفضل. وأذا لاحظت وجود طلبة يهتمون كثيرا بالترجمة فعليك أن تشجعهم على التعمق بدراسة الترجمة كونها عملية مدهشة ومعقدة وتستحق الأهتمام.
بعض الأفكار الخاصة بالنشاطات الصفية
يقسم الطلبة الى مجموعات تقوم كل واحدة منها بترجمة جزء من نص معين وبعد فترة زمنية محدودة تجتمع هذه المجاميع وتتحاور بهدف ربط الأجزاء المختلفة لتكوين نص كامل من خلال أستخدام لغة ربط مناسبة.
يقوم الدارسون بجلب أمثلة من لغتهم الأم أو من اللغة الأجنبية بهدف مناقشتها ومن ثم ترجمتها. وربما تستخدم الرسائل الألكترونية لأنجاز مثل هذا النشاط.
يقوم الدارسون بجلب نصوص قصيرة أو أمثلة أو قصائد شعرية وعرضها على الطلبة الآخرين وبيان سبب أختيارها لتتم ترجمتها بعدئذ.
المقارنات
ينقسم الدارسون الى مجاميع تتناول نصوصا قصيرة تجتمع فيما بعد لمقارنة ترجماتها قبل التوصل الى نص نهائي. ويمكن بعدئذ مقارنة هذا النص المنجز مع نسخة مترجمة لذلك النص.
يقوم بعض الدارسين بالترجمة ويقوم آخرون بعملية الترجمة المعكوسة back translation وبعدها يقومون بمقارنة الترجمات ومناقشة أسباب الأختلافات.
يقوم الدارسون بدراسة ترجمات رديئة ومناقشة أسباب الأخطاء. ويمكن الحصول على النصوص من خلال البرامجيات والمواقع الألكترونية.
أطلب من الدارسين أيجاد نصوص مختلفة بهدف المقارنة والترجمة ومنها على سبيل المثال الوصفات الخاصة بأعداد الأطعمة والرسائل الألكترونية أو الشعارات أو النصوص التقنية وغيرها.

المشاريع
يكلف الدارسون بترجمة نص مكتوب لمشهد من فلم ما وبعدها يقومون بوضع ترجمتهم الى اللغة الأم على شريط الفلم.
يقوم الدارسون بتطوير صفحة خاصة بهم على الأنترنت ويعرضوا فيها ترجماتهم.
يشارك الدارسون بمنتديات على الأنترنت.
يجري المتعلمون عملية بحث عن مواضيع ترجمية محدودة ومن ثم يقومون بعرض أفكارهم على الآخرين لمناقشتها.
يقوم المتعلمون بتقييم بعض البرامجيات ذات الصلة بالترجمة وكذلك المواضيع الموجودة في المواقع الألكترونية ومن ثم عرض النتائج على المجموعة التي ينتمون أليها.
خلاصة
مايزال موضوع الترجمة بصفتها جزءا من منهج الصف الدراسي الخاص بتدريس اللغة الأنكليزية ELT التواصلي مثار جدل تثار من حوله الكثير من الآراء القوية.

https://www.teachingenglish.org.uk/article/translation-activities-language-classroom

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here