*جبان* تهمة جاهزة قد تلصق باي عسكري يُراد تصفيته اثناء وبعد المعركة:

قبل يومين او ثلاثة, نُشر على الانترنت تذكيرٌ بظروف إعدام الجندي البريطاني Harry Farr رميا بالرصاص بتهمة *الجبنCowardice* وذلك في 16 ايلول 1916 ابان الحرب العالمية الاولى. وما جعل الخبر مُلفتا ان هذا الجندي الذي اتهم بالجبن, رفض ان تُعصبَ عيناه قبل اطلاق الرصاص عليه وفي هذا اظهر هذا الجندي شجاعة فريدة نَفَتْ, بحد ذاتها عنه تهمة الجبن. الشجاعة ان تواجه, برباطة جأشٍ عملا خطِرا او مميتا, مع علمك مُسبقا بذلك. هذا يُذكرني وينبغي ان يُذكرك, انت ايها القاريء الكريم, بالزعيم الخالد عبد الكريم قاسم الذي رفض ان تُعصَبَ عيناه وهو يواجه, وجها لوجه رصاصَ الخونة ينهمر عليه. ومع ان الشجاعة ليست من شروط القبول في كليات الحرب فان صولت الزعيم تلك, لم تكن الا نموذجا لما عُهد عنه في سوح القتال شمال العراق وفي فلسطي كما جاء في كتاب المرحوم اللواء خليل ابراهيم الراوي *ثورة الشواف*. كان اعدام الجندي *هاري فار* بسبب مراجعتة المستشفى او الرقود فيها اكثر من مرة عند اشتداد المعارك وتحاشيا لها, اي تمارضا. مثل هذا السلوك وكذا الهروب او التخاذل في مواجهة العدو كانت والى بُعيد الحرب العالمية الثانية, تدخل ضمن خانة *الإجبان*وعقوبها الاعدام رميا بالرصاص تنفذه ما كانت تسمى *حضائر(او زمر) النارFiring squads* او زمر الموت, مباشرة بأمر قائد التشكيل اوبعد محاكمة ميدانية سريعة. كان عدد من حكم بالاعدام وفق ما ذكرت في الحرب العالمية الاولى 3000 فرد نفذ الحكم في 300 فقط ولم ينفذ مثل هذا الحكم في الحرب العالمية الثانية الا بما لايزيد على عدد الأصابع. لم يُفطنْ الى العلة وراء خوار او هروب العسكريين او اسباب شكاواهم المرضية او لوذهم بالمؤسسات الصحية, قبل الحرب العالمية الاولى. عندها اجريت مشاهدات ميدانية ودراسات طبية عن هذه الظاهرة التي نُسبت آنذاك الى وهن في القلب او جهاز الاعصاب او نحول في المنضومة العصبية الدورانية وظهرت اسماء لهذه العلة منها neurocirculatory asthenia, Soldiers heart, Effort syndrome, Cardiac neurosis and Da Costa syndrome ….الخ. اذكر اني في محاضرتي عن الموضوع, قلت لطلبة كلية الطب في الثمانينات, كما قد يذكر بعظهم, ان كثرة اسماء نفس الشيء, يشير الى ان حقيقته غير واضحة, تماما كما نقول: القائد, الرَمز, المنُقذ, الاب…. الخ من الاسماء. كانت تلك اكثر المرَّات التي تخطيتُ فيها الخطوط الحمراء ولكن الله سَلّم. زمرالنار كانت فاعلة ابان الحرب الايرانية العراقية والى مثلها اشار صدام اثناء محاكمته في تدليل على مدى ثقته بالاكراد عندما قال :*عندما ارسل (ارسلت) الجيش الى (احتلال) الكويت, امرت ان يشكل لواءٌ كُلهُ اكراد ومن خارخ الجيش, ليقف خلف الجيش (الحرس الجمهوري) ليحمي ظهره. تسائلت حين ذاك ولابد تسأئل غيري : يحمي ظهرة مِمَن وعلى ظهره اهله, شعب العراق؟ ,ثم اذا كان احتلال الكويت عملا وحدويا كما صُوِرَ, لماذا يكون الاكراد الأحرص على الوحدة العربية؟ كلا .لم يكن ذالك اللواء الا حضائر نار, وان اختيارهم من خارج انما كان ييُبعد اي إحتمال ان يكون للرفقة,رفقة السلاح وهي وشيجة يعرف قوتها من خدم في الجيش طويلا, الايكون لها تاثيرُ يمنعهم من الرمي, لو فكر الضباط في العود ة الى مراكز صُنع القرار ليقولوا له * ما لهذا أعددنا انفسنا يا هذا* أي ليس في عقيدتنا العسكرية غزو قطر شقيق. كانت زمر المووت فاعلة ابان الحرب العراقية الايرانية واعتقد ان الى هذه الزمر ينسب كثيرٌ من الراقدين في المقابر الجماعية. كما افهم (انا) مما ساذكره: * اتصل بي زميل في الثمانينيات والحرب الايرانية العراقية حامية الوطيس, راجيا ان ان ادخل مستشفىً خاص احد مرصاه الذي يعاني من انهيار عصبي بسبب وطأة العمل وظروفه. ولما لم يكن هذا احتصاصي فقد ارشدتهم الى مستشفى خاص, حيث ادخلوه ولا اعلم ما صار اليه امره, بعد ذلك. وحسب ما فهمت منه (المريض) ومن طبيبه انه يعمل في االقصر الجمهوري ويُطلب منه (وإلا)×سرعة إنجاز معاملات المعدومين بتهمة *جبان* وعددهم اكثر من الف واحيانا اكثر بكثير, بعد كل معركة. مع اني اعرف ان لكل انسان وفقا لبناءه الجسدي والنفسي, له مدىً معينٌ من التحمل تتهاوى فدراته بعد ذلك وكما ذكرتْ لي سيدة, أن النساء (ولاشك ان ذلك يمكن سحبه على الرجال) منهن كالشمع اذا تعرضن (لشدة) حرارة الشمس تذوب (تموع) ومنهن كالطين تشتد صلابة أن هي تعرصتى لحرارة الشمس. وهكذا الانسان عموما. في الحرب العالمية الاولى التي عرفت بمجازرها المرعبة لم يصل عد من حكموا بتهمة جبان اكثر من 3000 ومن اعدم منهم لم يزد على 300, فكيف يُعدم بهذه التهمة الاف والاف في هذا الزمان وبعد ان عإرفت الآليات البايولوجية وراء ظاهرة التخاذل والخوف والانهيار العصبي قبل وحال بدء المعارك واثنائها. هناك من المؤشرات اما يدفع المرء الى التساؤل ما اذا كان وراء ذلك تطهيرٌعرقي مُبرمج.
عبدالحميد العباسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here