الديوانية: شاب يبتكر جهازاً للتحكّم بالأجهزة الكهربائية من بعيد

منار الزبيدي

أقدم شاب من محافظة الديوانية على ابتكار جهاز يقوم بتشغيل الأجهزة الكهربائية وإطفائها والتحكم بها عن بعد باستخدام الهواتف الذكية.

كل شخص في العالم يمتلك موهبة عليه ان يكتشفها وينميها لتمتزج مع خياله وذكائه فيصنع فكرة عظيمة اسمها ابتكار”، كان يردد تلك الكلمات وهو منهمكا بعمله في ورشته الصغيرة الواقعة في احد الاحياء الشعبية وسط مدينه الديوانية (180كم) جنوب بغداد.

الشاب قاسم حسين علي الهلالي (40 عاماً) لم تسعفه الظروف لإكمال دراسته الثانوية الا انه تمكن مؤخرا وعلى نفقته الخاصة من ابتكار جهاز كهربائي الكتروني متصل بتطبيق على الهاتف الذكي يمكن من خلاله تشغيل وإطفاء مختلف الأجهزة الكهربائية بما فيها المضخات الزراعية كبيرة الحجم والتحكم بها من أي مكان حول العالم.

يقول الهلالي إن “فتح الاجهزة الالكترونية والكهربائية واستخدام الأدوات الخاصة بتصليحها هوسي منذ الطفولة، وعندما بلغت الخامسة عشرة من عمري جمعت بعض الأدوات الكهربائية والاجهزة القديمة وصنعتها بشكل جديد”.

كان يجوب الأسواق الشعبية في المدينة بحثا عن الأشياء القديمة زهيدة الأسعار ليعود مسرعا الى غرفته الصغيرة ويعكف على صناعة ما يجول في مخيلته من افكار حتى صنع رافعة كهربائية منزلية وصناديق كهربائية وألعاباً الكترونية بسيطة.

ومن هنا بدأت نقطة التحول في حياته لتتحول موهبته لمصدر عيشه فهو يعمل في مجال الكهربائيات والتبريد وكاميرات المراقبة ذات التقنية العالية واستغرق الهلالي ستة أشهر لتصنيع الجهاز ثم خمسة عشر يوما إضافية لفحص التجربة التي تكللت بالنجاح التام.

حول فكرة الجهاز والمواد المستخدمة في تصنيعه يقول الهلالي “فكرة الابتكار كانت تراود مخيلتي وبدأت بجمع المعلومات من المواقع المختصة بعدها وضعت خطة العمل وجمعت المواد اللازمة مثل الشرائح والالواح الالكترونية ومواد اخرى اضفت لها تعديلات وبرامج وخرائط عبر الانترنت ومعظم تلك المواد محلية بسيطة”.

وعن آلية عمل الجهاز وعلاقته بالهواتف الذكية بين أن “الجهاز المصنع مرتبط بالانترنت وهو متصل بالهاتف عن طريق تطبيق مجاني اسمه (ewe Link) متاح للجميع ويمكن تنصيبه على جميع انواع الهواتف بواسطة (google play)”.

وبمجرد إتمام الإجراء يتطلب الأمر وضع رقم هاتف او أميل بعدها يرسل التطبيق رقما سريا للمستخدم ثم تُفتح لائحة بواسطتها تمكننا من اضافة قائمة بأسماء الاجهزة التي نريد التحكم فيها.

وللاستفادة من الابتكار يشترط توفر واستمرار خدمة الانترنت ويمتاز الجهاز المصنع بعدة ميزات اهمها أنه مؤمن بغرفة تحكم سرية لا يمكن اختراقه او تعطيله ويسهم بترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية كما انه يوفر الحماية للأفراد والاجهزة المستخدمة من خطر الحوادث وحرائق التماس الكهربائي ولأنه سهل الاستخدام فهو يختصر الجهد والوقت.

يقول الهلالي إن “الجهاز المبتكر يخدم وبشكل كبير الدوائر الحكومية العاملة في مجال الموارد المائية كونه يقلص عدد الموظفين المكلفين بإدارة المشاريع الإروائية والزراعية بحيث يمكن الاعتماد على موظف واحد بدلا عن سبعة كما انه يخفف العبء عن المزارعين الذين يستخدمون المضخات الزراعية الضخمة”.

جهاز التحكم المبتكر هو ليس آخر ما توصل اليه الهلالي فهو يعمل الآن على تصنيع جهاز يعمل بواسطة شريحة خط الهاتف الذكي للتحكم بفتح وغلق السيارة عن بعد دون الحاجة إلى توفر الانترنت.

وأوشك الشاب المبتكر أيضا على الانتهاء من فكرة مشروع “المنازل الذكية” التي تحمي المنزل من خطر الحريق والسرقة باستخدام اجهزة الكترونية ذكية لا تسمح بفتح منافذ المنزل في حال عدم وجود أصحابه وهي مزودة بمجيب آلي وجهاز إنذار وبرامج لخزن الصوت والصورة والحفظ التلقائي.

ولمعرفة أهمية الجهاز المبتكر بالنسبة للمزارعين التقت مراسلة “نقاش” بالمزارع حسين علي في مزرعته الواقعة في ناحية السنية التابعة لمحافظة الديوانية الذي قال ان “حوادث التماس الكهربائي خلفت الكثير من الضحايا خاصة في موسم الشتاء بسبب الرطوبة العالية ورداءة الاسلاك الكهربائية، وخلال العام الماضي فقدت ابنة اخي بعد تعرضها لصعقة كهربائية شديدة عندما كانت تقوم بتشغيل مضخة الماء”.

ويضيف المزارع أن “معظم المزارعين يستخدمون الهواتف الذكية المزودة بالانترنت وهم متلهفون للحصول على الجهاز المبتكر كونه غير مكلف من ناحية الجهد والمال والتواجد المستمر قرب المضخات ومن خلاله تخلصت من القلق وأصبح بإمكاني الاعتماد على أسرتي بتشغيل المضخات او ان اقوم بذلك وانا مسترخٍ في فراشي”.

مدير منتدى المخترعين العراقيين في الديوانية الخبير رامي حسن الجنابي قال لـ”نقاش” إن الجهاز الذي صنعه الشاب قاسم الهلالي يعتبر ابتكاريا او ابداعيا ولم يسبقه احد إلى فكرة ربط المضخة الزراعية بالانترنت وحتى يعتبر اختراعا وفقا للمقاييس والمعايير الدولية العلمية في مجال الاختراعات لابد ان يقدم بحث عمله إلى الجهاز المركزي للقياس والسيطرة النوعية في وزارة التخطيط.

واكد ان هذه الخطوة ستمكنه من الحصول على براءة اختراع او نموذج صناعي باسمه ويمكنه الانضمام لاحقا الى المنتدى الذي يدعم المخترعين العراقيين في عدة مجالات أهمها توفير البيانات والتنسيق مع وزارات الدولة والقطاع الخاص والتوعية بمجال ثقافة الاختراع وغير ذلك”.

وأشار الجنابي الى وجود ما يقارب (30-40) مخترعا في مجالات الطب والهندسة والزراعة في محافظة الديوانية هم بحاجة للرعاية والاهتمام وتوفير مقر لهم على ابسط تقدير.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here