تقارير دولية تتحدث عن فرص استثمار أجنبية في العراق كامنة وطويلة الأمد

 بغداد/ زهراء الجاسم  ترجمة/ حامد احمد

يسعى العراق لتحقيق طفرة تنموية واستثمارية بعد هزيمة داعش، بحسب تقرير لوزارة الخارجية الاميركية صدر مؤخراً، أكد أيضاً على أن فرص الاستثمار الأجنبية في العراق كامنة وطويلة الأمد “لما يحويه البلد من موارد نفطية هائلة مع حاجته لمشاريع اعادة اعمار ضخمة”، لكنَّ خبيراً في الشأن الاقتصادي يستبعد أن يشهد العراق تقدماً في التنمية الاقتصادية في مرحلة ما بعد داعش ما لم تكن هناك ادارة تنفيذية جديدة لملف الاقتصاد، كما أنّ جميع المنح المالية والدراسات للواقع الاقتصادي العراقي لن تغير شيئاً، مع عدم تحسن بيئة الأعمال.

وكانت تقارير دولية قد تحدثت عن سعي العراق لإيجاد موطئ قدم له في طريق التنمية الاقتصادية والاستثمار بعد هزيمة داعش، حيث يرى بعض مستثمري الأسواق فرصاً كبيرة في العراق، لما يحويه البلد من فرص تشجيعية متاحة لهم، وبتعزيز ميزانية البلد باتفاقية تمويل قدرها 5.4 مليارات دولار، صادق عليها صندوق النقد الدولي العام الماضي ومنح الولايات المتحدة العراق قرضاً بقيمة 1 مليار دولار، فإن بعض المستثمرين يقولون بأن العراق يقف على أرض صلدة من الفرص ليصبح نقطة استقطاب لكبار المستثمرين في العالم رغم استمرار بقاء بعض التحديات فيه.
الخبير الاقتصادي عامر الجواهري يشكّك في حديث لـ(المدى)، في القدرة على تحقيق تقدم في التنمية الاقتصادية للبلد، “مالم نوجد تطوراً وتقدماً في الاستثمار المحلي، بل إن كل هذه الدراسات والتوقعات والمنح لن تجدي نفعاً ولن تغير شيئاً في واقع الاقتصاد العراقي، اذا لم تكن هناك إدارة جديدة تنفيذية للملف الاقتصادي، وأن لا يبقى بيد الحكومة فقط بل يجب أن يكون بيد القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني”، مستطرداً بالقول: إن المستثمر الأجنبي لن يقدم على العمل في العراق، إذا لم يجد أو يرى تطوراً في الاستثمار المحلي، وهذا ما يستدرج الاستثمار، لذلك نحن نحتاج أن نرعى المستثمرين المحليين أولاً، لأن عملهم هو من يبعث رسائل مطمئنة للمستثمر الأجنبي لأنه ينظر ويراقب.
ويشدد الجواهري خلال حديثه على ضرورة تشكيل مجلس اقتصادي موسع يضمّ مؤسسات الحكومة والمجتمع المدني والخاص، وهذا المجلس يتولى وضع السياسة الاقتصادية ويحدد الأولويات، كما يتولى وضع الخطط ومتابعة تنفيذها، من جانب آخر، فإن المجتمع الدولي عندما يعلم أن العراق سيضع استثمارات كبيرة نراه يشجع العراق، لكن الكلام لا يعني شيئاً مالم يكن أهل العراق وإدارته قادراً على ادارة هذا الملف بجدية مرة ثانية. متابعاً: نعم الاستثمار في العراق طويل الأمد وكثير وواسع، لكن بيئة الاستثمار طاردة، خاصة وأن الملفين الأمني والسياسي متوتران حتى الآن، وبيئة الأعمال في العراق متخلفة جداً، وهنا نحتاج أن نسعى بشكل حثيث لتغيير هذا الواقع، لأن المشكلة لدينا الآن في التطبيق، وهنا يجب أن تكون هناك لجنة تنفيذية مرتبطة باللجنة العليا للاستثمار وهي من تتولى تحسين بيئة الأعمال والاستثمار.
مدير صندوق آسيا فرونتاير كابتل للاستثمار في العراق، أحمد الطبقجلي، قال في تصريح لموقع قناة CNBC الاميركية لأخبار الطاقة والاقتصاد “إن الدعم العالمي لعراق موحد والذي يكاد يكون جماعياً، يجب أن يترجم لدعم مالي من اجل مشاريع اعادة الإعمار فيه وتعزيز الوعود التي قطعت في السابق من اجل تعزيز الوضع الاقتصادي في البلد لمنع أي فرصة لنشوء تطرف وتوتر يعصف بالبلاد من جديد، وفي اعقاب الانتصارات العسكرية في العراق، فإن اعادة اعمار بنى تحتية وتعزيز آخر قادم من النفط سيساعد في اعطاء زخم لتعافي الاقتصاد، على الرغم من العوائق المتراكمة في الوقت الراهن.
فيما يؤكد باحث في مركز BMI Research البريطاني لخدمات البحوث والتحليلات المالية والاقتصادية وتقييم الأزمات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا روفائيل اوبرتي، في الوقت الذي تكون فيه الحملة الناجحة ضد داعش قد شكّلت بالتأكيد نقطة ايجابية كبيرة، فنحن لا نعتقد بأن النصر المتحقق في الرقة يشكل تغيراً كبيراً في اللعبة بالنسبة للعراق، مضيفاً: وقد يشير ذلك الانجاز الى حدوث انكماش بالمخاطر الأمنية في المنطقة، ولكن تنظيم داعش سيستمر بتسببه لتهديدات أمنية من خلال هجمات التفجير، ولا يزال العراق يواجه تحديات أمنية عدّة أخرى، مشيراً الى انه رغم ذلك، فإن بوادر الأمر تلوح في الأفق، خصوصاً في القطاع النفطي للبلد، لذلك فإن رجوع اسعار النفط للارتفاع، أمر ايجابي بالنسبة للاقتصاد العراقي، على اعتبار أن حكومة البلاد تعتمد في عوائدها اعتماداً كبيراً على صادرات النفط.
ويتابع: لهذا السبب نرى بأن ذلك يعتبر شيئاً أيجابياً بالنسبة لأيّ مستثمر، ولكن الوضع يتطلب الكثير من اجل رؤية بذرة سنبلة للاستثمار في القطاعات غير النفطية، حيث أن البلد يفتقر لحالة التنوع الاقتصادي كمصدر لعوائده المالية .
واستناداً الى المحلل، فإن خطورة الجانب السياسي داخل العراق كان ولا يزال يشكل اكبر عقبة امام فرص الاستثمار، وحتى اذا استمرت القوات الأمنية العراقية بالعمل على اخراج مسلحي داعش من البلد، فإن تحديات سياسية متعددة لاتزال قائمة .
وفي الوقت الذي يتوقع فيه مركز BMI البريطاني للبحوث الاقتصادية، حدوث تحسن في النمو الاقتصادي خارج قطاع النفط، فإن المؤسسة تتوقع أيضاً بأن هذا التحسن “سيبقى متواضعاً عبر السنوات المقبلة، ولهذا السبب سيقوم بتقييد فرض معينة للمستثمرين “. مؤكدة بأن القطاع الخاص في العراق قد احتل الدرجة الأدنى في قائمة مؤشر معايير الشفافية والفساد .
والباحث اوبرتي يؤكد: أن العراق سيكون منشغلاً أيضاً بالتوترات العرقية والإثنية، كما تجلّى ذلك في اعقاب استفتاء الاستقلال لإقليم كردستان، وهذه المشاكل المصحوبة بعدم الاستقرار الاجتماعي تعني بأننا قد نشهد عودة ظهور سلسلة من اعمال العنف عبر البلاد، مع ذلك فإن وضعية الاستثمار في العراق قد تحسنت قليلاً عبر السنة الماضية وسط ارتفاع اسعار النفط وشريان الحياة المالي الذي أمده صندوق النقد الدولي للبلد. و يعتبر العراق ثاني اكبر منتج للنفط ضمن اعضاء منظمة اوبك، حيث يضخ يومياً ما مقداره 4 ملايين برميل باليوم .
وتؤكد التقارير أنه ومع الانتصار العسكري الكبير الذي تحقق بداية هذا الشهر ضد داعش في معقله الأخير بمدينة الرقة في سوريا، فإن الكثير من مراقبي السوق غير مقتنعين بأن ذلك سيكون مردوده جيداً للعراق أو لأيّ بلد محاصر آخر في الشرق الأوسط .
من جانب آخر، عدلت مؤسسة Fitch Rating الاميركية العالمية للتقييمات تصنيف وضع اقتصاد العراق في شهر آذار الماضي من سلبي الى مستقر، مما مكّن الحكومة من مجاراة أسواق المال العالمية في آب.
مدير معهد التمويل الدولي للشرق الاوسط وشمال افريقيا الخبير الاقتصادي، جاربس اراديان، يقول إنه رغم التوترات السياسية الحاصلة في العراق الآن مع الاقليم، فإن عواقبها السلبية على الاقتصاد ستكون محدودة خصوصاً مع هزيمة داعش في البلاد .
اراديان يضيف قائلاً “دوافع نهاية الحرب مع داعش وهزيمته في البلاد، ستجلب مقداراً هائلاً من الاستثمارات الاجنبية لقطاع الطاقة في العراق، ومن المتوقع أن تستفيد من ذلك كل قطاعات الاقتصاد العراقي بضمنها قطاع الطاقة والتعدين والقطاع المالي .”
وفي السياق ذاته، وافق البنك الدولي، الثلاثاء، على منح مساعدات مالية بقيمة 400 مليون دولار للمساهمة في إعادة إعمار العراق، بعد تحرير العديد من المدن من سيطرة تنظيم داعش.
وقال البنك الدولي في بيان له، إن حزمة المساعدات تهدف إلى “مساندة جهود التعافي وإعادة الإعمار والتأهيل لمرافق البنية التحتية ذات الأولوية من أجل استعادة تقديم الخدمات العامة في المناطق العراقية المحررة حديثاً من قبضة تنظيم داعش، وإن هذه المساعدات تمثل تمويلاً إضافياً لمشروع العملية الطارئة للتنمية في العراق المقدرة بـ350 مليون دولار، الذي تمت الموافقة عليه في تموز 2015 ويجري تنفيذه في سبع مدن في محافظتي ديالى وصلاح الدين.
وتغطي أنشطة المشروع الحالي خمسة قطاعات رئيسة، هي المياه والصرف الصحي والكهرباء والصحة والنقل والخدمات البلدية، كما سيستمر التمويل الإضافي في تلبية الاحتياجات الملحة للمجتمعات المحلية في المناطق المُحررة في مجالات التعليم والزراعة وتقديم الخدمات الحضرية، فيما يهدف التمويل الإضافي كذلك إلى دعم الحكومة العراقية في اجتذاب القطاع الخاص للمشاركة في جهود إعادة الإعمار.
وبالعودة للخبير الاقتصادي عامر الجواهري حيث يقول: إننا حتى نلغي الحديث عن مرحلة داعش، يجب أن نركز على استمرار عملية التنمية في العراق، من جهة أخرى، فإن مبلغ البنك الدولي سواء كان منحة أو قرضاً، فهو تنفيذ لمسألة الإعمار، وهي تتطلب رقماً اكبر مئة مرة من الـ” 400 مليون دولار التي قدمها البنك الدولي، وهنا نشدد أيضاً على ضرورة تغيير ادارة الملف الاقتصادي، فلو استمرت هذه الإدارة مع وجود ملف جديد يتضمن إعماراً وتنمية وتوجهاً نحو الاستثمار، لا يمكن لنا التقدم لأننا نحتاج اسلوباً جديداً لإدارة الملف الاقتصادي التي ثبت فشلها، وهنا التنمية يجب أن تكون بالقطاعات كافة، مختتماً القول: لكن اذا ما استمر ملف الاقتصاد بهذا النهج وهذه الادارة، فلن نستطيع أن نعمل أي شيء بهذا المجال.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here