سعود الاسدي شاعرية فوق الشعر ..!

بقلم : شاكر فريد حسن

سعود الاسدي هو احد الشعراء الفلسطينيين المبدعين الملهمين ، وشاعر الريف بلا منازع ، الذي نتنفس من قصيدته الروح الكنعانية ، وملامح الحياة الفلسطينية القروية والرعوية البسيطة .

انه مبدع بالفطرة يعيش للشعر والحياة ، مصدر الهامه ومنبع ابداعه المرأة والوطن والريف ، روحه تنزف بعشق الانثى الجميلة ، ومسكونة بجراحات الوطن الفلسطيني واوجاعه وهمومه .

صداقاته نوعية تقتصر على من ينتقيهم قلبه ، يجربهم ويراقب سلوكهم ، ويختبر معدنهم ومدى مصداقية شخصيتهم .

سعود الاسدي يبهرنا بقصائده الجمالية الرفيعة ، وألقه الروحي الموحي ، ولغته الشعرية الشعبية ، وتعابيره المرهفة السحرية الدافئة التي تدخل عميقاً الى القلوب .

ورغم انه بلغ من العمر عتياً ووخط الشيب شعر رأسه ، الا أنه عاشق للجمال الانساني ، وروحه لا تزال كروح الشباب ، محباً للغزل والنسيب .

وهو من أكثر الشعراء توصيفاً وتعبيراً عن الحسن والجمال الذي يكثر من التغني به ، وكما قال ابنه الشاعر تميم الاسدي انه شاعرية فوق الشعر .

ومن جميل ما كتبه قصيدة ” وين بدك ادعسي ” .. حيث يقول :

ما همني ورد المساء وورد الصباح

وما همني اللي فاح ول ما فاح

بيهمني ع الارض وين بتدعسي

مع كل دعسة قدم زهرة مقدسة

فله خزامه ، ياسمينه نرجسه

وتا تعرفي قديش بيفوح الحبق

والكون بصبح مزهرية عا طبق

امرك مباح ووين بدك ادعسي

وللشاعر سعود الاسدي مقطوعات كثيرة في باب التعلق بالريف ، منها ” با ريتني راعي ” نقتطف منها :

يا ريتني راعي ومعي جرابي

والعب تحت بطمه ع شبابه

ويرتعوا العنزات والداعي

يغز كوع ، وافتح كتابي

وفي قصيدة ” كان لي بزماني ” يقول :

كان لي بزماني منطرة براس الجبل

وبابها مشرع ما حدش سكرو

تطلع عليها الشمس تشبعها قبل

وتذوب في مزراب ذوب سكرو

وفي الليل لو نط القمر في الجايبه

وتسبح ونقط من ذيالو الحلا

راح وملس شعرو بزيت الخابية

وصاروا النجوم يرودحو يميحلى

وشاعرنا يداعب القمر في مقطوعة رشيقة وجميلة بعنوان ” القمر ملعون حرسه ” ومنها :

شوفي القمر قديش عالي في السما

سهران طول الليل عينو عالحمى

قدامو لا تومي ولا تحكي معو

ملعون هالحرسه بيفهم بالوما

وبهذه الروح الريفية تتابع صور قصائد سعود الاسدي ، فيخيل لنا انه يتعبد الطبيعة ، ويعشق الوانها واصباغها ويترنم باناشيدها كما يبدو انه يطيل النظر في لوحات الريف ويلتقط الصور كما يلتقط الرسام الماهر اصول لوحاته .

وتحتل القصائد العاطفية الوجدانية مركز الصدارة في ابداع سعود الاسدي ، وخاصة في ديوانه ” شبق وعبق ” ، وفي صفحته الفيسبوكية ، وما نشره في موقع صحيفة ” المثقف ” العراقية التي تصدر في استراليا .

ولنسمعه يقول في قصيدة ” يا حلوة العينين والمبسم ” :

يا حلوة العينين والمبسم

لا تسهري !

نامي على معصمي !

ما موسم في الحب لي مرة

بل كل يوم في الهوى موسمي

كوني اذا شئت كما زهرة

أشذاؤها بالغيم بي تحتمي

كوني كما الليل !

ولي خيمة ؟!

تشتاق لي ،

والأفق لي ينتمي

كم أنجم تغار من ليلنا

يا ويلتي من غيرة الانجم !

أهواك روضاً ها هنا برعم

أضمه شوقاً الى برعم

قبلت فيك الورد كم اشتهي

تقبيل ذا التمر بجمر الفم

لم ادر اني قد جمعت اللظى

لو لم يكن مثل اللظى في دمي

وهذه القصيدة تسيل رقة وعذوبة وحيوية كينبوع ماء صاف متدفق بين اشجار واعشاب وزهور وصخور جبلية جليلية .

ونجد سعود الاسدي في قصائده الغزلية رقيق المشاعر ، جميل وصادق البوح ، غزير العواطف ، يناجي المرأة /الحبيبة / الوطن / المكان الفلسطيني / يستحضر الالهة الكنعانية والاغريقية ، ويوظف تراث شعبنا وفولكلوره الباقي .

يمتاز سعود الاسدي بالعفوية في الاصطلاحات والتعاببر ، والتعلق بالارض ، والبراعة في نقلنا الى الريف رغم ان اكثريتنا يعيشون فيه دون أن يعوا سر عظمته ، والرقة في الغزل ، وفصحنة العامية .

وقصيدته فيها اروع الصور راجمل الاساليب ، واحفل الأداء بضروب البيان والوان التعبير ، وارتعاش الصور الفنية الفريدة ، وتعج بلغته الحية بالتشابيه والاستعارات والكنايات والتعابير والمفردات الريفية الفلسطينية .

نبغ شاعرنا سعود الاسدي في جميع الفنون ، فهو شاعر الحب والغزل والجمال ، وشاعر التصوف والوطنية والارياف ، وشاعر الطبيعة والوصف والمراثي وغيرها من شتى اغراض الشعر وفنونه ومذاهبه ، اوليس سعود الاسدي جدير بريادة القصيدتين الفصحى والعامية المحكية الشعبية في فلسطين ..!!

ومن ميزة قصائد سعود الاسدي ان كانت مواضيعها كتبت في اوقات مختلفة ، الا ان تناسقها يدل على تقارب مراميها ، والعواطف التي اثارتها هي عواطف روحانية انسانية وحنينية عشقية .

ابداع سعود الاسدي ونتاجه الشعري ، العامي والقصيح ، حديقة غناء لم بتمكن الخريف من تغيبر معالمها ، او شجرة تحمل زهراً عطراً واثماراً شهية ، بل هي الينبوع الصافي المغطى بالحشائش الخضراء تسرب بينها ماء زلال نقي وعذب .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here