الجيش يستعدّ لتحرير راوة ويمنع هروب داعش إلى جنوب الحضر والقيّارة

بغداد/ وائل نعمة

تقترب القوات المشتركة من إنهاء المرحلة الاولى لعملية تطهير غرب الانبار، التي انطلقت صباح السبت، وأسفرت عن تحرير ناحية الرمانة الحدودية في غضون ساعات قليلة.
وتتضمن الحملة العسكرية مرحلتين، الاولى تهدف لتحرير كل النواحي والقرى المحيطة بالقائم ومسك الحدود، والثانية لتحرير قضاء راوة، الذي بات آخر معاقل التنظيم في العراق.ولم تواجه القوات الاتحادية، المسنودة بمقاتلي العشائر وطيران التحالف، خلال تحرير الرمانة سوى مجاميع صغيرة من مسلحي داعش.
وترجح قيادات ميدانية ان يكون اغلب المسلحين قد هربوا باتجاه البادية السورية، والمناطق الصحراوية بين الانبار ونينوى.
وبسبب اتساع المنطقة الصحراوية، لم تستطع القوات المشتركة شن هجوم متزامن من مناطق جنوب وغرب الموصل، لمنع المسلحين من التسلل الى هناك.
بالمقابل يتوقع ان تقوم قوات عسكرية باقتحام قضاء راوة، الواقع شمال نهر الفرات، انطلاقاً من جنوب نينوى نظراً لانهيار كل الجسور التي تربط المدينة من جهة الانبار.وأعلن قائد عمليات تطهير الجزيرة وأعالي الفرات الفريق عبدالامير رشيد يارالله، مساء السبت، وصول القطعات العسكرية الى الحدود العراقية السورية غربي الانبار وتحرير ناحية الرمانة بالكامل.
وكان يار الله قد أعلن، صباح اليوم ذاته، بدء عملية واسعة لتحرير الناحية وقضاء راوة.

رحلة الفرار
ويعزو فرحان فتيخان، قائممقام قضاء القائم، التحرير السريع لمناطق غرب الانبار، الى هروب أغلب مقاتلي داعش الى خارج المحافظة.
وقال فتيخان، في اتصال مع (المدى) أمس، إن “القوات وجدت مقاتلين يعدون على عدد أصابع اليد في عملية تحرير القائم والرمانة”، مؤكداً أن تلك المجاميع الصغيرة “قتلت وأخرى تم اعتقالها”.وكانت التقديرات، التي سبقت الهجوم، قد توقعت وجود ما بين 1500 الى 2000 مسلح، أغلبهم من المسلحين المحليين.وذكر مصدر عسكري، اثناء عملية اقتحام الرمانة، لـ(المدى) ان “1500 مسلح هربوا من القائم إلى الرمانة”. وتوقع المصدر ان يكمل المسلحون رحلة الفرار باتجاه راوة ومناطق الصحراء بين العراق وسوريا.وخلال الاسابيع الماضية نفذ تنظيم داعش عمليات إعدام ميدانية بحق من يعتبرهم “متخاذلين” ممن امتنعوا عن القتال أو هربوا من مناطقهم.ويؤكد فتيخان ان “المسلحين هربوا باتجاه الصحراء بين الانبار ونينوى، وغرب بلدة البو كمال السورية خصوصاً بعد سيطرة داعش على المنطقة مرة أخرى”.
وكان التنظيم قد استعاد السيطرة على أغلب مدينة البوكمال، التي تبعد نحو 4 كم عن الحدود العراقية، بعد ساعات من تحريرها على يد القوات السورية الخميس الماضي.وتقول مصادر عسكرية قريبة من عمليات غرب الانبار، ان “اتساع المساحة بين الانبار ونينوى لم يسمح بإطلاق عملية متزامة من جنوب الموصل لمنع هروب المسلحين”.وكان نحو 30 عجلة يعتقد انها تابعة لمقاتلي داعش، قد خرجت من “راوة” باتجاه الحضر والقيارة، جنوب الموصل.
ويقول النائب عن نينوى عبدالرحمن اللويزي إن “مواجهة بين القوات العسكرية وتلك العجلات قد حدثت وتم إحراق 10 سيارات”.
ويؤكد اللويزي، في حديث مع (المدى) امس، ان “عملية التسلل من الانبار الى نينوى لايمكن السيطرة عليها بسبب المناطق الواسعة ووعورة الارض”.
وتنتشر في الصحراء الرابطة بين المحافظتين، قرى بعيدة ومتناثرة. يقول اللويزي، الذي ينحدر من مناطق غرب نينوى، ان “مناطق تسمى بالموالح، تعتبر أوكاراً طبيعية لاختباء المسلحين بسبب تضاريسها المعقدة”.
ويعتقد النائب عن نينوى أن “داعش ظهر من هناك قبل أن يهاجم المدن في 2014 وسينتهي من هناك ايضا”.بالمقابل يؤكد مصدر عسكري في الانبار أن “هناك قوات عسكرية ستقوم بمهاجمة راوة من قضاء الحضر”.وتقع الحضر جنوب غرب الموصل، الذي تحرر في نيسان الماضي، على مسافة 180 كم عن غرب الانبار.

الهجوم على راوة
ويقول المصدر، الذي تحدث لـ(المدى) طالباً عدم الكشف عن هويته أمس، ان اختيار مهاجمة راوة انطلاقاً من قضاء الحضر يعود الى “انقطاع كل الجسور المؤدية الى راوة”.
ويقع قضاء راوة، 90 كم شرق القائم الى شمال نهر الفرات الذي تحول الى مصد طبيعي منع تسلل مسلحي داعش باتجاه عانة.
وسهّل الفرات عملية عزل قضاء راوة، الذي بات محاصرا من ثلاث جهات، وتجاوزته القوات لتحرير القائم.ويقول قطري العبيدي، القيادي في حشد غرب الانبار، إن “داعش أخلى راوة من مسلحيه وهرب باتجاه الصحراء”.وأكد العبيدي، في اتصال هاتفي مع (المدى) أمس، أن “المسلحين تركوا بعض المفارز التعويقية من المقاتلين المحليين في راوة”.
وكشف القيادي في الحشد العشائري عن “نزوح عدد من العوائل من النهر باتجاه منطقة الحصي في الضفة الثانية من الفرات”، مشيرا الى ان “عملية النزوح جرت بالتنسيق مع قطعات الفرقة السابعة/جيش”.
ويعيش في راوة نحو 25 ألف نسمه، قبل ظهور داعش قبل 3 سنوات، بقي منهم نحو 12 ألفاً فقط. من جهتها تؤكد نهلة الراوي، ممثل القضاء في مجلس الانبار، صعوبة معرفة ما يجري في راوة بشكل واضح بسبب انقطاع الاتصالات بشكل كامل.وتقول الراوي، في تصريح لـ(المدى) أمس، ان “هناك أعداداً قليلة من السكان، كما أن مسلحي داعش أعدادهم بالعشرات”. واضافت “بعد عملية تحرير القائم بدأ عناصر التنظيم يظهرون في المساء فقط خوفا من قصف الطائرات بحسب شهادات نازحين”.وكانت موجات النزوح السابقة، تجري عبر اجتياز الصحراء باتجاه المناطق الحدودية بين العراق وسوريا. وهي عملية تستغرق أياماً وسط مناطق نائية.

العودة إلى الحدود
ومهدت العملية الاخيرة لتحرير ناحية الرمانة لسيطرة القوات العراقية على كل الحدود العراقية مع سوريا من جهة الانبار، الممتدة على شريط طوله نحو 300 كم من منفذ الوليد الى شمال القائم، 450 كم غرب بغداد.
ويؤكد قائممقام القائم فرحان فتيخان ان “القوات العراقية والحشد العشائري، بدأوا بوضع النقاط الحدودية وعملية مسك الشريط مع سوريا”.
ودمر داعش، خلال عملية “كسر الحدود” بين العراق وسوريا في ٢٠١٤، جميع الإشارات والسواتر التي توضح حدود الدولتين، لاسيما عند قضاء “القائم” المتاخم لمدينة البو كمال.وأصبح العراق الآن يسيطر على أكثر من نصف الشريط الحدودي الفاصل بين الدولتين، التي تمتد لمسافة أكثر من 600 كم. ويتقاسم الحشد الشعبي وقوات حرس الحدود السيطرة على الحدود، رغم إمكاناتهما المتواضعة بحسب مسؤولين.وكان الحشد قد سيطر على 70 كم من الحدود العراقية السورية في غرب البعاج، وأعلن حينها بانه سيستمر في مسك الحدود جنوباً الى القائم. لكن النائب عبدالرحمن اللويزي يقول ان “عملية التقدم متوقفة الآن، ربما ستبدأ بعد تحرير راوة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here